تعد أسواق بقايا الطعام مظهرًا جديدًا من مظاهر الجوع في مصر في عهد الانقلاب العسكري، الذي تنبأ به النشطاء منذ ارتفاع الأسعار وما قبلها، حيث لجأت أسر عديدة إلى البحث عن حلول بديلة لتوفير الطعام لأفرادها.
بقايا الجُبن الرومي، بقايا المخللات، بقايا الدواجن (الهياكل) وبقايا السمك المملح، بقايا عظم اللحم، بقايا الأرغفة، كلها باتت تلقى رواجًا كبيرًا بعد أن أقبل الناس على شرائها بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية، بعدما ضرب الغلاء الفاحش مصر؛ نتيجة خطوات الحكومة الفاشلة.برفع دعم الدعم عن السلع الأساسية ورفع أسعار المحروقات.
كثيرة هي المشاهد في السوق الكبيرة التي يعرض فيها الباعة المتجولون ما يُسمى بـ"كسر المصانع" والمصريون يستخدمون لفظ "كسر" للدلالة على الشيء الذي فيه عيب أو غير المكتمل، تلك الصور التي انتشرت مع تصريحات لمشترين في السوق شكلت صدمة وأثارت تحسر الكثيرين.
أسواق بيع بقايا الطعام
نشرت هيئة الإذاعة البريطانية تقريرًا، سلطت فيه الضوء على نمو مبيعات أسواق بقايا الطعام، حيث قالت “بي بي سي” إن مصر شهدت ارتفاعًا في الأسعار بعدما اتخذ نظام الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي، إجراءات تقشفية شملت خفض دعم سلعٍ أساسية ورفع أسعار المحروقات.
وأضافت “بي بي سي” أن العديد من الأسر لجأت إلى البحث عن حلول بديلة لتوفير الطعام لأفرادها، وكان شراء بقايا الطعام أحد هذه الحلول التي انتشرت في أسواق عدة، مشيرة إلى أن هناك أنواعا مختلفة من الأطعمة تباع في تلك الأسواق وهي رخيصة الثمن، لكنها من بقايا الطعام وغير معروف جودتها أو مدى صلاحيتها في الأساس.
إفلاس وفقر
ونقل التقرير عن عدة أشخاص من داخل هذه الأسواق تعليقاتهم، حيث قالت مواطنة: “الجميع يشتري لأنهم ليس معهم نقود، وهم يعلمون أنهم من الممكن أن يُصابوا بأمراض خطيرة أو يموتوا، إلا أنهم يبحثون عن أي مخرج من أزمتهم الاقتصادية ويريدون إطعام أطفالهم”.
وقال أحد الأشخاص في التقرير: “أنا بلجأ للأطعمة دي لأنها رخيصة، وأنا مش عارف أجيب أكل لولادي بسبب الأسعار اللي على طول بتغلى”.
وقالت أخرى، إن لديها 5 أطفال أيتام، ومؤخرا باعت حذاءها لكي تتمكن من إطعامهم، مشيرة إلى أن مثل هذه الأسواق هي وسيلتها الوحيدة لمواجهة ما يحدث.
إضرار صحية
الميزة الوحيدة لأسواق بقايا الطعام للفقراء تبقى أسعارها المنخفضة بشكل كبير مقارنة بأسعار السلع السليمة، فكيلوجرام الفراخ مثلًا ارتفع من 15 إلى 32 جنيهًا، وكيلوغرام اللحم ارتفع من 60 إلى 130 جنيهًا وهذا ما جعل العظم والهياكل محل اهتمام الفقراء.
ويري مراقبون أن من يشترون من الأسواق أغذية غير معلومة المصدر، وغير معروف مكوناتها ولا صلاحيتها هما مضطرون بدعوى أن الفقر أحوجهم لذلك، لكن المشكلة الكبرى في أن هذه الأطعمة الفاسدة، "البقايا"، لا يوجد أي رقابة عليها من أي نوع، ليس هذا فحسب بل مصادرها أيضًا غير معروفة، وربما فسادها شبه المؤكد سيؤدي إلى تفشي المزيد من الأمراض بين المصريين، المنتشرة أصلاً بسبب تلوث الغذاء ومنها التهاب الكبد الوبائي "فيروس سي" والأورام السرطانية وغيرها من الأمراض.
وفي تقرير نشرته هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، أشارت إلى أن مصر لا تتبع توجيهات منظمة الأغذية العالمية، سواء في استخدام البذور النقية أو الأسمدة الجيدة أو المبيدات الخالية من أي مسببات للأمراض السرطانية.
أضف تعليقك