• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

لا جديد في مصر، وإن وُجد من يقول بوجود الجديد مع قضية الفساد الكبرى، التي اتهم فيها مدير المشتريات بمجلس الدولة، والأمين العام للمجلس الذي لقي حتفه في حجز الرقابة الإدارية، وقالت الرواية الرسمية إنه انتحر، بينما لا يصدق كثيرون هذه الرواية!

إن شئت الدقة فإن الريبة أحاطت بالقضية منذ تفجيرها والإعلان عن أنه بمداهمة منزل مدير المشتريات، فقد تم العثور على مبالغ مالية ضخمة، من عمولات مختلفة، ومن الجنيه المصري، إلى الدولار، مروراً باليورو والريال السعودي، والحديث عن ثروة لهذا الموظف تقدر بنصف مليار جنيه مصري، على نحو طرح سؤالاً، لم تتم الإجابة عليه إلى الآن: إذا كانت هذه هي الرشاوى، فما هو حجم مشتريات مجلس الدولة سنوياً؟

اللافت أنه لم يتم القبض على المتهم متلبساً بجريمته، والتلبس أحد أركان جريمة الرشوة، فتسقط إذا لم يكن هناك تلبس بارتكاب الجريمة. وقد تم القبض في وقت لاحق على الأمين العام لمجلس الدولة، وهو قاض وإن كانت وظيفته إدارية في الأصل والفصل، مع خلاف في الروايات، فهناك رواية أنه تم إلقاء القبض عليه على سلالم المجلس، بينما قالت رواية أخرى، إن عملية القبض عليه تمت في فندق "الماسة"، وهو فندق مملوك للقوات المسلحة، وكان المقر الانتخابي للفريق عبد الفتاح السيسي، وهو المكان الذي استقبل فيه المهنئين عشية إعلان لجنة الانتخابات الرئاسية فوزه وتفوق الأصوات التي حصل عليها على الأصوات الباطلة يليها أصوات منافسه حمدين صباحي!

وجود المستشار "وائل شلبي" في فندق "الماسة"، يتفق مع ما ورد من كونه كان منتدباً لجهة سيادية عليا، ويبيح القانون المصري انتداب القضاة للعمل لدى السلطة التنفيذية، مما يقضي من ناحية على مبدأ استقلال القضاء، ويقضي من ناحية أخرى على مبدأ الفصل بين السلطات، وقد نادى نادي القضاة في السابق بوقف هذا السلوك المعيب بتعديل القانون، لكن لأنه الباب الذي يدخل منه الشيطان، والشيطان هنا هو السلطة، فلم تتم الاستجابة لهذا المطلب في كل العهود، بما فيها السنة التي حكم فيها الرئيس محمد مرسي، الذي اصطدم بالقضاة بمشروع قانون ركز على النزول بسن الإحالة للمعاش لكنه لم يقترب من هذه الجزئية، ولو فعل لأخرس خصومه الذين احتشدوا للهجوم عليه في نادي القضاة برئاسة أحمد الزند، لكن الحكم كان صاحب مصلحة في بقاء الأمر على ما هو عليه، فالرئاسة لديها قضاة منتدبون من مجلس الدولة أيضاً!

إذا سلمنا بوجود "وائل شلبي"، في فندق "الماسة"، فهل كان مختبئاً فيه بعد رفع الحصانة القضائية عنه، أم كان يبحث عن علاقاته هناك باعتباره منتدباً لجهة سيادية عليا؟.. فكل هذه الأسئلة لم تتم الإجابة عليها!

ومهما يكن، فإن الدافع لقولنا في البداية أنه لا جديد، ليس لأن عملية الانتحار تذكر بقصة انتحار المشير عبد الحكيم عامر، أو انتحار الجندي المصري سليمان خاطر الذي تم القبض عليه وإدانته بتهمة قتل وإصابة سبعة إسرائيليين قال إنهم تسللوا إلى نقطة حراسته في جنوب سيناء، وقد وجد مشنوقاً بمحبسه في يناير 1987!

"لا جديد" ترجع إلى التوظيف السياسي لقضية مكافحة الفساد، بما يمثل دعاية للسلطة القائمة، وهو سلوك ينتمي لعهد مبارك، الذي بدأ حياته بإحالة شقيق الرئيس السادات وأولاده لمحكمة القيم، وكان هذا تصفية حسابات معه، لأن "عصمت" ونجله طلعت لم يتوقفا عن التلميح والتصريح بأن مبارك "له يد" في مقتل السادات!

وقد أفاد هذا السلوك مبارك، من حيث ترويج النخبة المنحازة له بأنه يواجه الفساد، وسلك بعض المسؤولين في عهده نفس الأسلوب، فتم سجن رجل الأعمال علي الصفدي وكان من يقف وراء سجنه هو رئيس الوزراء عاطف عبيد، وهو من كان أيضاً وراء سجن وزير المالية الأسبق محيي الدين الغريب، الذي أدانته محكمة الجنايات مرتين، قبل أن يصدر الحكم بالبراءة من محكمة النقض ويتبين أنه سجن بدوافع الانتقام، واستفاد النظام بحفلات مواجهة الفساد المنصوبة. وقد يكون البعض فاسداً فعلاً، لكن الدوافع لسجنه لم تكن بهدف مكافحة الفساد!

من قبل تم عزل هشام جنينة لأنه تحدث عن الفساد، وقالوا إنه بذلك يشوّه الدولة المصرية، واليوم تختلف النغمة ويصبح كشف قضية فساد مجلس الدولة يؤكد على شجاعة الرئيس!

أضف تعليقك