• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

أخشى على الصديق الناشط السياسي والحقوقي، خالد علي، من أن يشعل النار في مستقبله السياسي، في اللحظة التي يقرّر فيها النزول إلى مستنقع ما تسمى الانتخابات الرئاسية في مصر 2018.

يدرك خالد علي جيدا أنها محرقة. من لا يحترق فيها يخرج وقد علق به غبار وسخام، لا ينمحي مع الأيام، ذلك أن القائمين عليها لا يعترفون بالسياسة من الأساس، ولا يرون فيمن سواهم إلا أنتيكات تزين صالوناتهم، كي يراها الضيوف القادمون من بلادٍ تعرف الديمقراطية، لكنها تحب تجارة السلاح أكثر.

في مايو 2015، تحدث خالد علي من فوق أرضية الثورة، مبشراً بأن "الميادين ستمتلئ من جديد، وستعود الثورة، وسيتحرّر المساجين، ويدخل مكانهم سجانوهم".

كانت بقايا جماهير لا تزال تعرف الطريق إلى الشوارع، من دون أن يدعمها أو يرأف بحالها أحد، كونها كانت تهتف وتزأر ضد ما أدركت مبكرا أنه انقلابٌ على ثورتها، ومخرجات ثورتها، من حكم مدني جاء بشرعية الصندوق الانتخابي، وبما أن كلمة الشرعية كانت تثير حساسية أولئك السعداء بإطاحة رئيس منتخب وسجنه وحرمانه من أبسط حقوق السجين، فقد كان حراك هذه الجماهير يقابل بالسخرية، وأحياناً بالتحريض، وفي أفضل الأحوال بالفرجة، وكأنها جماهير تنتمي إلى قارة أخرى.

هذه الجماهير، هي ذاتها التي أضاءت الشارع والميدان، مع كارثة تسرّب أنباء بيع جزيرتي تيران وصنافير، أبريل 2016، تلك الجماهير التي بشر خالد علي بأنها ستملأ الميادين مرة أخرى، وكانت عند حسن التوقع، وحضرت في الموعد المضبوط للغضب من أجل الأرض والدم.

أعادت هذه الجماهير الحياة لما يسمى المجال العام مجدّداً، حين خرجت بشكل فاق التوقعات، وأربك الجميع، فخطب خالد علي من فوق أكتافها، يطلب منها العودة إلى المنازل، على أن تعود مجدّداً في مناسبة يوم تحرير أرض سيناء. وفي ذلك اليوم، برز خالد علي قائدا جماهيريا شابا، له كثير من الصدقية لدى مختلف التيارات، واستبشرنا خيرا بأن الحراك الثوري وجد من يحسن إدارته وتوجيهه، وقد سجلت وقتها أن "للتاريخ باب واحد، للدخول والخروج أيضا، وخالد علي، الحقوقي البارز، والمرشح الرئاسي السابق، ورئيس حزب العيش والحرية يقف على أبواب تاريخ جديد للثورة المصرية الآن.لقد ألقت المقادير بخالد علي  في وضعية "البوب"، اللقب الذي كان يطلقه الشباب المتحمس على محمد البرادعي 2010. وعلى ذلك، يتطلع الجميع إلى معرفة إجابات خالد على امتحان 25 أبريل.

 

باقي القصة معروف، ذهبت الجماهير إلى تظاهرات الغضب ضد بيع الأرض، حسب الموعد المتفق عليه مع خالد علي، لكن الأخير لم يأت، حبسه أكثر من حابس، وفقا للرواية التي وضعها بنفسه على صفحته في "فيسبوك"، ولم تقدم إجابة شافية عن سؤال الغياب.

 

فيما بعد، تم إغلاق المجال العام، إذ قرّر خالد علي تحويل مجرى النضال ضد بيع الأرض، من الشوارع والميادين، إلى قاعات المحاكم المغلقة، والاحتكام إلى الدستور والقانون، بمواجهة نظامٍ لا يعرف القانون، ولا يحترم الدساتير، فكانت النتيجة أن خسرنا تيران وصنافير، وخسرنا، معها، حق وقدرة الجماهير على النزول إلى الشارع.

 

ليس مطلوبا من خالد علي الآن سوى أن يقيس موضوع ما تسمى الانتخابات الرئاسية بمسطرة قضية تيران وصنافير، ويسأل نفسه: هل هذا نظامٌ يمكن منازلته بالقانون أو بالسياسة؟

 

كل الإجابات تقول إننا بصدد نظامٍ يحتقر القانون ويكره السياسة، ولا يعرف إلا القتل والتشويه والإبعاد، في تعامله مع معارضيه ورافضيه.

 

عليه أن يسأل نفسه: ما الذي يمكن أن تحصل عليه من منازلة الاستبداد سياسيا، أكثر مما حصلت عليه من مقارعته قانونيا في موضوع تيران وصنافير؟ ربما يكون الرد: فتح المجال العام، و الحصول على نافذة لمخاطبة الجماهير!

 

حسنا، سينفتح المجال العام حين تجد هذه السلطة نفسها وحيدة، لا تجد من يستر عورة استبدادها، بإلقاء ملاءة المشاركة في الانتخابات عليها.

 

أخشى أن أقول إن المعروض على خالد علي أقل كثيرا مما كان مفروضا على حمدين صباحي في العام 2014.

 

 

 

 

أضف تعليقك