كشف صحيفة العربي الجديد عن تنامي حالة من القلق داخل أروقة نظام السيسي على وقعال وساطة التي تستعد الإمارات للقيام بها خلال الأيام المقبلة، حول التوتر الحدودي بين أديس أبابا والخرطوم، وملف سد النهضة.
ولفتت الصحيفة نقلا عن مصادر إلى المخاوف المصرية من التشويش على المطلب المصري السوداني بشأن طلب رباعية دولية لقيادة المفاوضات، وكذلك المخاوف حول التأثير السلبي على التنسيق رفيع المستوى بين القاهرة والخرطوم لصالح أديس أبابا.
وقالت مصادر سودانية إن الإمارات أبلغت السودان بإحرازها تقدماً فيما يخص الأزمة الحدودية مع إثيوبيا من منطلق لعبها دور الوساطة بين الدولتين.
وأوضحت أن أبوظبي أبلغت الخرطوم توصلها إلى تفاهمات متقدمة مع الجانب الإثيوبي، من شأنها إنهاء الأزمة المندلعة على الحدود المشتركة بين الدولتين، وإمكانية الذهاب بشكل سريع إلى اتفاق ترسيم حدود بين البلدين لنزع فتيل الأزمة العسكرية. وأضافت أن أديس أبابا من جانبها حثت أبوظبي على المضي قدماً بشأن ملف سد النهضة على مستوى ثنائي مع الخرطوم، من أجل التوصل إلى اتفاق فني يراعي مخاوف المسؤولين هناك قبل الملء الثاني للسد المزمع الشروع فيه في يوليو المقبل والمقدر بنحو 13.5 مليار متر مكعب من المياه.
وبحسب المصادر ذاتها، فقد أبدت أديس أبابا استعدادها للتعاون الثنائي مع الخرطوم بشأن عملية الملء الثاني من منطلق الحفاظ على سلامة سدوده، على أن ذلك التعاون والاتفاق الفني ثنائي مع الخرطوم، وليس في إطار اتفاق شامل ملزم يحد من قدرة إثيوبيا على استغلال مواردها، أو الحصول على موافقات مسبقة من القاهرة قبل الشروع في أي مشاريع متعلقة بالنيل.
وكشفت المصادر عن أن أديس أبابا بعثت برسالة للخرطوم عبر أبوظبي بشأن استعدادها لتنسيق عملية الملء ومراعاة الملاحظات السودانية، وبالتحديد المطلب السوداني باستمرار عملية الملء الثاني لستة أسابيع وعدم اقتصارها على 11 يوماً فقط. وبحسب المصادر، فإن هناك دعماً قوياً من قِبل رئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك للتوجه الإثيوبي المدعوم إماراتياً، على الرغم من كونه يتعارض مع حالة التوافق المصري السوداني التي تشهدها العلاقات حالياً.
وأضافت: "حمدوك يسعى جاهداً لتعويض التفاوت الحادث في ميزان القوى بين الحكومة المدنية والمكون العسكري في مجلس السيادة، بعدما اختلّ هذا الميزان بشدة لصالح العسكر على ضوء النزاع الحدودي واندلاع المواجهات العسكرية مع إثيوبيا على الحدود، بخلاف أن حمدوك ما زال متمسكاً بالعلاقات مع أديس أبابا وعدم خسارتها لما يرى فيه من مصلحة السودان على المدى البعيد".
من جهتها، قالت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، إن القاهرة تتابع تحركات أبوظبي في الوساطة بين الخرطوم وأديس أبابا بقلق بالغ، مضيفة "حتى الآن ما رصدته القاهرة من شأنه الإضرار بمصالحها والتأثير السلبي على موقفها مع الخرطوم والذي وصلت إليه بعد عناء شديد وسط تجاهل تام من الحلفاء الخليجيين". وتابعت المصادر "مصر قلقة من أن تنتهي تحركات الإمارات بعقد اتفاق فني فقط وثنائي بين السودان وإثيوبيا، واستبعادها". وأوضحت المصادر أن القاهرة أبدت أخيراً تجاوباً مع اتصالات إماراتية بشأن إمكانية عقد اجتماع ثلاثي برعايتها، شرط ألا يحمل صفة "الرسمي".
ولفتت المصادر إلى أن القاهرة تجاوبت مع المقترح الإماراتي لعقد اجتماع في أبوظبي على الرغم من كون المقترح يتعارض مع المطلب المصري السوداني بالدعوة لتشكيل رباعية دولية لقيادة المفاوضات الخاصة بالسد، خشية استبعادها في حال تم اللقاء على مستوى ثنائي فقط بمشاركة السودان وإثيوبيا. وقالت المصادر إن الاجتماع الذي دعت إليه الإمارات قد يؤدي للتشويش على المطلب المصري السوداني، لذلك طلبت القاهرة ألا يحمل الصفة الرسمية.
يأتي ذلك في وقت قال فيه وزير الخارجية المصري سامح شكري، إنه ما زالت هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق في أزمة سد النهضة، حتى لا يحدث توتر في العلاقات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا. وأضاف شكري، في تصريحات إعلامية مساء الأربعاء، أن الوقت ضيق حالياً، وإذا لم يكن هناك انخراط كامل من كل الأطراف في المفاوضات، فلن يسعف الوقت، مؤكداً أن الملء الثاني لسد النهضة، الذي تعتزم إثيوبيا القيام به، يعد خرقاً ثانياً لاتفاق المبادئ بعد الملء الأول، وهو ما لا يمكن السماح به. وتابع شكري "إذا تم تجاوز المرة الأولى، فهذه المرة لا يمكن، وما ستشكله من خطر على السودان قد يجعل الأمر يتعدى مراحل التفاوض مرة أخرى". ولفت إلى أن طرح الأزمة على مجلس الأمن أحد السيناريوهات المطروحة.
أضف تعليقك