• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

عندما يطالب الجميع بمكافحة وإسقاط الفساد، فهذا شيئ جيد، لكن ماذا عندما يطالب المفسدون أنفسهم بمحاربة الفساد، من خلال تأسيس مؤسسات لمحاربة الفساد، وإسقاط رموزه، كما فعل القذافى قبل هلاكه، فقد ظل ينعق حتى قبل سقوطه بيوم واحد وهو يردد أنه سيسقط الفساد، وسيقضى على الجرذان، ويدعو سكان طرابلس لطرد الفاسدين؟!

حتى قالوا إن الحسن البصري، – رضى الله عنه- كان يمشي في شوارع البصرة فرأى لصا يمسكه جنود الامير ليقطعوا يده، فضحك الحسن. 

قالوا: عجبا يا إمام ماذا يضحكك؟!

قال: سارق السر يحد سارق العلن!

فما رأيناه من زلزال قبل يومين بمملكة آل سعود من اعتقالات لأمراء ورجال أعمال، ووزراء سابقين وحاليين، بزعم محاربة الفساد، على يد أحد الفاسدين المفسدين ، أمر يثير السخرية.

فقد أصدر الملك سلمان أوامر بتأسيس لجنة عليا لمكافحة الفساد، برئاسة ابنه محمد، وبرر إنشاء هذه اللجنة بقوله: إن ما لاحظناه ولمسناه من استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس، الذين غلّبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أووطنية، هؤلاء استغلوا نفوذهم والسلطة التي اؤتمنوا عليها في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه، متخذين طرائق شتى لإخفاء أعمالهم المشينة، ما حال دون إطلاع ولاة الأمر على حقيقة هذه الجرائم والأفعال المشينة.

وبين أن سلطة هذه اللجنة، التحقيق وإصدار أوامر القبض والمنع من السفر وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أياً كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب الأحوال. وتم تكليف اللجنة باتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام واتخاذ ما تراه بحق الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة، ولها تقرير ما تراه محققاً للمصلحة العامة خاصة مع الذين أبدوا تجاوبهم معها.

وبعد ساعات من تشكيلها اعتقلت أمراء ومسئولين كبار في الدولة؛ حاليين وسابقين, ممنهم وزيرالحرس الوطني السابق متعب بن عبدالعزيز، والأمير تركي بن ناصر، ورجل الأعمال الوليد بن طلال, والوليد بن إبراهيم مالك مجموعة قنوات (أم بي سي)؛ خال الأمير المعتقل عبدالعزيز بن فهد، وخالد التويجري، وأمير الرياض السابق تركي بن عبدالله، وخالد الملحم وبكر بن لادن، وصالح كامل واثنين من أبنائه، ووزير الاقتصاد السابق عادل فقيه، ورجل الأعمال عمرو الدباغ، ومنصور البلوي وناصر الطيار.

ويرأس البلوي مجموعة من الشركات بعد أن ترأس لسنوات نادي الاتحاد السعودي لكرة القدم، بينما يعرف الطيار بأنه مؤسس شركة “مجموعة الطيار للسفر القابضة”، ويملك مجموعة من الشركات الأخرى ويترأس “دار النشر العربي”، وهي الناشر الحصري لمجلة “فوربس الشرق الأوسط”.

ولكن السبب الحقيقى وراء هذه العاصفة، التى يقودها محمد بن سلمان الرغبة في التخلص من كل المعارضين لتمهيد الطريق أمام تعيينه ملكا للبلاد، وخاصة الأمير متعب بن عبد الله, الرجل القوي في الدولة بعد إزاحة الأمير محمد بن نايف، والسعى للإستيلاء على أموال الموقوفين التى قد تصل إلى أكثر من تريليونى ريال، يرسل منها جزء يسير لخزينة الدولة، ويستولى على الباقي، على طريقة قائد الانقلاب المصري! 

التويجرى ومتعب بن عبد الله والوليد بن طلال كانوا ممن دعموا الانقلاب على الرئيس المصري المنتخب، فأذاقهم الله ذل الخيانة، فقد اعترف الوليد بن طلال قائلا: أوصلنا السيسي الى السلطة من أجل القضاء على الاخوان، وهاهو اليوم يقبض عليه ويجري التحقيق معه بتهم الفساد والرشاوى والتربح وغسل الأموال!

كما أن هيئة كبار العلماء، التى حرمت قبل أيام الخوض في أمور الامراء، تؤيد اليوم وتبارك اعتقال الأمراء! فتاوى تحت الطلب، وحسب مايريد الحاكم، فقد قالت الهيئة فى بيان لها إن محاربة الفساد تأمر به الشريعة الإسلامية، وتقضي به المصلحة الوطنية، ومحاربته لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب!

وبعد إزاحة متعب بن عبدالله، يكون بن سلمان قد سيطر على الحرس الوطني، ليمتد نفوذه إلى كل مؤسسات الدولة السياسية والعسكرية والأمنية الاقتصادية والدينية، فهو يرأس المؤسسة العسكرية وزيرًا للدفاع ومجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، كما يمتلك مجموعة استثمارية ضخمة، تسعى للسيطرة على شرايين الاقتصاد بالضغط على منافسيها عبر ملفات فساد!

وكان بن سلمان صرح بأنه سيجعل بيل جيتس قزماً أمام قدراته المالية، لكن شتان بين من جمع ثروته بكده وتعبه وعرقه وبين من يسطو على أموال الدولة وأموال الأمراء ورجال الأعمال والوزراء ليكون إمبراطورية مالية، تحت شعار محاربة الفساد، ويخدع الشعب بفناكيش الترفيه والسياحة والتكنولوجيا، و”نيوم” وغيرها.

 

أضف تعليقك