باتت التصفية الجسدية للمعارضين هي النهج الأمني الذي يتبعه العسكر في مصر، منذ انقلابهم بقيادة السفاح عبد الفتاح السيسي عام 2013، ضد أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر د. محمد مرسي.
وزادت عمليات التصفية بحق معارضين، منذ تولي وزير داخلية الانقلاب، مجدي عبد الغفار، مهام منصبه في مارس 2015، لكن وتيرتها تسارعت عقب زيارة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، قطاع الأمن الوطني في مارس الماضي، معربًا عن تقديره لما أطلق عليه "جهود الأمن الوطني"، وأجهزة وزارة الداخلية، لدورهم الذي يقومون به في "حماية الدولة"، وتعهده بتقديم كل الدعم للقطاع، لرفع قدراته على مواجهة التحديات، وعلى رأسها "الإرهاب"، على حد زعمه.
وجاءت آخر جرائم سلطات الانقلاب بتصفية عشرة مواطنين، في وضح النهار بأرض اللواء، في الوقت الذي لم تنجح داخلية السيسي، في إقناع المراقبين والمتابعين، بالرواية المتداولة عن تصفية الشباب العشرة، أمس الأحد، خلال مداهمة شقتين سكنيتين في منطقة أرض اللواء.
رواية كاذبة
أعلنت وزارة داخلية الانقلاب أمس الأحد إن قواتها قتلت عشرة أشخاص "في تبادل لإطلاق النار" أثناء مداهمة شقتين في منطقة "أرض اللواء" بمحافظة الجيزة.
وأضافت الوزارة في بيانها الكاذب أن تسعة رجال شرطة بينهم أربعة ضباط أصيبوا بجروح وكدمات مختلفة أثناء المداهمتين اللتين وقعتا متزامنتين فجر أمس.
وجاء في البيان "توافرت معلومات لقطاع الأمن الوطني تؤكد اتخاذ مجموعة من العناصر التكفيرية الهاربة من شمال سيناء من شقتين سكنيتين بمنطقة أرض اللواء بمحافظة الجيزة وكرين للاختباء وعقد لقاءاتهم التنظيمية والإعداد لتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية بنطاق محافظات المنطقة المركزية".
وأضاف البيان "فوجئت القوات حال مداهمة (الشقة) الأولى بإطلاق أعيرة نارية تجاهها وقيام أحد العناصر بإلقاء عبوة متفجرة عليها إلا أنها انفجرت فيه".
وذكر البيان أن "تبادل إطلاق النار أسفر عن مقتل جميع المسلحين في الشقة وعددهم ثمانية أشخاص، بينما قُتل مسلحان آخران في الشقة الثانية بعد اشتباك استمر لأربع ساعات".
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن القتلى كانوا يعتنقون أفكار تنظيم الدولة "داعش".
وكشفت داخلية الانقلاب عن هوية 6 من الضحايا، أغلبهم من الطلاب والشباب، وهم : «أكرم الأمير سالم محمد حرب (مواليد 1979/8/1 القاهرة ويقيم بحدائق حلوان/ فني حاسب آلي)، وعمر إبراهيم رمضان إبراهيم الديب (مواليد 1994/12/3 القاهرة ويقيم بها 103 شارع السباق/ مصر الجديدة– طالب)، معاذ أحمد يحيى أحمد (مواليد 1995/11/18 الجيزة ويقيم بها 10 شارع 3 مدينة النور/ إمبابة)، وحمزة هشام حسين إبراهيم (مواليد 1995/10/18 القاهرة ويقيم بها المطرية/ 3 شارع محمد سليمان/ عزبة شوقي– طالب بكلية الآداب بحلوان)، وشريف لطفي خليل عبدالعزيز (مواليد 1974/8/11 الجيزة ويقيم بها العجوزة/ ميدان لبنان/ 24 ش النيل الأبيض)، وخليل سيد خليل أحمد (مواليد 1990/12/11 الجيزة ويقيم بها ميت عقبة/ وادي النيل/ 8 ش محمود حبيش)».
