• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

لا تتوقف الكوارث في دولة الفاشل عبد الفتاح السيسي التي دشنها منذ انقلابه على الرئيس الشرعي المنتخب د. محمد مرسي عام 2013.

فيوم الجمعة الماضي فوجئ المصريون بهجوم مسلح على رتل لقوات الأمن في الكيلو (135) بطريق الواحات البحرية في الجيزة، يسفر عن مقتل 58 شرطيًا على الأقل وإصابة آخرين، بينما أعلنت وزارة داخلية الانقلاب بعد مرور نحو 24 ساعة من الحادثة أنّ 16 من قواتها قتلوا في الاشتباكات وأصيب 13 بجروح، وما زال البحث جاريًا عن ضباط من مديرية أمن الجيزة.

وقالت مصادر أمنية مصرية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنّ عدد قتلى قوات الأمن ارتفع إلى 55، وقالت مصادر إنّ المسلحين يحتجزون رهائن من الأمن بينهم ضباط.

ليكشف تكرار هذه الحوادث إلانهيار أوهام الخلفية العسكرية التي زرعها نظام الانقلاب في عقول الغلابة، للدفع بعبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم عبر الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، وافتعال الأزمات الأمنية، ليدخل بعدها نظام الانقلاب في حملة إعلامية تؤكد مدى احتياج مصر للخلفية العسكرية التي اثبتت فشلها.

تفاصيل المذبحة

لا أحد يعرف على وجه التحديد ما الذي جرى في الواحات وسط تضارب البيانات، ففي حين تصرح وزارة داخلية الانقلاب أن 16 فقط من قوات الشرطة -بينهم 11 ضابطا- قتلوا في اشتباكات وقعت الجمعة كما أصيب في الاشتباكات 13 آخرون، وأنها لا تزال تبحث عن ضابط مفقود، ذكرت مصادر أمنية وتقارير صحفية أن عدد قتلى قوات أمن الانقلاب في هجوم منطقة الواحات بلغ 55.

وذكر بيان لوزارة داخلية الانقلاب أنها تلقت معلومات عن وجود من سمتهم عناصر إرهابية في إحدى المناطق بالعمق الصحراوي بالكيلو 135 في طريق أكتوبر-الواحات، حيث اتخذوها "مكانًا للاختباء والتدريب والتجهيز للقيام بعمليات".

وأضاف البيان أن قوات الأمن توجهت إلى المكان، وأن تلك العناصر اشتبكت معها لساعات واستخدمت "أسلحة ثقيلة من كافة الاتجاهات"، وأنها قتلت وأصابت خلال الاشتباكات 15 من العناصر المسلحة، وأنها أجرت مطاردات بمشاركة قوات الجيش لعناصر مسلحة على مسافة تتراوح بين 25 و30 كيلومترا داخل الصحراء من نقطة تجمع القوات على طريق الواحات.

تجاهل الكارثة 

رغم مرور نحو يومين على الحادث، ظل الغموض والتجاهل الرسمي والارتباك الإعلامي يسيطر على المشهد، وسط تضارب للمعلومات حول حقيقة ما جرى وكذلك حول أعداد ضحايا الشرطة، وسط دعوات رسمية لوسائل الإعلام إلى نشر الرواية الرسمية وعدم نشر أي معلومات مضللة.

وكان قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أبرز الغائبين عما يجري، فالفاشل لم يصدر أي بيان أو تعليق أو إدانة للحادثة، على مدار يومين كاملين كما لم يسارع لعقد اجتماع مجلس الأمن القومي كما اعتاد أن يفعل مع كل عملية تستهدف قوات الجيش في سيناء، ولم يشارك كذلك في جنازة ضحايا الشرطة، واستنكر رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداول صور له وعلى وجهه ابتسامة عريضة أثناء المشاركة في احتفال بالذكرى الـ 75 لمعركة العلمين التي دارت أحداثها خلال الحرب العالمية الثانية عام 1942.

وبعد مرور يومين اكتفى قائد الانقلاب بالاجتماع بكبار القيادات الأمنية والعسكرية للاطلاع على تقارير بشأن الهجوم.

التجاهل الرسمي وفداحة الحادث دفعت عدد من ضباط الشرطة إلى التعبير عن غضبهم وامتعاضهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومنهم الضابط أحمد أسامة الذي نشر تدوينة على موقع فيسبوك أبرز ما جاء فيها "أنا كضابط هاستفيد إيه من كم الضغط المهول ده، وهل ما جرى عجز إمكانيات أم نقص في الخبرات أم حرب عصابات، أم أن الداخلية أضحت واجهة تتحمل الفشل، وكل ما يقتل واحد نقول قضاء وقدر، خدوا الكتافات والسلاح واشبعوا بيهم لو ده سيجعلني أعيش بني آدم زي خلق ربنا".

