لم يكن اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقر وزارة الدفاع الأميركية البتناجون ليوقع على الأمر التنفيذي «لحماية الأمة من هجمات إرهابية بأيدي رعايا أجانب» اختيارا عبثيا، بل له رمزية معنوية وتاريخية وعسكرية حيث أن وزارة الدفاع الأميركية هي وزارة الحرب المعنية بحماية الدولة وهي كذلك التي تتولى القيام بتنفيذ الأوامر الحربية ومن ثم فلم يكن هذا القرار الذي شمل رعايا سبع دول إسلامية هي السودان والصومال وإيران وليبيا واليمن والعراق وسوريا إلا قرارا بإعلان الحرب على المسلمين عامة مستخدما هذه الدول التي خربتها الولايات المتحدة ودمرتها أو ساعدت في تدميرها لتكون بداية لمعركته الجديدة ضد المسلمين.
قرار ترامب كان توجيها مباشرا لوزير الدفاع الأميركي الجنرال جيمس ماتيس المعروف بعدائه وكراهيته القديمة للمسلمين والملقب بالكلب المجنون، وماتيس له تاريخ حافل في المنطقة مليء بجرائم الحرب المزينة بالشعارات الأميركية الزائفة فقد كان يقود فرقة المارينز خلال غزو العراق في العام 2003، وفي العام 2010 أصبح رئيسا للقيادة العسكرية الوسطي وقد قضى في المنطقة سنوات شارك فيها في كل جرائم الحرب التي ارتكبت ضد المسلمين، حتى أنه كشف عن كراهيته الشديدة وعنصريته للمسلمين خلال ندوة في سان دييغو في الولايات المتحدة في العام 2005 حينما تحدث عن المتعة في إطلاق النار على المسلمين قائلا «تتوجه إلى أفغانستان، وتجد رجالا يصفعون النساء على وجوههن لأنهن لا يرتدين الحجاب، تعلمون أن أشخاصا مثل هؤلاء لم يعد لديهم رجولة، ولذلك فإنه من الممتع جدا إطلاق النار عليهم» ورغم أن ماتيس اعتذر عن هذه التصريحات بعد الضجة الهائلة التي أحدثتها آنذاك إلا أن هذا لم ينف عن هذا الرجل الذي يحظى تاريخه بالجرائم وكراهيته للمسلمين، ولعل تعيين ترامب له كأول جنرال يتولى وزارة الدفاع الأميركية منذ العام 1950 له معان كثيرة في توجهات ترامب الحربية والعسكرية ضد المسلمين.
وقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب بخصوص حظر دخول المسلمين يتضمن كذلك أوامر بتوجيه ضربات ضد تنظيم الدولة وما يسمى بالإرهابيين حسب التصنيف الأميركي والتي تصل في بعض الأحيان لقتل نساء وأطفال كما حدث في الضربة الجوية التي وجهتها الطائرات الأميركية بدون طيار لمساكن إحدى القبائل اليمنية فجر الأحد الماضي.
مأساة العرب والمسلمين أنهم يعيشون بلا أوطان لأن امتلاك الوطن يعني المشاركة في اتخاذ القرار فيه، لكن ما يحدث هو أن الذين يعيشون داخل أوطانهم مجردون من حقوق المواطنة، كما أن الذين يعيشون خارج أوطانهم مجردون من حقوق اللجوء وهذا ما يمكن أن يوقظ الهمم في الأمة، وفي تلك الشعوب بعدما أصبحت الطرق مغلقة أمامها في أن تصر على إعادة امتلاك أوطانها بدلا من الركوض إلى الدول الغربية التي لم يعد فيها أمان ولا حرية ولا حتى أبواب مفتوحة لتستقبل المسلمين.
أضف تعليقك