قضى أكثر من نصف عمره في سجون الظلم كما سجل بنفسه أسطورة في الصمود والتحدي دخل السجون، فشهد حكام مصر من الملك فاروق مرورا بعبد الناصر والسادات ومبارك حتى عبد الفتاح السيسي فترة سجن مهدي عاف أنه شيخ المجاهدين الدكتور مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين.
كان أحد مرشدي جماعة الإخوان الذين كانوا أكثر الناس حرصًا علي أن يكونوا شوكة في حلق الصهاينة ومن عاونهم من حكام العرب.
أعتقل مهدي عاكف بعد الانقلاب العسكري مباشرة، فرغم تاريخه المشرف ومشاركته في في مقاومة الاستعمار البريطاني حيث قاد ضده عمليات عديدة، غير أن دوره الوطني وسنه الكبيرة لم يشفعا له عند الانقلاب العسكري الذي أصر على اعتقاله ومدد فترات حبسه مرارا حتى الآن.
ولد محمد مهدي عثمان عاكف مع مولد جماعة الإخوان المسلمين في عام واحد هو العام 1928، وفي إحدى قرى مدينة المنصورة شمال القاهرة نشأ بين 10 من الأشقاء لوالد كان ميسور الحال وقتها، فحصل على الابتدائية بالمنصورة ثم انتقل إلى القاهرة ليعيش في منطقة شعبية بها تسمى السكاكيني.
وعندما بلغ سنه 12 عاما وبالتحديد سنة 1940 جذب نظره إلى جماعة الإخوان المسلمين اهتمامهم بالرياضة التي كان يحبها و"الأسلوب اللطيف والراقي الذي يتعامل به الإخوان" فانضم عاكف إلى الجماعة التي كانت قد حققت توسعا كبيرا في ذلك الوقت.
قبض على محمد مهدي عاكف في أول أغسطس 1954، وحوكم بتهمة تهريب اللواء "عبد المنعم عبد الرؤوف" أحد قيادات حركة الضباط الأحرار بالجيش التي قامت بثورة يوليو 1952 وهو الضابط الذي حاصر قصر رأس التين المتحصن فيه الملك فاروق وأشرف على طرده، وحكم على عاكف بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة فقضى 20 عاما كاملة بالسجن وأفرح عنه في عهد السادات عام 1974.
مع بداية العام 1995 بلغ التوتر في العلاقة بين الإخوان المسلمين والحكومة المصرية مداه فشنت الحكومة حملة اعتقالات طالت الكثير من جيل الوسط بالجماعة وقدمتهم للمحاكمة العسكرية في مسلسل استمر أكثر من خمس سنوات، ومثل عاكف أمام المحكمة العسكرية سنة 1996، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، ليخرج عام 1999.
ثم تولى منصب المرشد العام للإخوان المسلمين بعد وفاة المستشار محمد المأمون الهضيبي وذلك في يناير من عام 2004م واستمر حتى انتهت فترة ولايته في يناير من عام 2010م وتم اختيار الدكتور محمد بديع خلفا له، ليكون عاكف بذلك أول مرشد سابق للجماعة وهو على قيد الحياة.
ويعد مهدي عاكف أكبر سجين مصري مازال له دور بارز في مقاومة الانقلاب العسكري على اول رئيس مصري منتخب، ليضرب مثلاً على مدى صموده للدفاع عن الحق رغم كبر سنه وتدهور صحته ووجوده داخل مستشفى المعادي العسكري، الذي نقل إليه قبل شهر ونصف، وحبسه على خلفية قضايا باطلة.
وقف مهدي عاكف أمس أمام القاضي الذي يحقق معه، فتذكر الجميع شيخ المجاهدين عمر المختار، فلم تختلف هيئتهم كثيرًا وكذلك تاريخهم فكلاهم قرر أن يحارب المستعمر وقرر أن يجاهد من أجل وطنه ودينه لا يعبئون كثيرًا بالقاضي الذي يقف أمامهم، تطبيقًا لما قالوا "الموت في سبيل الله أسمي أمانينا".
وعندما تم إعدام شيخ المجاهدين عمر المختار خرج الآلاف المجاهدين لتنتفض ليبيا وتهزم من أعدمه، ويقف العالم احترامًا وتبجيلًا لشيخ المجاهدين، والآن يقف شيخ المجاهدين مهدي عاكف ينتظر حكم الإعدام وهو علي يقين أن الحق سينتصر، وأن الثورة مستمرة، وأن الآلاف المجاهدين في الشوارع علي يقين بنصر الله، ويتسائل المصريين عما إذا كان مصير شيخ مجاهدي مصر سيكون كمصير شيخ مجاهدي ليبيا.
أضف تعليقك