50 هيئة اقتصادية كلها مملوكة للدولة بالكامل، تم فصل موازناتها عن الموازنة العامة للدولة منذ عقود، لكنها مازالت ترتبط بموازنة الدولة والتى تحصل منها على إعانات ومساهمات، وتقدم لها ما تحصل عليه من أرباح. لكن وزارة المالية توقعت أن يسفر صافى العلاقة ما بين الموازنة والهيئات الاقتصادية، خلال العام المالى الأخير 2016/2017 عن عجز يبلغ 37.5 مليار جنيه، مقابل صافى عجز بالعام المالى الأسبق بنحو 24 مليار جنيه.
ورغم أنه من المفترض أن الهيئات الاقتصادية تهدف للربح بخلاف الهيئات الخدمية الحكومية، إلا أن ما يقرب من نصفها يعانى من الخسارة، ومن بين الخمسين هيئة اقتصادية أعلنت وزارة المالية نتائج أعمال 47 هيئة، ولم تعلن شيئا عن ثلاث هيئات هي: جهاز الخدمات العامة بوزارة الدفاع وصندوق أراضى وزارة الداخلية وصندوق التصنيع والإنتاج للسجون.
ومن بين الهيئات التي تم إعلان نتائجها للعام المالى 2015/2016، ربحت 26 هيئة بينما خسرت 18 هيئة، وتساوت الإيرادات والمصروفات بثلاث هيئات بفضل الإعانات الحكومية لها. وهي: هيئة التأمين الاجتماعى الذي حصلت على إعانات بنحو 44 مليار جنيه والمؤسسة العلاجية بالقاهرة والتى حصلت على إعانات بنحو 13 مليون جنيه، والمؤسسة العلاجية بالإسكندرية بعد حصولها على إعانات بنحو 6 مليون جنيه.
وبلغ إجمالى خسائر الهيئات الخاسرة الثمانية عشر 12 مليار و263 مليون جنيه، مما يضغط على المصروفات بالموازنة ويدفع الحكومة لتقليل الإنفاق على الدعم والاستثمارات الحكومية وأجور الموظفين وزيادة الضرائب والرسوم.
أعلى الخسائر بالسكة الحديد والتليفزيون
وكانت أعلى الهيئات خسارة بالعام المالى الأسبق هيئة السكة الحديد بنحو 5 مليار و240 مليون جنيه، يليها اتحاد الإذاعة والتلفزيون بخسارة 4 مليار و611 مليون جنيه خلال عام، وبنك الائتمان الزراعى 629 مليون جنيه، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة بخسارة 588 مليون جنيه، وهيئة النقل العام بالقاهرة بخسارة 391 مليون جنيه.
أما أقل الخسائر قيمة فكانت بجهاز تنظيم النقل بالقاهرة الكبرى بنحو 315 ألف جنيه فقط، وهيئة المشروعات الصناعية والتعدينية 4 مليون جنيه، وجهاز تنمية التجارة الداخلية 8 مليون جنيه، والصندوق الحكومى لتغطية الأضرار الناتجة عن مركبات النقل السريع بخسارة حوالى 10 مليون جنيه.
وشهدت عشر هيئات اقتصادية من بين الثمانية عشر الخاسرة زيادة بقيمة الخسائر بالمقارنة بالعام المالى الأسبق، بينما تراجعت قيمة الخسائر في ست هيئات، وتحول بنك الائتمان الزراعى من الربح بالعام الأسبق إلى الخسارة بالعام المالى 2015/2016.
وتراجعت قيمة الخسائر بهيئات: النقل العام بالقاهرة وهيئة السلع التموينية واتحاد الإذاعة والتلفزيون، وهيئة المشروعات الصناعية والتعدينية وجهاز تنمية التجارة الداخلية، وجهاز تنظيم النقل بالقاهرة الكبرى.
الأجور أعلى من إيرادات هيئة المساحة
بينما زادت خسائر هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة من 450 مليون جنيه إلى 588 مليون بزيادة 138 مليون جنيه، رغم حصولها عل إعانات حكومية بنحو 38 مليون وزيادة ايرادات النشاط بها، بسبب زيادة الإنفاق على الخامات والوقود إلى 90 مليون جنيه مقابل 16 مليون بالعام الأسبق، وارتفاع الأجور إلى 72 مليون مقابل 63 مليون، وزيادة المصروفات إلى 65 مليون مقابل 10 مليون وانخفاض إيرادات الأرباح الأخرى.
