حقيقة استغرقني التفكير في هذا المجتمع وحينما استبعدت الساعة المتبقية علي صلاة العصر ولف الفضول برأسي أردت أن استثمر الوقت المتبقي في سبر أغوار هذا المجتمع ومعرفة الكثير عنه بشكل خاطف وبشكل عناوين عريضة..
أريد أن أروي شغفي بمعرفة هذا المجتمع ، اعطني كوب شاي واقترب مني أحدثك فحديثك رائع ، دني مني في أدب جم وحدثته عن كيفية بناء هذه البيوت في قلب البحيرة كيف تم ادخال كمية الزلط والرمل والاسمنت والطوب والحديد في هذه الدروب الضيقة ، واهم الأنشطة ، وكيف الليل عندكم واعتقد أن السحر يلف المكان ليلاً ، ونهاراً ، حيث لا سبيل للخروج من البيت إلا واللانش ملاصقاً لعتبة الباب ، منظر تخال نفسك في مدينة فينيسيا العائمه ولكن بروح الشرق المبتهجه..
حدثني وأفاض في الحديث وكنت أرهقه بوضع العراقيل والسدود أمامه لاستدرجه في موضوع آخر فلدي شغف لكثرة المعرفه عن كل شيئ وبسرعة وهو لديه شغف للاسهاب والاطناب والتفصيل والوقت يمر منتحراً علي حروف كلماته العذبه وصدق حديثه وروايته ، أذن العصر وصلينا كما صلينا الظهر وبدأنا نستعد بعد الصلاة للخروج ، نجلس علي الشاطئ والمياه أمامك واللانش ملتصق بالشاطئ في حميمية والله ساحره فسائق اللانش قبل ان يقف أشعر أنه يترك العنان للانش في اللحظات الأخيرة فيعانق اللانش الشاطئ معانقة فطرية..
وكأن اللانش يعرف مكانه وكأن الشاطئ ينتظره ، ركبنا وبدأت الشمس تأخذ لونها الذهبي ، وبدأت أنا أري البحيرة بعين غير التي دخلتها بها ، فكأن أُلفة صارت بيني وبين البحيرة فتجمل في عيني كل شئ الشمس علي صفحة المياه صوت اصطدام المياه باللانش استعراض السائق لمهارته في القيادة وحرفته في أن يجعل اللانش يطير وكأنه ينزلق علي لوح زجاجي لا اري حركة للماء ونحن مسرعون لا أري إلا لوحاً كبيراً من الثلج ونحن ننزلق عليه بسرعة مجنونة جعلتني اتفقد موقعي واتشبث بما حولي من اللا شيئ حتي لا أترك اللانش يمر من تحتي واشرت للقائد بما لا معني له لكنه فهم أنني أريده أن يخفض السرعة وأحسبه قد فعل..
وصلنا إلى مضيفة الشيخ ضرغام وكانت عجباً اللانشات تقف في موقف مهيب والمضيفة رائعة المنظر بفلكولوريتها الساحره ، دخلنا حيث سيقف اللانش وتوقفنا لنهبط علي يابسة المضيفة فقام الجميع لمقابلتنا ونزلنا فخلعت حذائي فتناوله مني شاب بلهفة فاستغفرت الله ونظرت حولي وكأنني أرجو تفسيرا لما يحدث فنظر لي احدهم وقال بلهجته المليئة بالشهامة سيبها له يا استاذ سيبها..
فتركتها له وحقيقة هذا الحذاء في رابعة مع حقيبة ملابسي يوم الفض.. المهم المضيفة واسعة ومفروشة بقش أرز جديد إكراماً للضيوف وهذه احد عاداتهم ، يتم تغير القش ، كلما حدث جديد ويكون هناك ضيوف جدد، جلسنا وتعارفنا والمنظر خرافي داخل المضيفة والمياة أمامنا والقوارب والناس المنتظرة ، منظر مهيب ، تعرفت علي القضاة الآخرين وكان منهم رجلاً سيناوي نحيف الجسم سميك وسمين وثمين الأثواب ، يرتدي أثواباً متعدده فوق بعضها ليتسول حجما ليس له ويكسب نفسه مهابة سقطت من عيني من أول حديثه.. وبعد أول جملة نطقها وانا بدأت أجهز اسلحتي لمبارزته..
أضف تعليقك