• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

بقلم.. عز الدين الكومي

“فيروس كورونا” فضح العالم وأظهر الأنانية المفرطة لدى كثير من البشر، وكشف القناع عن الليبرالية المتوحشة، وجعل العالم يعضّ أصابع الندم على إنفاق تريليونات على سباق التسليح، وإهمال قطاعات حيوية مهمة مثل قطاع الصحة والتعليم والبحث العلمي، كما فضح  فيروس كورونا أنظمة عالمية، لطالما تغنت وتباهت بأنظمتها الصحية ورفاهيتها وسعادتها وتقدمها، وكسر أنوف دول عظمى، ومرغها في الوحل، بعدما جعلها تطلب المساعدات صاغرة من ألد أعدائها.

وقد وصل الحال ببعض الدول المتحضرة أن تسرق الكمامات ومستلزمات الوقاية التى عجزت عن توفيرها لكوادرها الطبية من بعضها، وتدفع أكثر للحصول عليها، في عمليات قرصنة وبلطجة دولية، كما عجزت دول متقدمة عن دفن جثث ضحايا كورونا فأقامت محارق للتخلص منها.

وقد أظهر الفيروس المواقف الأوروبية المتخاذلة التي أظهرت القارة العجوز على حقيقتها، حتى في التعامل مع الأوروبيين أنفسهم، حتى إن الشعب الإيطالى شعر بالخذلان الأوروبي، وأنه لم يتلق المساعدات المنتظرة من دول الاتحاد، وتلقاها من الصين وروسيا وتركيا.

كما أن “كورونا” أعاد الاعتبار للأطباء والمتخصصين والعلماء، حينما توارى التافهون والساقطون والسفهاء ودخلوا جحورهم كالجرذان المذعورة؛ لأنه لا مجال لتفاهتهم وسفاهتهم!.

وفى ظل حالة القلق التي يعيشها العالم منذ ظهور فيروس كورونا وحتى اليوم، وفيما كانت مختبرات الدول المتقدمة علميًا تجري اختبارات وتواصل الليل بالنهار للتوصل إلى مصل لعلاج الكورونا، كانت بلادنا المنكوبة بحكم العسكر لا هم لها إلا شراء السلاح وتخزينه لقمع الشعوب وقهرها، وعدم الاهتمام بالصحة والتعليم والبحث العلمي.

خرج أحد الأدعياء يزعم أنه طبيب تغذية، على إحدى فضائيات الإعلام العكاشى، ليعلن عن اكتشاف علاج لفيروس كورونا. وقد استبشر الناس خيرا على اعتبار أنه وصل لهذا العلاج بعد تجارب ناجحة لإنقاذ البشرية.

إلا أن الطبيب المزعوم كان من أتباع مدرسة “اللواء عبد العاطى”، صاحب العلاج الشهير لمريض الإيدز بالكفتة، ويقول إنه رئيس قسم التثقيف الغذائي بالمعهد القومى للتغذية في مصر، ويدعى “مجدي نزيه”، وخلال اللقاء التلفزيوني أعلن عن العلاج المفاجأة ، وهو عبارة عن  أكلة مصرية قديمة، اسمها “الشلولو” قائلاً: إنها من أكفأ مقومات المناعة والمضادات لفيروس كورونا.

وقال: “الشلولو” أكلة مصرية تتكون من الملوخية الناشفة والماء المثلج والبصل والثوم والليمون والملح”، وأن الوصفة قديمة وتعود إلى 5 آلاف سنة.

أما عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشاري الأطفال بكلية الطب في جامعة عين شمس، “مجدي بدران”، فأكد أن “الفول” علاج فعال لفيروس كورونا.

وهناك الإعلامية “أمانى الخياط، صاحبة نظرية علاج كورونا بالشاي السخن، وأي حاجة «سوخنااا»!.

كما أن الدكتورة ابتسام حماد، نائب رئيس جامعة حلوان أستاذ الميكروبيولوجي، زعمت في حوار صحفي لها أن “المش والجعضيض والجرجير” تلك الأطعمة التي وصفتها بغذاء الفقراء هي سلاح فتاك ضد الفيروسات.

ولم يقف علاج فيروس كورونا عند “الشلولو” و”الفول المدمس” ولا “الشاى السخن”، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث خرج برلماني سابق يدعى “محمود يوسف أبو الليل”، نائب وأمين عام حزب “مصر 2000” بالأقصر جنوب مصر، في مقطع فيديو مصور، يقول فيه: إن عصير نبات “البرسيم”، الذي يستخدم في إطعام المواشي، والمعروف بعصير الملوك– ملوك إيه أكيد ملوك الحظيرة- طبعا،  يقضي على فيروس كورونا.

وإن البرسيم يتسبب في تنقية أجسام المواشي من السموم وطرد الفيروسات وتقوية المناعة، ومنع تصلب الشرايين وتنقية الكلى والكبد من السموم.

واقترح أبو الليل جرعة استخدام عصير البرسيم، وهي عبارة عن تناوله مرتين يوميا لمدة 4 أيام، مناشدا المسئولين  في مصر، وكذلك مسئولي منظمة الصحة العالمية، اعتماد تلك الوصفة، وتجربة تلك الجرعة على 10 حالات، مؤكدا أن الأوضاع في مصر والعالم ستعود إلى ما كانت عليه قبل انتشار الفيروس بفضل هذا العصير.

وهكذا الحال عندما يتصدر الجهل والجهلاء المشهد تكون النتيجة هكذا، كما قال الدكتور مصطفى السباعي– رحمه الله- عندما يمسك بالقلم جاهل، وبالبندقية مجرم، وبالسلطة خائن، يتحول الوطن إلى غابة لا تصلح لحياة البشر.

وهذا طبيعي في ظل نظم الاستبداد التى تزج بالعلماء والمتخصصين في غياهب السجون والمعتقلات، بقضايا وتهم ملفقة، وفى ظل قانون القوة وشريعة الغاب من الطبيعي جدا ظهور هذه الأصوات النشاز التى تنم عن الجهل والتخلف.

وعن أبي إسحاق قال: “إذا بلغك أن غنيًا افتقر فصدِّق وإذا بلغك أن فقيرًا استغنى فصدق، وإذا بلغك أن حيًّا مات فصدق، وإذا بلغك أن أحمق استفاد عقلا فلا تُصدِّق”.

وقد صدق القائل حينما قال: “لكل داء دواء يستطبّ به إلا الحماقة أعيت من يداويها”، ولكن على ما يبدو أن الحماقة لها أخوات شقيقات كالجهالة والسذاجة والغباوة والتفاهة والسفاهة.

أضف تعليقك