أصبحت جريمة الإخفاء القسري لمعارضي حكم العسكر، حلقات لا تنتهي في مسلسل جرائم سلطات الانقلاب، في ظل الظلم والقهر الذي يعيشه المصريين منذ الانقلاب العسكري.
وفي ذكري اليوم العالمي لـ" الاختفاء القسري " 30 أغسطس"، ومع طول الأزمة، يتفاقم الألم وتتزايد لهفة ذوي المختفون قسريًا على أحبابهم متساءلين: هل مازال حيا؟ أيكون في أقصى شمال البلاد أم جنوبها؟ هل دفنوا جثته أما تركوها لعراء الوطن؟ هل مات من التعذيب أم من الحزن؟ هل سيمر العيد بدونه كحال العام الماضي أم سيمنحونه فرصة أخرى للحياة؟.
وتتوالى الأسئلة في الوقت الذي تنفي فيه سلطات الانقلاب وجود حالات اختفاء من الأساس.
الإخفاء القسري جريمة
الاختفاء القسري هو الاحتجاز أو الاختطاف، أو أي عمل يحرم الإنسان من حريته، على يد جهة تابعة لسلطة ما أو أشخاص يتصرفون بدعمها أو إذنها، ولا تعترف تلك الجهة بحرمان المختفي أو المختطف من حريته، بل تنكر معرفة مصيره ومكان وجوده.
وتنص الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في المادة الأولى على أنه، لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري، ولا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري.
وتعتبر المادة (7) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية "الاختفاء القسري" جريمة ضد الإنسانية، ولذلك يعتبر ضمن الولاية القانونية لها.
وتعرفه الفقرة (ط مكررة) من نفس المادة بأنه "إلقاء القبض على أي أشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من قبل دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل، أو بسكوتها عليه، ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم، أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم، بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة".
وتنص الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في مادتها الأولى على أنه "لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري"، وفي المادة الثانية على أنه "لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري".
وتؤكد المادة السابعة من نفس الاتفاقية على تجريم "كل من يرتكب جريمة الاختفاء القسري، أو يأمر أو يوصي بارتكابها أو يحاول ارتكابها، أو يكون متواطئًا أو يشترك في ارتكابها".
إخفاء معارض الانقلاب
تفاقمت جريمة الاختفاء القسري بعد انقلاب 30 يونيو 2013، الذي قاده عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس المدني المنتخب د. محمد مرسي، وأصبحت في طليعة الانتهاكات الأساسية لحقوق الإنسان التي تمارس بشكل منهجي، ما يثير الرعب في المجتمع".
أصدرت العديد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية في مصر، إحصائيات وبيانات عن حالات الاختفاء القسري التي وقعت في ظل سلطة الانقلاب العسكري.
وذكر تقرير لـ"التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" أن 2811 شخصًا تعرضوا للاختفاء القسري من قبل الأجهزة الأمنية خلال الفترة من يوليو 2013 وحتى يونيو 2016، بينها 1001 حالة اختفاء خلال النصف الأول من العام الجاري، بمعدل خمس حالات يوميًا.
كما أفاد تقرير صادر عن المفوضية المصرية للحقوق والحريات باختفاء 912 قسريًا بين أغسطس 2015 و2016 بمعدل ثلاث حالات يوميًا.
أما إحصاءات المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي تعين حكومة الانقلاب أعضاءه، فرصد 266 حالة بين أبريل 2015 ونهاية مارس 2016، دون إدانة أو دعوة للمحاسبة.
وفي تقرير لها، قالت منظمة العفو الدولية (أمنستي) إن قطاع الأمن الوطني في مصر يعذب الناس ويخضعهم للاختفاء القسري لترهيب المعارضين، موضحة أن موجة اختفاء الأشخاص شملت مئات الطلاب والنشطاء والمتظاهرين من بينهم أطفال.
وأوضحت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات أن جهات أمن الانقلاب تلجأ لإخفاء المعارضين قسريًا بغرض "تهديد وتعذيب المحتجز للحصول على معلومات بعيدًا عن الجهات الرقابية. ويُعذب المحتجزون بشدة ويُمنع عرضهم على النيابة أو إيصالهم بذويهم حتى لا تكتشف جريمة التعذيب بينما "تتم تصفية آخرين".
ويعطي إخفاء المتهمين الجهات الأمنية فرصة إبعاده عن بقية المتهمين الذين لم يتم القبض عليهم، فالإخفاء القسري وسيلة يستخدمها النظام لإرهاب معارضي حكمه.
لا تزال مئات الأسر التي فجعت باختفاء أحد أفراد الأسرة؛ لا تعلم مصير المختفين، سواء كانوا من الأولاد أم الآباء أم الأصدقاء المفقودين، ولم يتم الكشف عن مصيرهم حتى هذه اللحظة.
أضف تعليقك