• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

كعادته دائما اختار شفيق التوقيت الخطأ ليعلن فيه عن الموقف الصحيح.
 
من حق شفيق أن يتمرد على المخرج ويختار بنفسه الدور الذي يناسبه في الرواية، وليس الدور الذي يفرضه عليه مخرجها، ولكن خطأه الواضح أنه قرر ذلك قبل أن يكتمل السيناريو ويتم الإعلان عن بقية الشخصيات المرشحة للقيام بدور البطولة، أو دور الكومبارس، أو حتى "الدوبلير" الذي سيسند إليه المخرج القيام بالمشاهد الصعبة بديلا عن بطل الرواية.
 
والحسنة الوحيدة في اتخاذه هذا الموقف تتمثل في رفضه القيام بدور مرشح الإمارات في الانتخابات المصرية في مواجهة مرشح السعودية.
 
"كلاهما حمارا العبادي" كما يقول العرب في أمثالهم، بمعنى أن أحدهما يشه الآخر إلى حد التماثل كقطتين من النوع السيامي وهي قطط للزينة ولا دراية لها بصيد الفئران، بينما لا يمتلك المؤهلات التي تتمتع بها قطط الشوارع في مهارات الصيد.
 
قرر شفيق أن يكون قطة مختلفة من النوع الأليف الذي لا يعول عليها في تنظيف الجحور من الزواحف رغم معارضة البعض له قائلين بأنه عاد ليعيد إنتاج نظام مبارك القديم باعتباره ابنا من أبنائه، حتى مبارك لو عاد بشخصه لن يكون مبارك الذي ذهب بعد أن جرف النهر ماء غزير، خاصة وأن السيسي قد سبقه فأعاد ذلك النظام بمنحه البراءة لكل شخوصه، بل واستعان بالكثير منهم في أهم المناصب وأكثرها خطورة، فلا حاجة لشفيق أن يعيد المعاد أو يكرر المكرر.
 
عاد شفيق ليكون شفيق وحده. شفيق الذي انقلب على 30 يونيو. وانقلب على الإمارات بل وانقلب على مبارك نفسه بتقاربه من كل خصومه الذين انقلبوا عليه وقلبوه. وفي طليعة هؤلاء جماعة الإخوان المسلمين والكثير من نشطاء السياسة والإعلام.
 
جاء يلوح للجميع بورقة المصالحة الوطنية، وإعادة الاصطفاف في وقت لم يعد خافيا فيه على أحد تفاقم الشعور بالأزمة بسبب الانقسام المجتمعي الذي أحدثه السيسي.
 
أهم ما يؤكده شفيق بإعلان ترشحه هو تقديم دليل دامغ على الانقسام في معسكر 30 يونيو، وأن السيسي لم يعد هو الممثل المناسب لتياره بعد أن أعمل فيه معول التفتيت ليفقده الكثير مما كان له من دعم شعبي لتصبح هناك حاجة ملحة للانقلاب على الانقلاب.
 
قفز شفيق الآن ليعلن عن نفسه كزعيم لهذا التيار الذي يبدو بحظ وافر من التوافق في القطاعات العسكرية والمدنية على السواء، فقد ضاق العسكريون بسوء السمعة التي لحقت بهم لقيام السيسي بإسناده بعض المهام لهم التي تتنافى مع هيبة العسكريين وتوقيرهم.
 
أما في الأوساط المدنية والشعبية، فقد أزاح السيسي الكثيرين من الطبقات الوسطى إلى الطبقة المعدمة، وهي الطبقة التي تملك في يدها فتيل الثورة وقودها السائل.
 
أما إقليميا ودوليا فهناك مؤشرات واضحة على تذمر كثير من الأطراف التي كانت داعمة للسيسي بسبب إخفاقه في ملفات كثيرة جاء فيها بنتائج عكس المأمول منه. أولها ملف الإرهاب الذي ازدادت وتيرته وتفاقمت خطورته إلى حد يثير قلق الانصار والمؤيدين، إضافة إلى ملف حقوق الإنسان والحريات الذي أوقع هؤلاء في الحوج من استمرارهم في موقف التأييد والمناصرة، فقد جاء إعلان شفيق عن نيته للترشح الآن ليقدم نفسه إلى كل هؤلاء الراغبين في رؤية مصر في صورة أخرى عما تحقق لها على أيدي السيسي خلال سنوات حكمه الماضية، خاصة وأن ما حققه حتى الآن يراه هؤلاء أقل كثيرا من حجم الدعم والمساندة التي جرى توفيرها له ليحقق درجة أعلى من التقدم تحظى بالرضا والقبول.
 
وقد رأي شفيق أن مجيئه من نفس المعسكر، منتميا لنفس المدرسة، ربما يوفر له التوافق المطلوب بطمأنة أطراف مؤثرة في اللعبة داخليا وخارجيا فأقدم على هذه الخطوة محفوفا بمخاطر أقل من غيره خاصة هؤلاء القادمين من عالم المجهول والذين قد يدفعهم حب المغامرة أو الرغبة في التميز إلى لخبطة أوراق اللعب أو حتى قلب الطاولة على رؤوس جميع اللاعبين!
 
هل سيكون شفيق الحل أم المشكلة على وجه آخر؟

أضف تعليقك