بقلم.. حبيب أبومحفوظ
لا يبدو في الشارع الأردني ثمة اختلاف أو خلاف على حتمية رفض وإلغاء اتفاقية الغاز ما بين الأردن والكيان الصهيوني، إلا أن البعض أراد ممارسة هوايته القديمة باللعب على الحبال، وتوجيه دفة الهجوم المستمر على الحكومة التي تصم آذانها عن مطالب الشارع الرافضة لاستمرار العمل بالاتفاقية "المشؤومة"، لتوجيه سهام نقده نحو جماعة الإخوان المسلمين لجهة دورها الاستراتيجي القديم والمعلوم للجميع برفض أي تعاونٍ مع العدو الصهيوني، مهما كان حجمه أو مبرراته.
فضلاً عن كل ذلك، فإن اتفاقية الغاز مع الاحتلال تعمل بالإيجاب لصالح العدو، وبالسلب لصالح الأردن. وهناك علاقة لا تنفك بين عنصر الطاقة في الكيان المحتل، والاستراتيجية الأمنية القائمة على سياسة الاختراق الجيوسياسي الإقليمي، في محاولة منه لتخطي الدائرة المحيطة به، ونسج علاقات "ودية" مع الدول العربية، متجاوزاً قصة الاحتلال، وسرقة غاز الفلسطينيين من حيث المبدأ.
من المفيد الإشارة إلى أن اتفاقية الغاز ما بين الأردن والاحتلال الصهيوني تعني بالضرورة أن يصبح الأردن والأردنيون مكبلين سياسياً وقتصادياً وربما أمنياً لعدوٍ لا يرحم، بحيث يتحكم المحتل بآلية توريد الغاز الفلسطيني المسروق إلى الأردن، وفقاً لمزاجه وبناءً على القرارات والمواقف الأردنية تجاه ممارسات هذا الاحتلال ضد الفلسطينيين.
وبالحديث عن الفلسطينيين، وجب التأكيد هنا على أن جزءا من قيمة ما سيدفعه الأردنيون (10 مليارات دولار) على مدار خمسة عشر عاماً، سيذهب للأغراض العسكرية بحسب الصهاينة أنفسهم، ما يعني حكماً أن يساهم الشعب الأردني بأمواله لشراء المعدات العسكرية المختلفة لدك المحاصرين في غزة، وبناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية.
لا شك أنه ومنذ توقيع اتفاقية السلام (الأردنية- الصهيونية) في العام 1994، لم يجد التطبيع له بابا في الأردن ليدخل منه، ولا مكاناً في عقول وأفئدة الناس لينفذ إليها، وباءت معها كل محاولات دفع الشارع للتعامل مع استحقاقات السلام بالفشل. ولطالما تكسرت فكرة التطبيع والسلام المزعوم على وقع المجازر، وتعاظم حجم الإجرام الذي يرتكبه الصهاينة صباح مساء ضد الفلسطينيين، فضلاً عن استهداف الأردن، والنيل من سيادته على القدس المحتلة.
أمام كل ذلك، لا يريد البعض للإخوان المسلمين أن يكون لهم الدور في التأشير على حقيقة الخطر المحدق بالأردن. والجماعة منذ نشأتها وقفت وما تزال مع الأردن وفلسطين ضد الأطماع الصهيونية المحدقة بهما، والتي تسعى لاستهداف الدولة الأردنية. والإخوان المسلمون كانوا من أوائل الذين حذروا من الأطماع الصهيونية المتنامية في الأردن.
لهذا يرفض الأردنيون، ومن خلفهم الإخوان المسلمون (وبإصرار شديد)، رهن مستقبلهم لكيانٍ صهيوني يميني متطرف، كشف عن وجهه الحقيقي تجاه المملكة بعدما أعلنت الأخيرة عن موقفها الصلب تجاه ما يتعرض له المسجد الأقصى من تهويدٍ واستهداف، وعليه فإن الأردنيين يرفضون أن يتحكم الاحتلال بمياهنا، وطاقتنا، وإرادتنا تجاه قضية هي الأقدس على الإطلاق، ولأن في ذلك كله تهديدا مباشرا لأمننا الوطني. والشعب الأردني قالها مدويةً بأنه يرفض وجود حبلٍ سري تسري من خلاله الأطماع الصهيونية تجاه الأردن، فالخطر أعظم من خط غاز.
أضف تعليقك