فشلت جولتان من المفاوضات بين المجلس العسكري السوداني وقوى "إعلان الحرية والتغيير" في الوصول لاتفاق نهائي.
ويحاول المجلس العسكري، التملص من التفاهمات التي تم التوصل إليها مع المعارضة لإدارة المرحلة الانتقالية، مستغلاً استمرار الخلاف بشأن المجلس السيادي، بعد إنجاز التوافق بشأن المجلسين التشريعي والوزاري.
وبحسب مصادر دبلوماسية وسياسية سودانية ومصرية، تحدثت مع "العربي الجديد"، فإن المجلس العسكري السوداني، بعد العودة لحلفائه في السعودية والإمارات ومصر، للتشاور معهم بشأن ما طرحته قوى "الحرية والتغيير"، كان الرأي بالنسبة لهم التملص من التفاهمات التي تم التوصل إليها مع قوى الثورة بخصوص المجلس التشريعي ومجلس الوزراء، من خلال استغلال استمرار التباين بشأن تفاصيل تشكيل المجلس السيادي، وهو المكون الثالث ضمن الاتفاق لنقض الصفقة بالكامل.
وقال مصدر دبلوماسي سوداني رفيع المستوى إن المجلس العسكري بصدد الإعلان عن إنهاء الاتفاق، والتجهيز لانتخابات رئاسية مبكرة في أعقاب الفترة الانتقالية، التي سيتولى هو إدارتها بالكامل بعد إصرار قوى "إعلان الحرية والتغيير" على موقفها.
ومن جانبه، لفت مصدر سياسي مصري رفيع المستوى، على مقربة من دوائر صناعة القرار، إلى أن القاهرة والرياض وأبو ظبي تجد صعوبة في السيطرة على مشهد سياسي متعدد الأطراف، في وقت يسعى فيه التحالف الثلاثي للسيطرة على الخرطوم بشكل كامل وإنهاء أي نفوذ تركي وقطري بها، وبالتالي لا ترحب هذه الدول بأي اتفاق من شأنه أن يسمح بمساحات واسعة للقوى السياسية المختلفة، أو أن يكون له دور كبير في رسم السياسة الخارجية للسودان.
وأوضح المصدر أن التحالف الثلاثي يهدف إلى كسب الوقت عبر الانقلاب على اتفاق المجالس الثلاثة وضمان إدارة المجلس العسكري وحده للمرحلة الانتقالية، وإتاحة الوقت الكافي لاختراق القوى والأحزاب السياسية، بشكل يُمكنه من تشكيل نخبة تابعة له، تكون قادرة على المنافسة حال إجراء الانتخابات الرئاسية.
وقال المصدر إن حجم الأموال الخليجية التي دفع بها إلى السودان، بعيداً عن الجانب الرسمي من المساعدات التي أعلنت عنها كل من السعودية والإمارات، كبير للغاية، وذلك لتنفيذ مخطط واسع لاختراق الأحزاب والنخب السياسية، وتشكيل تجمع سياسي يكون مناوئاً وموازياً بشكلٍ ما لقوى "إعلان الحرية والتغيير"، بحيث يتحول سريعاً لرقم فاعل في المعادلة السياسية هناك.
ورفض المجلس العسكري كافة المقترحات الخاصة بتشكيل المجلس السيادي المطروحة من جانب قوى "الحرية والتغيير"، إذ تمسك بتشكيل يضمن الأغلبية للعسكريين تحت رئاسة شخصية عسكرية، بحيث يتكون من 7 شخصيات عسكرية و3 من المدنيين، في حين كانت قوى الثورة قد طرحت مقترحاً يقضي بأن يكون التشكيل مكوناً من 6 مدنيين و4 عسكريين، تحت رئاسة مدنية، قبل أن يرفضه المجلس العسكري.
وتقدمت قوى المعارضة بمقترح آخر، يقضي بتدوير رئاسة المجلس بين العسكريين والمدنيين، بحيث تتولى شخصية عسكرية رئاسة المجلس خلال نصف المدة الانتقالية المتفق عليها، على أن تتولى شخصية مدنية الرئاسة في النصف الثاني، وهو ما رفضه المجلس العسكري أيضاً، ليجد في ذلك فرصة مواتية للانقلاب على باقي الاتفاق.
ويعوّل المجلس العسكري على ورقة المساعدات المقدمة من الحلفاء السعوديين والإماراتيين لفرض أجندته على المشهد السياسي، خصوصاً بعدما دفعت الرياض أخيراً بوديعة لدى الخرطوم لتحسين وضع العملة المحلية، وتعهدها مع أبوظبي بتقديم مساعدات غذائية من القمح وأخرى بترولية، تقدر بنحو ملياري دولار.
فيما تلوّح قوى "إعلان الحرية والتغيير" بورقة العصيان المدني في وجه المجلس العسكري لفرض أطروحاتها، وإجبار المجلس على التجاوب معها، وهو ما تقلل مصادر دبلوماسية سودانية من قوته، قائلة إن "هذا الإجراء سيكون من الصعب على قوى الحرية والتغيير تنفيذه، لصعوبته، في ظل عدم استعداد الغالبية لتنفيذه، وكذلك خشية من التهديدات التي بدأ المجلس العسكري بالتلويح بها على لسان نائب رئيس المجلس العسكري في السودان محمد حمدان دقلو، الملقب بـ(حميدتي)، بأن من سيضرب سيتم استبداله في ظل وجود بدائل كثيرة"، على حد تعبير المصادر.
أضف تعليقك