أدلة على الكذب
وعلق المستشار أحمد سليمان وزير العدل في حكومة الدكتور هشام قنديل، خلال ملاحظاته علي رواية داخلية الانقلاب عن تصفية عشرة من الشباب، قائلا: "يبدو أن شيئا من الخجل أصاب الداخلية بعدما أصبحت رواية أن المجني عليهم قتلوا نتيجة تبادل إطلاق النار ودون إصابة أحد من أفرادها محل سخرية الشعب، فأرادوا تغيير سيناريو التصفية ولكنهم وقعوا في خطأ فادح فقالوا أن بعض أفرادها أصيبوا نتيجة تبادل إطلاق النار بكدمات وجروح، وفاتهم أن هذه الإصابات لاتحدث من سلاح ناري .
وأضاف سليمان خلال تدوينة على "فيس بوك" اليوم الاثنين، "كما قالت الداخلية أنه لم يتم التعرف علي اثنين من المجني عليهم ، لاحظ أن التحريات قالت أنهما إرهابيين ورغم ذلك لم تتعرف علي اسميهما ولاحظ أن عملهم غالبا مايتسم بالتلفيق والكذب، وتذكر أن الا نتربول. شطب اسماء المصريين المطلوب القبض عليهم جميعا عدا واحد وعلي رأس من تم شطب أسمائهم فضيلة العالم الدكتور يوسف القرضاوي وذلك بتلفيق الاتهامات الجنائية وأنها في حقيقتها اتهامات سياسية .
فيما أكد الصحفي أحمد إبراهيم المتخصص في الشأن السيسي، إن هناك 3 أدلة تنسف رواية «الداخلية» عن تصفية 10 من الشباب المختفين قسريا، في أرض اللواء، بمحافظة الجيزة.
وسرد إبراهيم ملاحظاته خلال تدوينة على "فيس بوك" قائلا: "*أغلب الإصابات في الرأس، ما يعني أن الضحايا تم استهدافهم من مسافة صفر. *الضحايا كانوا يقطنون الدور الثالث، ومعهم (أسلحة ومتفجرات وأحزمة ناسفة) وفق الرواية الرسمية، ولم ينجحوا في قتل أي عنصر من قوة المداهمة، ما ينفي الرواية الهندية عن حدوث اشتباكات من الأساس.
*إصابة 6 من أفراد الأمن خلال العملية بـ«كدمات»، وفق البيان الرسمي، والكدمات لا تحدث من سلاح ناري، ربما كانوا يتمازحون حول أسبقية من يقوم بالرماية على أجساد الأبرياء!!!".
التصفية.. سياسة العسكر
وخلال النصف الأول من عام 2017 ارتفعت وتيرة هذه العمليات إلى أكثر من سبعين، بينما بلغ عدد قتلى عمليات التصفية الجسدية خلال العام الماضي أربعين قتيلا، بحسب مصادر حقوقية.
وتكذب منظمات حقوقية وقوى سياسية معارضة روايات وزارة داخلية الانقلاب التي تقول في بياناتها الرسمية إن قتلى هذه العمليات قضوا في مواجهات مسلحة وتبادل لإطلاق النيران، وتؤكد أن أغلب هؤلاء الضحايا ألقي القبض عليهم في أوقات سابقة وكانوا في عداد المختفين قسريا.
ووفق تسجيل صوتي لوالد الضحية «عمر إبراهيم الديب»، فإن نجله الذي عاد لقضاء الإجازة في مصر، كان معتقلًا لدى أجهزة الأمن في محافظة الجيزة، وقد يكون تعرض للقتل في أحد المقار الأمنية، وتم نقل جثته لشقة «أرض اللواء»، قائلا: أنا فخور إن ابني شهيد، وأتمنى أن أكون شهيدا معه، إنا لله وإنا إليه راجعون، هذا قدر الله، وأنا راض بقضاء الله، صامدون على الحق وإن قتلونا جميعا».
أضف تعليقك