• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانيتين

﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (البقرة: من الآية 185)..

مرحبًا بطلعة الوليد الوسيم، وبشير الخير العميم.. هلال رمضان.. ومشرق أنوار القرآن، وشذا نفحات الجنان، وواحة الاسترواح في صحراء العام، وراحة الأرواح بالصلاة والصيام والقيام، فاللهم أهلَّه علينا بالأمن والإيمان والطمأنينة والسلام.. هلال خير ورشد إن شاء الله، والله أكبر ولله الحمد، وصدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إذا كانت أول ليلة من رمضان صُفِّدت الشياطين ومردة الجن وغلِّقت أبواب النار فلا يفتح منها شيءٌ وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها شيءٌ، ونادى منادٍ- من قِبل الحق تبارك وتعالى- يا باغيَ الخير أقبل، ويا باغيَ الشر أقصر".

لقد بُني الإسلام على شرائع وعبادات وفرائض وواجبات، وكان من جميل صنع الله لعباده فيها أن أقامها على دعائم من الخير وقواعد من البر تفيدهم في الدنيا، وتنفعهم في العقبى وتسعدهم في الآخرة والأولى.

- فالقاعدة الأساسية في العبادة المتقَبَّلة الكاملة: النية الصالحة الفاضلة والإخلاص لرب العالمين "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى" فما لم يكن الدافع الأول إلى العبادة قلبيًّا، تشترك فيه خلجاتُ الوجدان مع حركات الأبدان وتحضر فيه القلوب وتطهر به الأرواح والنفوس فلا وزنَ لها ولا مثوبةَ عليها: "ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها" و"كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش".

- والقاعدة الثانية: دفع الحرج والعسر، وإيثار السهولة واليسر، فليس في تكاليف الإسلام وعباداته ما يشقُّ على العابدين أو يزهق نفوس المكلفين ﴿مَا يُرِيْدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيْدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وِلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (المائدة: 6) ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِيْ الدِّيْنِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (الحج: 78) ﴿يُرِيْدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيْدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ (البقرة: 185)، وقوله صلى الله عليه وسلم "يسِّروا ولا تعسِّروا وبشِّروا ولا تنفِّروا".

وهكذا تتماشى هذه القاعدة في كل التكاليف الشرعية، والعبادات الإسلامية، وتأمل ذلك تجده مطردًا في كل الأحكام، وإليك ما جاء منه خاصًّا بفريضة الصيام ﴿أيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كًَانَ مِنْكُم َّمرِيْضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الذِيْنَ يُطِيْقُوْنَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِيْنٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ﴾ (البقرة: 183).

- والقاعدة الثالثة: أن لهذه العبادات آثارَها العملية النافعة في حياة الفرد والجماعة، وليست مفروضةً لمجرد التعبُّد والطاعة، فهي أوضاعٌ لوحظ فيها المعنى الدنيوي الاجتماعي، إلى جانب الربح الأخروي والتهذيب النفسي، فما أمَرَ الإسلامُ إلا بطيبٍ فيه خيرٌ يرى الناس في حياتهم العملية أثرَه ، وما نهاهم إلا عن خبيث يلمسون شرَّه وضرَرَه ﴿الَّذِيْنَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُوْلَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِيْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِيْ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوْفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِيْ كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِيْنَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوْهُ وَنَصَرُوْهُ وَاتَّبَعُوا النُّوْرَ الَّذِيْ أُنْزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ﴾ (الأعراف: 157).

واجبات الأمة في رمضان

فيا أيتها الأمة المسلمة.. قد أظلَّكِ شهرُ الصيام، وفيه ركنٌ من أركان الإسلام، وإن عليكِ فيه لَواجباتٍ ولهُ منكِ حقوقًا:

أولها: أن تتهيَّأ النفوسُ لاستقباله بالتوبة الصادقة النصوح، والتطهر الشامل الكامل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوْحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِيْ مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِيْ اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذْيْنَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيْهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ (التحريم: 8).

ثانيها: الحرص على صومه حسيًّا ومعنويًّا، والامتناع عن المفطرات، وكفّ الجوارح عن الآثام والمنكرات، وصدق التوجه ودوام التأمل، وكثرة التذكر والتفكر في ملكوت الأرض والسماوات.

ثالثها: الإكثار من الطاعات فيه، وخاصةً البر والإحسان، وتلاوة القرآن، فإن الله يضاعف فيه مثوبةَ الصادقين ويرفع فيه درجاتِ التالين والمتدبرين، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أجودَ ما يكون في رمضان حين يعارضه جبريل عليه السلام بالقرآن، فكان رسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة.

أضف تعليقك