• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

تدعو جميع النقابات والجمعيات والروابط والأحزاب وكل مواطن ومواطنة يبحثون عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية فى كل موقع ومصنع، وفى كل حى سكنى، إلى الانخراط فى الحملة الشعبية للتصدى لسياسات الإفقار ــ هذا نداء أطلق لأول مرة مساء يوم الجمعة (13 يناير الحالى). وعلى أهميته ورمزيته فقد تجاهلته وسائل الإعلام المعتمدة. ولم يظهر له أثر إلا فى مواقع التواصل الاجتماعى.

أثار انتباهى فى الإعلان أربعة أمور: الأول أنه تحدث عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولم يشر إلى الحقوق السياسية، الأمر الذى يعنى أن الذين أصدروا البيان أرادوا أن يتحركوا خارج دائرة الاشتباك السياسى، وأن يعبروا عن تطلعات المجتمع بأسره الذى قضَّت مضاجع أفراده الإجراءات الاقتصادية الأخيرة وهو ما يتعذر معه اتهامهم باستهداف «إسقاط الدولة» أو تصنيفهم ضمن «أهل الشر».

الأمر الثانى أن الذين أصدروا البيان ووقعوا عليه ٨ كيانات عمالية ونقابية هى الاتحاد المصرى للعاملين فى البترول ــ الاتحاد الإقليمى لنقابات الدلتا ــ اتحاد المعلمين المصريين ــ اتحاد منتجى قصب السكر (تحت التأسيس) ــ رابطة شباب المهندسين (بناء) ــ المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية ــ النقابة المستقلة للعاملين بالتعليم ــ جبهة الدفاع عن الصحفيين والحريات ــ لجنة الحريات بنقابة الصحفيين. كما تضامنت مع البيان سبعة أحزاب هى: التحالف الشعبى الاشتراكى ــ الاشتراكيون الثوريون ــ مصر القوية ــ الكرامة ــ وحزبان تحت التأسيس هما: التيار الشعبى والعيش والحرية.

الأمر الثالث أن الذين أصدروا البيان وتضامنوا معه بسرعة إضافة إلى الكيانات النقابية، أحزاب وتجمعات سياسية مختلفة المرجعية تراوحت بين الماركسية والإسلامية.

الأمر الرابع أن البيان الذى تجاهلته وسائل الإعلام استقبل بترحيب ملحوظ. ذلك أن الذين وقعوا عليه بأسمائهم إلكترونيا وصل عددهم إلى 354 شخصا (حتى صباح السبت) أى فى أقل من 24 ساعة، وفيما أعلن فإن إعلان أسماء المنضمين الجدد للحملة ستعلن كل 24 ساعة.

الحملة تبنت ثلاثة مطالب هى: زيادة الأجور والمعاشات بما يتناسب مع معدلات التضخم الكبيرة لكل العاملين بأجر، وتعديل هيكل الأجور لتقليل الفجوة بين الحدين الأدنى والأقصى ــ إقرار سياسات ضريبية عادلة، بحيث تتوزع الأعباء الضريبية بشكل عادل ــ زيادة الأموال الموجهة لدعم برامج الحماية الاجتماعية (بطاقة التموين والضمان الاجتماعى... إلخ)، بتمويل هذه البرامج من الضرائب المحصلة من الفئات الأغنى.

قل ما شئت فى جدوى المطالب أو فى أوزان الذين أطلقوا النداء، وتضامنوا معه (رغم تحفظى على عنوان الحملة التى رفعت شعار «عاوزين نعيش» لحساسيتى إزاء استخدام المفردات العامية مادام لها ما يقابلها فى الفصحى). إلا أننى أدركت أن فى التحرك الذى أطلق النداء جديدا له رمزيته المهمة. إذ وجدت فيه تعبيرا عن ارتفاع صوت المجتمع واتساع دائرة الغضب فيه، ذلك أننا إذا تتبعنا مؤشر الاشتباك الداخلى خلال السنوات الثلاث الأخيرة فسنجد أنه بدأ مع الإخوان ومن لف لفهم. ثم تطور إلى اشتباك مع المنظمات الحقوقية التى هالها حجم الانتهاكات التى حدثت فى ثنايا الاشتباك الأول. اتسعت الدائرة بعد ذلك بحيث شملت اشتباكا مع شباب ثورة يناير الذين انتبهوا إلى تحركات عناصر الثورة المضادة وإجراءات التضييق على الحريات العامة. فى هذه المرحلة بدأ تفكيك ائتلاف 30 يونيو، خصوصا فى مرحلة الانتخابات التشريعية حين ظهرت بوادر تهميش البرلمان وتفريغه من مضمونه. أما الصدمة التى أصابت النخب الوطنية ووسعت من دائرة الغضب وأنهت تماما ائتلاف 30 يونيو فكانت اتفاقية التنازل عن جزيرتى البحر الأحمر. وحين تتابعت القرارات الاقتصادية المجحفة التى تمثلت فى رفع الدعم وتعويم الجنيه فإن دائرة الغضب تضاعفت كثيرا، بحيث انتقل السخط من النخب السياسية إلى القاعدة العريضة للمجتمع. وهو ما أعتبره انعطافا مهما، يعيد إلى الأذهان روح يناير عام 2011. وهو ما يستحق منا انتباها، كما أنه يبعث إلى السلطة برسالة جديرة بالقراءة الرشيدة.

أضف تعليقك