• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

منذ الانقلاب العسكري تعاني مصر من غياب الرقابة في جميع المجالات، إلا أنه عندما يصل الأمر لصحة المصريين فإنه يصل إلى أبلغ مراحل الخطورة.

فبعد توالي ظهور حالات التسمم والوفاة بسبب الأطعمة الفاسدة، كان من الواجب فتح ملف الطعام الفاسد وأكل الشارع المنتشر والشائع على عربات الأطعمة فى كل الشوارع والميادين، والذى قد يودى بحياة المصريين ويهدد صحتهم.

وأثبتت الأيام عدم صحة مقولة "معدة المصري تهضم الزلط"، وذلك بعد إصابة كثيرين بالتسمم عقب تناولهم سندوتشات الشارع مجهولة المصدر، وإصابة آخرين بأمراض الكبد كالفيروسات الكبدية أو أمراض الكلى والتي تصل للفشل الكلوي وتليف الكبد والسرطان أيضًا.

طعام فاسد دون رقابة

طعام الشارع "مزاج" عند المصريين، يتناولونه صباحا وليلا، لا يكترثون لكم البكتيريا والملوثات والأخطار التى تحيط به، ولا بطريقة إعداده وتقديمه ولا بنظافة "عربية الطعام" ولا نظافة البائع ومراعاته لأبسط قوائد السلامة الغذائية.

فعلى سبيل المثال، نتفق أن الكبدة التي نتناولها لدى العربات ليست كبدة بلدي بالتأكيد لأنه البلدي سعرها يفوق الـ 150 للكيلو، أما العربات فتقدم لزبائنها كبدة مستوردة مجمدة، حيث يؤكد بائعو الكبدة على العربات التي لا يعلق أي منها شهادة صحية لممارسة مهنته، وعدد من منافذ بيع اللحوم المجمدة وتجار الجملة، أن سعر هذه الكبدة يتراوح بين 25 و45 جنيه للكيلو.

الكبدة المستوردة كانت تباع أيضًا منذ ما يقرب من 15 عامًا بأسعار تتراوح بين 7 إلى 10 جنيهات، حيث كانت مصر تستورد أكثر من 175 ألف طن كبدة سنويًا من البرازيل في عام 2014، وكانت اللحوم المستوردة تمثل أكثر من 55% من الاستهلاك المحلي ومعظمها من البرازيل وأمريكا والهند ودول أخرى، وفقًا لشعبة مستوردي اللحوم بالغرف التجارية، بينما قلت كمية اللحوم المستوردة من البرازيل  خلال عام 2016 إلى ما يقرب من 168 ألف طن من أصل 300 ألف طن يتم استيرادهم، لكن كيف تصل هذه الكبدة بهذا الثمن الرخيص إلى المستهلكين في مصر؟

قبل تصدير هذه الكبدة يتم تجميدها، ثم تُحفظ عند 18 درجة تحت الصفر، وتُشحن في ثلاجات إلى عدد معين من المستوردين المصريين، ثم يقوم المستورد بتوزيع هذه المنتجات على تجار الجملة، ومن ثم يقوم تاجر الجملة بتوزيعها على المحال أو العربات.

ويشتري الباعة ما يكفي حاجتها اليومية أو الأسبوعية؛ إذا كانت عربات صغيرة الإنتاج لا يأتي إليها عدد كبير من الزبائن، أو تشتري حاجة شهور ليتم تخزينها في فريرز وثلاجات خاصة بهم إذا كانت محال كبيرة أو عربات معروفة، ويمكن لكيلو كبدة واحد بعد إضافة الكثير من البهارات التي تضيع أي رائحة غير جيدة، وقطرات خل مع “طشة تومة” ذات الرائحة النفاذة الجيدة، تلك التي تسيل لعاب أي جائع أو عشاق الكبدة، أن يجعلك تتحصل على ما يقرب من 40 ساندوتش صغير الحجم، يكاد يخلو من الكبدة.

حقن اللحوم المستوردة بينهم الكبدة بالطبع بالهرمونات الصناعية لتسمينها مضر جدًا، لكن تجميد الكبدة وتخزينها داخل أكياس أو علب بلاستيكية لفترة طويلة تصل لأشهر وربما سنوات لا يقل خطورة؛ إذ يفقدها قيمتها الغذائية أولًا، بل أن بعضها يفسد خلال هذه الرحلة الطويلة شحنًا وتخزينًا ويجعلها عُرضة لأن تصبح مسرطنة أيضًا لتفاعلها مع المواد البلاستيكية التي يتم تجميدها بداخلها، شأن أي مادة غذائية تتعرض للبرودة أو الحرارة وهي داخل مادة بلاستيكية والتفاعل مع مادة الدايوكسين السامة.

*الكبدة عبارة عن كتلة وتجمع دموي لا طريقة لغسيلها، بل أن البعض يفضل طهيها "بدمها" الذي يملأ الأكياس البلاسيتكية المجمدة بداخلها، بعض ربات البيوت تستخدمن الخل والليمون لتطهير الكبدة، وهي طريقة جيدة للتعامل مع الكبدة لكنها إن كانت فاسدة لن تفعل شيئًا.

