إلى من رفضوا الدنية فى دينهم وعشقوا الكرامة والحرية: سلام عليكم بما صبرتم، سلام عليكم بما ثبتم، سلام عليكم بما جاهدتم وأعييتم خصومكم كارهى الدين بائعى الوطن.
لن يغفل اليوم عنكم رجل، إلا رجلاً حالف الشيطان أو أغوته نفسه واتبع هواه، أما الرجل العاقل فلا يسعه إلا الهمّ لكم والانشغال بقضيتكم، والذود عن عقيدتكم ومبدئكم، فلن يحرر الوطن إلا بكم وبمن سار على دربكم، ولن تشرق شمس الحرية أو يسطع نورها إلا بتضحياتكم.. فسلامٌ عليكم أينما كنتم، وسلامٌ على كل مناصر لكم، ذائد عن حقكم.
نعلم أننا مقصرون فى حقكم، لكنه جهد المقل وطريقة من لا يجد ما يُحمل عليه، لكنكم -والله- حديث أنفسنا وفريضة وقتنا، ولن تهدأ لنا نفس أو يصلح لنا بال إلا بتحريركم الذى يعقبه تحرير الوطن، ونهوض الأمة وذهاب البأس وتولى المجرمين من المنافقين أحلاف الصهاينة لصوص الدول.
أنظر فى كل واحد منكم فلا أجد سوى الطهر والعفاف، والمروءة والوفاء، والإخلاص والإقدام، فىأخذنى العجب: كيف يغيب هؤلاء وتلفق لهم القضايا والأحكام وهم على هذه الصورة من مكارم الأخلاق؟، وغيرهم من أهل التفاهة والدعارة قد حازوا المناصب وحصّلوا الأموال ونالوا الشهرة؟ ثم أفيق على سيرة الأنبياء والرسل والصالحين، فيذهب العجب، فما من نبى إلا أوذى، وما من رسول جاء برسالة من ربه إلا أخرجه قومه من بينهم، أو سجنوه، أو قتلوه، وما كان مصلح فى قوم سوء إلا عادوه وساموه سوء العذاب.. ونشهد إنكم من أهل الصلاح، والبر والتقوى، فسلامٌ عليكم ما انشق فجر، وما لاح قمر، وما بقيت عينٌ تطرف ونفس يتردد.
وهل تعلمون يا أهل الجهاد أن بثباتكم يثبت الملايين، وأن صلابتكم هى الماء الذى يستنبت أجيال النصر، فأنتم غرس الحرية وشجرة العزة، بكم يقتدى الشباب ويستبشر الرجال، ويؤمل فيكم القوى والضعيف، أنتم الطائفة المنصورة الذين لا يضرهم من خذلهم، فهم يعيشون بالإسلام، ويموتون على الإيمان، ولا يخشون أحدًا إلا الله، ولا يرهبون القتل، ولا تغرهم دنيا أو متاع، عصبة كريمة لا ترى بينهم خائبًا ولا خائنًا، ولا فاسدًا ولا إمعة.
إن قدر الله فيكم يا ساكنى الزنازين أنكم جئتكم فى ساعة فتنة؛ لتقولوا بلسان الحال -لكل الدنيا- إن الخير والبر لن يزولا من أمة محمد، وإن الجهاد فريضة ماضية إلى يوم القيامة، ولولاكم لضل خلق كثير، ولانزوى المسلمون ينتظرون قرار أعدائهم فيهم، وما دوركم الآن إلا كدور خبيب الذى استهان بالقتل فى سبيل الدين، ولم يبال على أى جنب كان فى الله مصرعه، وهو دور من كره أن يشاك محمد -صلى الله عليه وسلم- بشوكة وهو فى موضعه سليمًا معافى، ودوركم هو دور ابن حنبل الذى عُذب عذاب الأولين والآخرين فلم ينطق بكلمة يرضى بها الأعداء ويسخط بها الله، فكان ثباته نصرة الإسلام، والله ينصر من ينصره، ويخذل من يخذله، فأنتم أيها الفضلاء على درب هؤلاء الصالحين جميعًا، الذين افتدوا بأنفسهم أمة بكاملها، فتنزلت عليهم الرحمات وكان لهم الذكر الحسن.
الحمد لله أن ثبتكم، وله الحمد أن ألف بين قلوبكم، وله الحمد أن جعل لكم ألسنة تلهج بالذكر والدعاء، وما خاب من جعل الله وجهته والتزم الذكر والدعاء.. ونحن على يقين بأن الله لا تضيع عنده مظلمة، بل هو الحكم العدل، المقسط الذى لا يرد دعوة مظلوم، بل يفتح لها أبواب السماء ويقسم لينصرنها ولو بعد حين، فلا خوف عليكم إذًا ولا أنتم تحزنون، أنتم الأسياد وسجانوكم العبيد، أنتم أهل الله وهم أهل النفاق، أنتم حزب الله وهم حزب الشيطان، ومهما طال ليل فلا بد أن ينقشع ظلامه، ومهما عمّر ظالم فلا بد أن ينكس فى الخلق، ثم يموت موت البعير، فلا يجد له من دون الله وليًا ولا نصيرًا.
بشراكم بشراكم أيها الأحباب، فإن نصر الله لآت، وإن عز الإسلام لمتحقق رغم مكر الماكرين وكيد الكائدين وعدوان الظالمين.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
أضف تعليقك