مع استفحال مشكلة الإسكان في أنحاء مصر وارتفاع أسعار تمليك الشقق وهو النمط الذي ساد لسنوات ، مع انحسار تأجير الشقق بسبب تدنى قيمة الإيجارات، ثم عودة التأجير في شكل مرتفع القيمة محدد المدة ومتزايد القيمة عبر سنوات مدته ، وتكوين الأسر الجديدة وتوالي ظاهرة انهيار العقارات القديمة أو الحديثة لعيوب بمواد البناء، والهجرة من الريف للمدينة بحثا عن عمل .
وعلى الجانب الآخر تدنى دخول كثير من المصريين ، مما دفعهم لسكن أنماط متدنية تنوعت أشكالها ما بين : عشش الصفيح والقطع الخشبية والكرتون ، وقام البعض باتخاذ المحال والدكاكين التي يعملون بها كسكن أيضا ، وسكن آخرون تحت السلالم بمداخل البيوت أو بالجرايات ، بل وصل الأمر ببعض الصيادين للإقامة في مراكب الصيد التي يعملون بها بالنيل هم وأولادهم .
ووجد البعض أن هناك أحواشا داخل المقابر خالية، خاصة بمقابر المقتدرين ماليا الذين يقيمون حجرة مجاورة للمقبرة كي يستريحون بها خلال زيارتهم للمقبرة ، فتسللوا للإقامة بتلك الأحواش ، واتفقوا مع أصحابها على استمرار الإقامة ، وكانوا أكثر حظا من غيرهم من سكان العشش والأكشاك ، حيث أن تلك الأحواش مسقوفة بالإسمنت بما يحول دون تأثرهم بنزول المطر بعكس العشش المسقوفة بالقطع الخشبية والبلاستيك .
كذلك فإنها مبنية بالطوب بما يوفر لهم الحماية والخصوصية بينما لا يتوافر ذلك في العشش المقامة من القطع الخشبية والصفيح ، كما يعد سكن أحواش المقابر صحيا أكثر، نظرا لدخول الشمس إليها بعكس حجرات عشوائية أخرى تقع في أزقة أو تحت سلالم البيوت بحيث لا يرى ساكونها الشمس .
الريف يخلو من سكنى المقابر
كذلك فإن غالبية أحواش المدافن بها مياه للشرب من خلال الشبكة العمومية كما ترتبط بشبكة الكهرباء ، بعكس حجرات عشوائية عديدة يعتمد سكانها على نقل مياه الشرب من الحنفيات العمومية بالشوارع أو جلبها من بيوت الجيران ، وأصبح استخدام أسر المقابر الأجهزة الكهربائية معتادا خاصة التلفزيونات والغسالات الكهربائية العادية والثلاجات .
ولقد أشار تعداد السكان والمباني الأخير الى انتشار ظاهرة سكنى المقابر بغالبية المحافظات عدا سبع محافظات هي : السويس ودمياط والإسماعلية وبنى سويف والبحر الأحمر وشمال وجنوب سيناء ، وكان حوالى 76 % من سكان أحواش المدافن بالقاهرة العاصمة ، تليها محافظة القليوبية ثم محافظة سوهاج والأقصر وقنا ، وكانت أقل المحافظات لسكنى المقابر في المنيا وبورسعيد والوادي الجديد والشرقية .
والغريب أن جميع حالات سكنى المقابر كانت بالمدن ولم يرد وجود حالات سكنى للمقابر بريف أية محافظة ، رغم بلوغ عدد القرى أكثر من أربعة آلاف قرية ، عادة ما تكون لكل قرية رئيسية مدافنها الخاصة بها ، وقد يعود ذلك لزيادة معدلات التكافل الاجتماعي بالقرى عنها بالحضر وتجاور العائلات المرتبط بعلاقات نسب .
واستمرار بعض التقاليد بالريف مقابل تراجعها بالحضر، فما زال الريفيون يعتبرون إلحاق كبار السن بدور المسنين عيبا يجلب العار لمن يمارسه مع أحد والديه أو أحد إخوته ، بينما أصبح هذا الأمر عاديا بالحضر.
كما قد يعود اقتصار سكنى المقابر على المدن فقط، إلى انتشار العمران قرب المدافن ووجود المرافق بها، مما جعل البعض يتخذها مكانا للسكن والعمل معا، أو مكانا للسكن مع قربها من وسائل المواصلات، حيث تغلب الطبيعة الحرفية على السكان، كما يتخذها البعض مكانا ملائما لتعاطى المخدرات .
22 ألف أسرة تسكن الدكاكين
أما سكنى الدكاكين والذى تفتقد للمرافق الصحية حيت تخلو غالبا من موجود دورة مياه منفصلة، فيسكنها حسب جهاز الإحصاء الحكومي حوالى 22 ألف أسرة تضم حوالى 78 ألف فرد، منهم 43 ألف شخص بالريف و35 ألف بالحضر. وبعض هؤلاء يتخذ الدكاكين للسكن فقط وبعضهم يتخذها للسكن والعمل معا .
وأعلى محافظة بسكنى الدكاكين القاهرة بأكثر من تسعة آلاف شخص ، تليها محافظة الجيزة ثم الشرقية والبحيرة والدقهلية والإسكندرية، وكلها محافظات ذات أعداد سكانية كبيرة ، بما ينعكس على الازدحام وصعوبة إيجاد مساكن مناسبة للفقراء أو للقادمين للعمل من الريف .
أما سكان العشش والأكشاك الخشبية فذكر جهاز الإحصاء أنهم حوالى 14 ألف أسرة ، تضم حوالى 52 ألف فرد ، موزعين ما بين 46 % بالحضر وبالباقي بالريف، وكان العدد الأكبر لهم بمحافظة شمال سيناء تليها محافظة البحر الأحمر، ثم بورسعيد فالقاهرة وأسيوط والجيزة مع تواجدهم بكل المحافظات .
أضف تعليقك