تصب زيارة الجنرال المصري لفرنسا في صالح الاقتصاد الفرنسي الذي يعاني من عجز مزمن بالميزان التجاري السلعي، ونسبة بطالة عالية خاصة بين الشباب، واستمرار لحالة النمو الضعيف، وعجز مزمن بالموازنة، وكبر حجم الديون، وارتفاع نسبة الدين الحكومي.
كما يعاني من خسارة السوق الروسية بعد المقاطعة الأوربية لها، وزيادة تكلفة الأمن بعد حوادث العنف المتتالية التي تعرضت لها فرنسا منذ يناير 2015، والتي أثرت جزئيا على الإيرادات السياحة والطيران، إلى جانب تكاليف زيادة انتشار جنودها بأفريقيا.
ولذلك، تسعى فرنسا لزيادة علاقتها التجارية مع دول الخليج وإيران وغيرها من الدول، ومن هنا يمكن تفسير موقفها المتوازن من الخلاف الخليجي القطري، والمتوازن من الخلاف العراقي الكردي وسعيها لتهدئة العلاقات مع روسيا.
وخلال السنوات العشر الأخيرة استمر العجز بالميزان التجاري الفرنسي السلعي بلا انقطاع، ليصل إلى 72 مليار دولار بالعام الماضي، بينما تحقق التجارة السلعية الفرنسية المصرية فائضا تجاريا مستمرا لصالح فرنسا بلغ خلال العام الماضى 3ر1 مليار دولار.
كفرق بين صادرات مصرية بلغت 464 مليون دولار وواردات من فرنسا 1.7 مليار دولار، وتجيء فرنسا بالمركز الرابع عشر بين شركاء مصر التجاريين، وهي الأرقام التي لا تتضمن واردات السلاح المصرية من فرنسا والتي تزايدت بالسنوات الأخيرة.
ورغم خروج استثمارات أجنبية مباشرة ضخمة من فرنسا بالسنوات الأخيرة، إلا أن نصيب مصر منها كان محدودا.
ففي العام الماضي بلغ نصيب مصر 580 مليون دولار من إجمالي استثمارات خرجت من فرنسا قيمتها 57.3 مليار دولار، وجاء غالب تلك الاستثمارات بالعام الأخير من قيمة شراء شركة أورنج الفرنسية لرخصة الجيل الرابع للمحمول.
الاستثمارات مؤجلة والأولوية للتجارة
أما بالسنوات الخمس السابقة على ذلك فقد بلغ المتوسط السنوي لتلك الاستثمارات الفرنسية المباشرة بمصر 282 مليون دولار، ورغم تعدد زيارات رجال أعمال فرنسيين لمصر، كان آخرها في أبريل من العام الماضي مع زيارة الرئيس الفرنسي لمصر.
إلا أن حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي بمصر تؤجل تلك الاستثمارات، ليتم التركز على تعزيز حركة التجارة وخاصة زيادة الاستيراد من فرنسا وهو ما ظهر في مجال القمح.
وكان نصيب مصر من المعونات الفرنسية محدودا، بل أن بيانات البنك المركزي المصري تشير لعدم حصول مصر على معونات من فرنسا خلال عام تولي الرئيس محمد مرسي، كما بلغت المعونات الفرنسية بالعام الأول لنظام الثالث من يوليو 2013 حوالي مائة ألف دولار فقط ومثلها بالعام الثاني له، ولم تصدر بعد بيانات العام الثالث له.
وفى عام 2014 خرجت من فرنسا تحويلات للعمالة لدول العالم بلغت 13.8 مليار دولار، كان نصيب مصر منها 156 مليون دولار فقط.
وبلغ عدد السفن التي تحمل علم فرنسا التي عبرت القناة بالعام الماضي بلغ 172 سفينة، تمثل نسبة 1 % من عدد السفن للعابرة للقناة، كما كان نصيب صافي حمولة تلك السفن نسبة 1.6 % من إجمالي صافي حمولة السفن.
تراجع حاد للسياحة الفرنسية لمصر
ونظرا لكبر حجم الديون الخارجية الفرنسية فلم تقدم فرنسا قروضا لمصر ما بين عام 2013 وحتى مارس من العام الحالي، حيث بلغ دينها لمصر 1 مليار و85 مليون دولار، لتحتل لفرنسا المركز التاسع بين الدول المقرضة لمصر، وتراجعت قيمة الدين الفرنسي تدريجيا من 2012 وحتى مارس الماضي نتيجة سداد أقساط الدين وفوائده.
وكانت السياحة الفرنسية لمصر تمثل مركزا متقدما بين دول العالم لسنوات عديدة، حيث ظلت تحتل المركز الخامس ما بين عامي 2002 وحتى 2005، ثم تذبذب مركزها بالسنوات التالية حتى جاءت بالمركز التاسع عام 2012، ومنذ 2013 وحتى العام الماضي خرجت فرنسا من قائمة الدول العشر الأوائل.
وكان أعلى رقم للسياح الفرنسيين الواصلين لمصر عام 2010، حين بلغوا 599 ألف سائح بالمركز الخامس بين دول العالم، ثم تراجع العدد تدريجيا بالسنوات التالية بلا انقطاع ليصل إلى 101 ألف فقط بالعام الماضي، بنسبة تقل عن 2% من إجمالي عدد السياح الواصلين لمصر، وهو أقل عدد بالسنوات الخمس عشر الماضية.
ويرتبط ذلك بحادث سقوط طائرة مصرية عام 2004 في البحر الأحمر كانت متجهة من شرم الشيخ إلى باريس مات فيها 135 فرنسيا، ثم كانت أحداث عدم الاستقرار السياسي بعد ثورة 25 يناير 2011.
ثم حادث سقوط الطائرة الروسية بنهاية أكتوبر 2015، ثم سقوط طائرة مصر للطيران العائدة من فرنسا بالبحر المتوسط والتي مات فيها 15 فرنسيا من بين 66 راكبا لقوا حتفهم في مايو من العام الماضي.
أضف تعليقك