بقلم عز الدين الكومي
بعد انتشار فيديوهات المقاول الممثّل "محمد علي" التي مثَّلت- بلا أدنى شك- زلزالًا لنظام المنقلب الخائن؛ نظرًا لامتلاكه الأدلة على كل ما يقول ويكشفه من فضائح، وإقرار النظام الانقلابي بصحة الفيديوهات المتداولة وعدم إنكارها، كما قال قائد الانقلاب: "كل الأجهزة قالولي لو سمحت متتكلمش، كادوا يبوسوا إيدي.. والنبي ما تعمل كده، قولتلهم اللي بيني وبين الناس هي الثقة، هما مصدقيني، أنا لو سكت عنها ده أخطر حاجة في الدنيا"، ومع ذلك قال "نعم بنيت قصورا وسأبنى قصورا، لكن باسم مصر!".
بالإضافة إلى استخدام "محمد علي" لغة بسيطة لمخاطبة جموع الشعب، واستفادته من خلفيته الفنية، مع استخدام مفردات عامية مصرية، كل هذه العوامل ساعدت على إقبال آلاف الناس على مشاهدة ومتابعة الفيديوهات.
وهذا شيء جيد ويُحسب لـ"محمد علي"؛ لأن كل جهد يصب فى إطار مقاومة النظام الانقلابى وإسقاطه هو مقبول بلا شك، وهذا جهدٌ مشكورٌ يجب الحفاظ عليه والتمسك به ودعمه، والعمل على تطويره حتى يحقق الهدف المرجو منه، وهو إزالة هذا النظام الفاسد الفاشي المستبد، الذى قزَّم دور مصر على المستويين العالمي والإقليمي، فضلاً عن التفريط فى مقدرات الشعب وثرواته.
لكنَّ الشيء غير المقبول هو أن يخرج بعض البهاليل، من الإعلاميين المحسوبين على الشرعية كما يزعمون، مستغلين الفرصة للطعن فى جماعة الإخوان المسلمين، الحاضر الغائب فى كل مناسبة، مع البهاليل ومع النظام الانقلابي ليقولوا لنا: "لقد حقق محمد علي ما فشل فيه الإخوان"، وآخر يقول "الإخوان يبحثون عن دور فى السلطة"، وهذا حق أُريد به باطل بلا شك.
الإخوان ما فتِئوا يقاومون هذا النظام الانقلابي منذ أول لحظة، واستمروا على ذلك طوال السنوات الست الماضية، لم يهنوا ولم يتنازلوا ولم يعترفوا بالأمر الواقع، كما طلبوا منهم، كعربون للاصطفاف المزعوم.
وإذا كان من يتحدَّث بهذه اللغة، التى لا تخلو من الهمز واللمز، يقصد مقاومة النظام سلميًّا، فقد قال مرشد الإخوان- فك الله أسره- من على منصة رابعة: "سلميتنا أقوى من الرصاص".
وإذا كان يقصد التضحية، فقد قدم الإخوان التضحية فى أبهى صورها من دمائهم ودماء شبابهم، حيث قال الرئيس الشهيد محمد مرسى– رحمه الله- "الشرعية ثمنها حياتي أنا"، وقد وفّى بذلك وقدّم حياته ثمنًا للشرعية. كما ظل الإخوان فى الشارع يقامون ولم يستسلموا، ولم يتنازلوا عن مطالب الشعب، وأعلنوها صراحة أنه لا تفاوض مع من سفك الدماء وتلطخت يداه بدماء الشعب، ولا اعتراف بالنظام الانقلابي رغم مطالبات الآخرين لهم بالاعتراف بالأمر الواقع، فى وقت خرست فيه الألسنة ووضعت الرؤوس فى الرمال.
ومن أعجب ما سمعت من أحد هؤلاء البهاليل قوله: إن الرئيس مرسي هو من جاء بالسيسي، وللأسف الشديد أن الرئيس كان يتعامل مع جهاز مخابرات كاذب مضلل خائن مخادع، خدع الرئيس كما خدع الشعب، وقد أعلن أحد أفراد عصابة هذا الجهاز، بدون حياء أو خجل، قائلا: "إننا ضللنا مرسي ولم نعطه معلومة صحيحة".
فقد ذكر الخائن اللواء "ثروت جودة"، وكيل جهاز المخابرات العامة السابق في مصر، أن جهاز المخابرات العامة لم يمد الرئيس السابق محمد مرسي بأي “معلومة واحدة صحيحة” طوال فترة حكمه. وأكد الخائن أن مرسي "لم يتحصّل على تقارير سيادية من جهاز المخابرات العامة المصرية، ولم يُعط شيئًا حقيقيًّا لمستر مرسي! قولا واحدا فاصلا".
فإلى هؤلاء الذين يعتبرون "محمد على" فعل ما لم يفعله الإخوان خلال سنوات، نقول لهم وبكل بساطة: إن عامل تقطيع الأحجار يضرب على الحجر 100 مرة ولا ينكسر، لكن فى الضربة الأولى بعد المائة ينكسر الحجر، والفارق بين هؤلاء وبين عامل تكسير الأحجار، هو أن عامل تكسير الأحجار يعلم ويثق تماما أنه ليست آخر ضربة هي التى تسببت فى كسر الحجر، ولكن من ضربة البداية حتى آخر ضربة، كلها أسهمت فى تكسير الحجر!.
فلا يمكن لعاقل أن يغفل دماء الشهداء منذ 25 يناير وحتى اليوم، الذين قدموا دماءهم فى سبيل إنقاذ الوطن من هذا الخائن، شاركوا فى الحراك ضد النظام الانقلابي، وكل الشرفاء من المعتقلين والحرائر المعتقلات الذين دفعوا الثمن من حريتهم شاركوا فى هذا الحراك، وكل المطاردين فى الداخل والخارج، الذين دفعوا الثمن من غربتهم واختفائهم وحرمانهم من رؤية أحبابهم وتواصلهم شاركوا فى هذا الحراك، وكل أسر الشهداء والمعتقلين الذين يعانون الأمرَّين فى مواجهة ظروف الحياة القاسية، فضلاً عن السفر لمسافات طويلة لرؤية ذويهم وهم يتحمَّلون كمَّ الإهانات من جلاوزة الشرطة، عند كل زيارة، وكل صاحب قلم حر، وكل إعلامي شريف فضح ممارسات هذا النظام الدموي وكشف جرائمه، وكشف معاناة الشعب وأنات الفقراء والمعوزين، فى ظل موجات الغلاء بسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة، والمشروعات الوهمية، وتشييد القصور والقبور .
كل هؤلاء شاركوا فى هذا الحراك، الذى كسر حاجز الصمت الرهيب الذى فرضه هذا النظام القمعي، بعدما جمع كل السلطات فى يديه، رضى من رضى وسخط من سخط لكنها الحقيقة !
وكما قال أحد السف رحمهم الله: " إذا رأيت الظالم مستمرا فى ظلمه فاعلم أن نهايته محتومة، وإذا رأيت المظلوم مستمرا فى مقاومته فاعلم أن انتصاره محتوم. "
أما أن يستغل هؤلاء البهاليل "طلات" محمد علي للطعن في جماعة الإخوان المسلمين، فنحن نترفع عن الرد على كيد النساء، فليس من شيمتنا ذلك، ونحرص على تقديم المصلحة العليا للوطن.
أضف تعليقك