• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانيتين

انشغل الشارع المصري بالأيام الأخيرة بمخاوف خطر وقوع مصر في شرك الإفلاس، في ضوء تقرير منسوب لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية لتقديمه للرئيس الأمريكي الجديد، وتخوف البعض من المصريين من أن تؤدي تلك الأحوال الاقتصادية إلى استيلاء الحكومة على ودائعهم بالبنوك لتنقذ نفسها. 

وحالة الإفلاس تصل إليها الشركات أو الدول حين تعجز عن الوفاء بأعباء ديونها من فوائد وأقساط، وفي الحالة المصرية ورغم كبر حجم الديون الخارجية والذي تخطى الستين مليار دولار في سبتمبر الماضي كآخر أرقام رسمية معلنة، وما تلاه من قروض من عدة مصادر، وارتفاع تكلفة الدين الخارجي من أقساط وفوائد  لأكثر من 5 مليارات دولار بالعامين الماليين الأخيرين، إلا أن الحكومة منتظمة في سداد ما عليها من فوائد وأقساط.

وعندما أثير طلب مصر تجديد سندات سعودية بقيمة نصف مليار دولار، من خلال تأجيل سدادها نفى محافظ البنك المركزي ذلك الأمر، وأكد على سداد القسط النصف سنوي لدول نادى باريس بحوالي 700 مليون دولار بشهر يناير الماضي.

ومع كبر حجم الفوائد والأقساط تلجأ الحكومة للمزيد من الاقتراض سواء من الداخل أو من الخارج، من خلال مصادر متنوعة ما بين اقتراض مباشر، أو إصدار أذون خزانة أو سندات بالجنيه المصري وبالدولار وباليورو، كما أنها ستلجأ لبيع حصة من بنك القاهرة المملوك لها في مايو القادم، ويتبعه بيع حصص في شركات بترولية وربما مستشفيات حكومية أيضا.

المساندة الغربية لمنع الإفلاس

وفى ضوء الفجوة التمويلية التي قدرها صندوق النقد الدولي بنحو 12 مليار دولار سنويا، بالسنوات الثلاث المقبلة، يحرص النظام المصري على سداد ما يحل من فوائد وأقساط، حفاظا على ثقة المقرضين به، وحتى يستمر في لعبة "تلبيس الطواقي" التي يمارسها منذ مجيئه، من خلال المزيد من الاقتراض لسد القروض السابقة أو لأغراض استهلاكية، وليس لتوجيهها للتنمية أو لأنشطة تجلب إيرادات تساعد على تغطية نفقات القروض.

ومن خلال ما حدث بالسنوات الأخيرة كان واضحا حرص الدول الغربية والشرقية على تقديم المساندة المالية لنظام الانقلاب من خلال دول الخليج العربي، ولم تكن دول الخليج: السعودية والإمارات والكويت، تستطيع تقديم إعاناتها السخية له في حالة عدم رضا الدول الغربية عن ذلك.

وبعد توقف المعونات الخليجية لأسباب تتعلق بصعوبات مالية تمر بها نتيجة استمرار انخفاض سعر البترول، فقد لجأت الدول الغربية لمساعدة مصر من خلال مؤسسات التمويل الدولية والتي تملك حصص الأغلبية بها كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وحتى بنك التنمية الأفريقي فهي تملك نصف حصص التصويت به.

ولم تكتف الدول الغربية بذلك بل لقد قدمت قروضا للنظام المصري بشكل مباشر، مثلما فعلت ألمانيا وإنجلترا وفرنسا، كما لم توقف الولايات المتحدة معونتها الاقتصادية السنوية البالغة 250 مليون دولار، إلى جانب معونتها العسكرية التي تتجاوز المليار دولار سنويا.

الاتجاه لدعم إضافي للانقلاب

وتدرك الدول الغربية أنه لا توجد سوى قوتين رئيستين في مصر هما: الجيش والتيار الإسلامي. ورغم تحفظها على قمع الحريات الذى يمارسه الجيش، إلا أنه بالنسبة لها أخف ضررا على مصالحها بالمنطقة ومصالح الدولة العبرية من التيار الإسلامي، ولهذا تتغاضى عن ممارسات النظام الحالي في ما يخصص قمع المعارضين، حتى من الليبراليين ووجود الآلاف منهم بالسجون منذ سنوات.

ومن هنا نجد التقييمات الصادرة عن وكالات التصنيف الدولية الغربية، والتي منحت مصر درجة B سالب مستقرة، رغم العجز الكبير بالموازنة وكبر حجم الدين الخارجي وارتفاع نسبة الديون للناتج المحلي  وارتفاع نسبة التضخم، كما يتصل بذلك تغطية السندات التي طرحتها مصر الشهر الماضي ثلاث مرات، رغم عدم الاستقرار السياسي والأمني ومخاوف الإطاحة بالنظام الحاكم نتيجة الاضطرابات الشعبية بسبب حالة الغلاء الحاد.

ولهذا نجد تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، وفي إطار المصالح الأمريكية بالمنطقة من تسهيل عبور قواتها بقناة السويس وفتح الأجواء أمام الطائرات الأمريكية بالمنطقة، يوصي الحكومة الأمريكية بتقديم دعم إضافي للنظام المصري، ودعم القوات المسلحة المصرية وتقديم الدعم السياسي والدبلوماسي للقيادات البارزة بها.

كما طلبت عودة المساعدات الغذائية الأمريكية لمصر والتي توقفت منذ عام 1992، وتكوين مجموعة اتصال تشمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودولا آسيوية وبلدانا خليجية، لحشد المزيد من الموارد لإنعاش الاقتصاد المصري في مواجهته للإفلاس.

وهو ما يعني إمكانية عودة الدعم الخليجي للنظام المصري، وإن كان بقيم أقل مما قدمته له، خاصة مع التحرك الجزئي الصعودي لسعر النفط، ووجود أرصدة ضخمة للصناديق السيادية الخليجية، واستغلال الحاجة للقوات المصرية في عمليات التصدي للحوثيين باليمن.

أضف تعليقك