بقلم: ياسر عبدالعزيز
رغم المعلومات الشحيحة جدا حول قادة الجيش، والأخبار القليلة التي يمكن أن تنقل تحركاتهم ونشاطاتهم، إلا أن المعلوم لدى الكافة أن اجتماعا جمع كلا من رأس النظام عبد الفتاح السيسي وعدد من قادة الجيش في الثالث من آذار/ مارس الجاري، بمقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع، حسب المركز الإعلامي لرئاسة الجمهورية. وحضر الاجتماع ضابطا الجيش المتوفيان بفيروس كورونا، اللواء خالد شلتوت مدير إدارة المياه في الجيش، واللواء أركان حرب شفيع عبد الحليم داود مدير إدارة المشروعات الكبرى بالهيئة الهندسية.
ربطُ التواريخ بإصابة القيادتين ووفاتهما يفتح باب التساؤل حول إمكانية أن يكونا مصابين وقت الاجتماع برأس النظام، وهو ما يفتح الباب أيضا أمام إمكانية تفشي العدوى بين قادة الجيش المجتمعين. والأيام القادمة هي من يمكن أن تجيب عن هذه التساؤلات.
لكن الأزمة هنا في أن الجيش الذي تحمل مسؤولية مكافحة الفيروس القاتل لم يستطع أن يحمي قادته، وذلك يرجع بالطبع لحالة الاستخفاف التي نشرها النظام بين الشعب، من خلال إطلاق أبواقه للاستهزاء بالفيروس القاتل، وهو ما انعكس على الشارع المصري الذي لا يبالي بتعليمات السلامة ولا يطبقها، ومن ثم قادة الجيش قد أصابهم ما يصيب الشعب.
هذا تحليلي للموقف، لذا أستبعد تلك الأحاديث التي تتبنى نظرية التصفيات داخل صفوف القوات المسلحة. فمنذ الانقلاب ونحن نسمع هذه الأحاديث، ولا أدري من يطلقها ولصالح من، كمن ينتظر أن يحل فيروس كورونا أزمة مصر ويزيل الانقلاب بإصابة قادته، لتعود مصر للشعب!
هذه أحاديث العجزة والمنكفئين، أما الأقوياء فلا يتركون بابا ولا وسيلة إلا وسعوا إليها من أجل خلاص هذه البلد من أيادي تلك الطغمة المهملة التي لا تكترث بحياة الناس، وكل همها هو نهب خيرات البلاد من أجل تضخيم حساباتها في بنوك الخارج.
فتلك الطغمة لا يهمها أمن هذا الشعب الصحي ولا سلامة غذائه، ومن ثم تأمين دوائه وهو جزء من تجارة يديرونها بينهم، وليست واجبا يقومون عليه من أجل هذا الشعب، لذا تجد هذا النظام يكذب في كل أنفاسه. فالأرقام المعلنة من النظام حول إصابات فيروس كورونا لا يمكن أن تتسق مع مجريات الحال، فاللواءان المصابان، بحسب ما لدي من معلومات، اختلطا بمهندسي وعمال العاصمة الإدارية الجديدة التي تبنى لكي تكون حصنا لهؤلاء من الشعب الذي يحكمونه، وهو ديدن الطغاة بلا شك..
هذه العاصمة يعمل فيها مهندسون وعمال أجانب إلى جوار المهندسين المصريين، وهو ما يمكن أن يكون سبب انتقال الفيروس لهم، ومن ثم للعديد من المهندسين والعمال العاملين في المشاريع هناك. فالأعداد التي يعلن عنها النظام لا تتناسب مع دولة كبيرة مثل مصر؛ يلتحم فيها الناس كل يوم في شكل أشبه بالبنيان المرصوص، لذا فإن النظام قد غضب من التقرير الذي نشرته صحيفة الجارديان البريطانية المنقول عن جامعة تورنتو الكندية، ولأن الأمر لا يمكن إخفاؤه وفي نفس الوقت لا يمكن تكذيبه، فقد خرج السفير الفرنسي في حديث للجالية الفرنسية في مصر مصارحا بأن الأيام القادمة في مصر ستكون صعبة جدا بسبب الفيروس، ونصح رعايا دولته بمغادرة مصر.
هذه الأنظمة تعيش في واقع غير الذي يعيشه العالم، تكذب وتصدق نفسها وتريد أن يصدقها العالم، ولن يفيد أن يظهر رأس النظام في اجتماع نسوي أو لقاء تلفزيوني، أو في خبر عن اتصال هاتفي مع رئيس ما، فالأزمة أكبر من رأس النظام.. الأزمة في شعبنا الذي عملنا ليل نهار بعد الثورة وقبل الانقلاب من أجل أن يحيا حياة كريمة، يأمن فيها على نفسه وماله وأولاده وصحته وصحتهم، وأن يجد لأولاده تعليما جيدا، ونظاما صحيا راقيا يحفظ إنسانيته.
أضف تعليقك