فشل أمني 

كشف حادث الواحات عن القصور والفشل الأمني في دولة الانقلاب، رغم ضياع مليارات الجنيهات على شراء الأسلحة وصفقات الطائرات والغواصات والحاملات البحرية، كما أنها فضحت الدولة الهشة في التعامل مع تنظيم مسلح لا يتجاوز عدد أفراده 500 فرد في سيناء أو في الصحراء الغربية.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلًا صوتيًا لطبيب بمستشفى العجوزة ينقل فيه شهادات مصابي هجوم الواحات.

وأكّد الطبيب في حديثه أنّ المواجهات مع المسلحين استمرت على مدار 12 ساعة، مؤكدًا تأخر الإمدادات والتعزيزات الأمنية، إضافة إلى قطع الإرسال  وفصل أجهزة الاتصال كافة؛ حتى أجهزة تحديد المواقع (GPS) لم تستطع تحديد المكان بعد 35 كيلو داخل الجبل.

وقال الطبيب، نقلًا عن مصابين أسعفهم، إنّ المسلحين هاجموا مدرعات الشرطة مستخدمين قذائف «الهاون» و«آر بي جي»، وحاصروا أفراد أمن الانقلاب عبر تفجير المدرعتين الأولى والأخيرة، ثم أطلقوا وابل الرصاص وجردوا القوات من أسلحتهم.

وروى الطبيب شهادة جندي قال إنّ «مخبر كمين القليوبية دلّ المسلحين، الذين تتراوح أعمارهم بين 20 عامًا و21، على هوية الضباط»، وأضاف أنّ «المسلحين عمدوا إلى تصفية الضباط واحتجاز أحدهم رهينة، بينما استهدفت تعجيز المجندين بإطلاق النار على أماكن تعجيزية في الجسم باحتراف».

وأضاف الجندي أنّ المسلحين أسروا النقيب «محمد الحايس»، وصفّوا ضابط أمن دولة بثماني رصاصات في الرأس، وأوضح أنّ المسلحين عادوا إلى مكان الحادث مرة أخرى في تمام الساعة العاشرة مساء واستولوا على أجهزة (GPS) من المدرعات، وحاولوا قيادة المدرعات ولم ينجحوا في ذلك وأخذوا كل الاسلحة.

وقال إنّ طائرة هليكوبتر عسكرية حاولت التدخل، لكنها تراجعت أكثر من مرة؛ خشية من استهدافها بالقذائف التي يستخدمها المسلحون من أعلى الجبل، موضحًا أنها بعد انتهاء الاشتباكات جمعت جثث القتلى والمصابين ونقلتها من موقع الحادث.

دولة التمميز حتى في الموت 

وفي نفس سياق فوضى داخلية الانقلاب في التعامل مع الحادث وضحاياه، عمدت داخلية الانقلاب في بيانها الذي أعلنته أول أمس السبت عن حادثة الواحات البحرية إلى تجاهل قتيل يدعى صلاح سعد الشوحلي، المشهور بـ«فزاع الشدايد» (30 عامًا)، من محافظة البحيرة، ويعمل دليلًا في الصحراء الغربية؛ لدرايته الكبرى بالمتاهات والطرق.

وفي تصريحات صحفية لعادل لطيف الشوحلي، عمّ القتيل، قال إنّ نجل شقيقه يعاون وزارة الداخلية منذ مدة، ويستخدم سيارات الجيب الدفع الرباعي، ودائم التنقل بين البحيرة والواحات من مدة لأخرى؛ بسبب حاجته للمال ولظروف العيش الصعبة، ولنقصل عمل مناسب في البحيرة.

وقال إنّ الأسرة تفاجأت بالحادثة، وأضاف: «استلمنا الجثمان وشيع وأقيم واجب العزاء مساء اليوم، وبالرغم من ذلك لم يُعلن عن اسمه ضمن قائمة من أطلقت عليهم داخلية الانقلاب "شهداء الواجب" الذين أعلنت عنهم».

وتساءل مستنكرًا: «لماذا التمييز في المعاملة؟! كلٌّ كان يؤدي عمله، وللأسف لم نتلق أي عزاء من الدولة أو وزارة الداخلية، أو حتى قيادات الأمن في المحافظة أو المسؤولين التنفيذيين في البحيرة».

أضف تعليقك