بقلم: مجدي شلش
غالب كوكب الأرض اليوم يعيش صراعاً بعضه ظاهر، وغالبه مستتر، يلبس ثوب المكر والخداع، وينتعل الديمقراطية والعدل والمساواة والإخاء. العالم الآن ميدان الذئاب والثعالب والضباع، تمرح وتلعب، تمص الدماء، وتأكل اللحوم، وتنهش الأجساد، باسم المؤسسات العالمية، والتكتلات الأممية، والأحلاف المدنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية.
الميدان الآن يحتاج إلى فارس شجاع، وبطل مغوار، يعرف للإنسان حقه وكرامته، وللدين عزته وسيادته، وللأخلاق سموها ورفعتها، وللسجود بين يدي الله نشوته وحبه وعلوه. السجون والمعتقلات فيها من الأبطال ما تتحطم بهم الأصنام، وتتكسر بهم الأوثان، وتتبدد بهم الأوهام، سجنهم الشيطان الرجيم، والبهلوان الكبير، خوفاً من عقلهم وفهمهم وإدراكهم لطبيعة المعركة معه. حفظهم الله من شر الكيد والمكر، وفك أسرهم للزأر والصدع، فهم للأمة عنوان وفخر، والله سبحانه وتعالى بمشيئته قد ادخرهم لدينه ونصرته في موعد قريب غير بعيد.
الساحة الإسلامية فيها من الأبطال والكرام ما لا يحصى ولا يعد، الكثير منهم مدرك لحقيقة صفقة القرن، وأن الأرض تمهد لها بمكر الليل والنهار، سراً وخفية تارة، وجهاراً نهاراً تارة أخرى، لكنه يقف موقف العاجز قليل الحيلة . بعض أبطالنا يري التحدي كبيراً، والمصيبة عظيمة، ما لها في نظره من مخرج، اليأس حام حوله وقرب، والتراجع كاد منه واقترب، لا حل في نظر بعض أبطال الأمس إلا بالرضي بالواقع الذليل، حتي يحين وقت الذبح المهين للجميع.
الأمة الإسلامية كثير علماؤها وفقهاؤها في كل الميادين الشرعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية، لكنها بحاجة إلى معصم يجمعها، وفارس يتحدي بها، ومغوار يجاهر الأعداء بقوته وصلابته. فارس قلبه حديد، وعقله رشيد، وحلمه قريب، وفكره سديد، جامع للجميع، يعرف الطريق للنصر من أقرب طريق، لا مهادنة للظالم من قريب أو بعيد. ما زالت الرمزية الفردية تجري في عروقنا، وتسري بين حنايانا وصدورنا، نعم لها من الفوائد في ظهورها والتعبير عن أمتها الكثير والكثير.
فارس مهتد بالقرآن، ومستن بالنبي العدنان، ومغرم بسير الأشاوس والمغاوير الأبطال، لا يعرف الكسل أو الخوف لقلبه أو بدنه طريقاً، ميدانه الأول أن يجاهد حظ نفسه من نفسه، ثم صيحة النذير في أهله وأحبابه من أبناء أمته ووطنه، لا يقف عند حد حزب، ولا يتمحور نحو كيان واحد، الأمة كلها فوق نظره وقراءته.
قرأنا سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فتعلمنا منها القوة والشجاعة، والنجدة والنصرة، والرحمة والشدة، لا يسامح في حق من حقوق الله تعالى، ولا يجامل منافقاً أو كافراً أو مشركاً وقت الحرب والنزال، سهل لأصحابه، صعب على أعدائه .من سير الفرسان ننطلق، ومن مفاخر التاريخ في الفتوحات نقتدي، من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وخالد وعمرو والمقداد، إلى الفاتحين من ألب أرسلان وعثمان وصلاح الدين وغيرهم نتأسي .سيرتهم باقية، وروح جهادهم في فوارسنا قوية وعاتية، فلعل الله برحمته بالدنيا كلها يظهره ويهيأه، والتكليف حاضر منه أن يقوم فارس بالمهمة وعظمها، لا أقصد انتظار مهدي أو مسيح، وإنما استفزاز واستنفار لساحة الفوارس وهي بحمد الله فيها من الأبطال الكثير .
كثير من الشباب يطالب برؤية نظرية تكون جامعة مانعة، حتى وإن وجدت فهي بدون الفوارس كليلة وباطلة. نعم لابد للأهداف أن تكون واضحة، والوسائل تكون مبدعة، لكن هل نحن جاهزون حقاً للكفاح والجهاد الحق في ميدانه الرشيد، أم الدنيا لعبت بنا نحو الجدل والتنظير؟
أضف تعليقك