وارتفعت خسائر هيئة المساحة بسبب زيادة الأجور لتصل 257 مليون جنيه بينما كانت إيرادات النشاط بها 243 مليون فقط، وارتفعت خسائر هيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية إلى 2.596 مليون مقابل 2.593 مليون، بسبب ارتفاع الأجور والمصروفات والإهلاك.
وزادت خسائر هيئة الأوقاف من 27 مليون إلى 67 مليون، بسبب زيادة الأجور إلى 167 مليون مقابل 110 مليون، وزيادة الأعباء والخسائر من 512 مليون إلى 606 مليون، كما ارتفعت خسائر الهيئة الزراعية المصرية وهيئة المحطات المائية لتوليد الكهرباء، والسكة الحديد وهيئة المعارض وهيئة نقل الركاب بالإسكندرية وصندوق تغطية الأضرار الناتجة عن مركبات النقل السريع داخل مصر.
خسائر مرحلة بعشرات المليارات
والأخطر من خسائر الهيئات الثمانية عشر خلال عام 2015/2016، هو وجود خسائر مرحلة ضخمة بها بالعام الأسبق أى 2014/2015 بلغت 42.5 مليار بالسكة الحديد و32 مليار باتحاد الإذاعة والتلفزيون، 4.7 مليار بهيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية 4.5 مليار بهيئة النقل العام في يونيو 2015.
وهكذا كانت هناك خسائر مرحلة كبيرة ببنك الائتمان الزراعى وهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، وهيئة نقل الركاب بالإسكندرية وهيئة المعارض وهيئة تنفيذ مشروعات المحطات المائية لتوليد الكهرباء في يونيو 2015.
وتزداد الخطورة مع توقع وزارة المالية استمرار خسارة 12 هيئة اقتصادية، خلال العام المالى الأخير 2016/2017 بنحو عشر مليارات من الجنيهات، وهو العام الذي لم يتم إعلان نتائجه الفعلية بعد، لكننا نتوقع زيادة عدد الهيئات الخاسرة عن ذلك.
كما نتوقع استمرار وجود خسائر مرحلة بنحو 19 هيئة اقتصادية على الأقل حتى يونيو الماضى، ثم استمرار نزيف خسائر الهيئات الاقتصادية بالعام المالى الحالى 2017/2018، حيث لا توجد شواهد تشير إلى اتخاذ إجراءات مؤثرة لتلافى تلك الخسائر حتى الآن.
41 مليار خسائر اتحاد الإذاعة والتلفزيون
وحتى تتضح صورة خطر خسائر الهيئات الاقتصادية المرحلة، نأخذ مثالا باتحاد الإذاعة والتلفزيون الذي بلغت خسائره المرحلة 32 مليار جنيه حتى العام المالى 2014 /2015 أى في يونيو 2015، ثم أضيف له خسائر 4.6 مليار جنيه بالعام المالى 2015/2016 لتصل خسائره المرحلة بنهاية ذلك العام المالى 36.6 مليار جنيه أى في يونيو 2016.
ثم توقعت وزارة المالية بلوغ خسائر الاتحاد بالعام المالى الأخير 2016/2017 نحو 4.6 مليار جنيه، رغم تكفل وزارة المالية بدفع أجور العاملين به الشهرية والبالغة 220 مليون جنيه شهريا أى 2.64 مليار جنيه بالسنة. لتصل خسائره المرحلة حتى نهاية يونيو من العام الحالى 41.3 مليار جنيه، وهي الخسائر المستمرة بالعام المالى الحالى 2017/2018 أى حتى الآن، دون قدرة على اتخاذ قرارات حاسمة لوقف النزيف رغم تكرار تشكيل لجان حكومية لبحث المشكلة، خلال عدة وزارات سابقة وحتى الوزارة الحالية.
وتتكرر نفس الصورة القاتمة بهيئة السكة الحديد ليصل إجمالى خسائرها المرحلة حتى يونيو 2017 نحو 52 مليار جنيه، وخسائر مرحلة بهيئة النقل العام بالقاهرة لتصل أكثر من 5 مليار جنيه بنفس الشهر، وبهيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة لتصل 4 مليار جنيه، وبهيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية لتصل 5 مليار جنيه، وبهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء لتصل 1.7 مليار جنيه، وبعدة هيئات اقتصادية أخرى منها البنك الزراعى وهيئة نقل الركاب بالإسكندرية، وهيئة مشروعات المحطات المائية لتوليد الكهرباء.
أضف تعليقك