المخيف إنه في عام 2017 قاطعت دول عديدة اللحوم البرازيلية المستوردة، لأنها مهرمنة وفاسدة بخاصة أكبر 3 مصانع لديهم، واعتذر الرئيس البرازيلي لأكثر من دولة محاولًا طمأنتهم تجاه سلامة لحوم بلده، واعتقال الفاسدين، في حين أن وزارة الزراعة المصرية نفت وجود أي لحوم برازيلية  "فاسدة" بالسوق المصري، الغريب أنه منذ عام 2013 وحتى عامنا الحالي مازالت وزارة الزراعة تُتهم بالسماح بمرور لحوم فاسدة إلى مصر، وأن المسؤولين عن الكشف على اللحوم المستوردة يكشفون على جزء فقط من البضاعة المستوردة أثناء وجودها في الموانئ مما يسمح بالتلاعب.

وفي 2013 اتهم عدد من أعضاء للغرف التجارية، وزارة الزراعة بالسماح بإدخال 40 ألف طن كبدة فاسدة للأسواق، وحتى 2017 يخرج مسؤول من وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب لينفي الخبر، أخرهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور ابراهيم محروس رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية لدى الوزارة.

الصادم أن خبر ضبط أطنان من اللحوم المستوردة الفاسدة على مستوى الجمهورية، أصبح خبرًا عاديًا لا يلتفت إليه أحد، على سبيل المثال في سبتمبر الماضي ضبطت الحملات الأمنية أطنان من هذه اللحوم، وإذا قررت أن تقوم بجولة في شوارع مصر ستجد عربيات الكبدة والمحال الخاصة بهذه اللحوم ممتلئة وهناك من ينتظر دوره أيضًا.

كارثة حقيقية 

يؤكد الاطباء أن النسب العالمية أثبتت أن طعام الشارع سببًا فى مرض أو وفاة واحد على الأقل من كل 10 أفراد يتناولونه بشكل منتظم، مشيرين إلى أن طعام الشارع وبالأخص "عربات الطعام" التى كانت ولم تزل خطر يهدد حياة المصريين دون اهتمام أو منع، هي كارثة حقيقية.

ويؤكد الخبراء أنفي الدول الأوروبية هناك إجراءات صارمة على مثل هذه العربات للسلامة المهنية ونظافة البائع وسلامة اللحوم ومصادرها، مؤكدين أن مصر تحتاج لإجراءات شديدة الصرامة للحفاظ على صحة المصريين.

وتتوالى التحذيرات بشكل خاص من تناول "اللحوم" بأنواعها وكل أشكالها، والكبدة من تلك العربات المجهولة والملوثة، فعوامل العدوى وانتقال المرض من خلالها لا نهائى، بداية من تعرض الطعام للغبار والعوادم والهواء مما يرسب البكتيريا والفطريات، مرورًا بعدم غسيل الأطباق وأدوات المائدة بمياه جارية تضمن أقل نسبة من النظافة بل غسلها بمياه راكدة عفنة تتراكم عليها السموم والبكتيريا، كذلك عدم اهتمام البائع بغسيل يديه أو حتى تنظيف أسطح العربة ذاتها التى يقطع عليها اللحوم والكبدة وبالتالى احتوائها على كم هائل من البكتيريا خاصة الإيكولاى، إضافة إلى اللحوم مجهولة المصدر زهيدة السعر التى تعتمد عليها تلك العربات، وأغلبها مصدره حيوانات مريضة أو بواق لحوم وجلود وعظام حيوانات مضاف إليها الكثير من التوابل.

ومن أهم الأمراض والأعراض المرضية القاتلة التى تنقلها أطعمة عربات الطعام الملوثة، ما يلى:

- التسمم الغذائى أخطر وأشهر الأعراض والذى قد يؤدى للوفاة فى حال عدم إسعاف المريض سريعا، أو لأسباب كثيرة أخرى، وأهم أعراضه الإصابة بمغص شديد وبالغ الألم، وكذلك الصداع وألم الرأس المبرح، بالإضافة إلى الإسهال المزمن، والتقيؤ المستمر، وارتفاع شديد فى درجة حرارة الجسم، أو الشعور بجفاف الجسم، واصفرار فى العينين والبشرة.

- النزلات المعوية وهى العرض المرضى الأشهر والذى يصيب النسبة الأكبر من مرتادى هذه العربات الملوثة، وأعراضها معروفة من إسهال وقىء وآلام بالبطن وإسهال وعدم راحة بعد تناول الطعام، وتزول أعراضها تدريجيا.

- جفاف الجسم: بحيث يصبح جافا وغير رطب لنقص السوائل الحاد به.

- فيروس أ الضار.

-الوفاة : نتيجة التسمم الغذائى أو عدم إسعاف المريض، أو نتيجة عوامل الجسم والمناعة ونشاط البكتيريا ونوعها فى الجسم.

 

أضف تعليقك