الطبيعى أن يتأثر أداء البنوك بالركود الموجود بالسوق منذ فترة طويلة، لكن ما جرى هو حدوث طفرة بأرباح البنوك بينما كبار الشركات والعملاء يئنون من الشكوى من صعوبات الحصول على القروض، والتى زادت بعد تعويم الجنيه بتضاعف قيمة التسهيلات التي حصلوا عليها بالدولار.
وكانت البنوك قد قللت منذ سنوات تمويلها للشركات وتوسعت في شراء أدوات الدين الحكومية، لتحقق أرباحا مضمونة بلا مخاطر. إلا أنه أضيف خلال العام الماضى عاملا إضافيا زاد من أرباح البنوك، ألا وهو تعويم الجنيه، الذي حقق للبنوك إحتساب قيمة تسهيلاتها الدولارية للعملاء بسعر صرف يمثل ضعف ما كان عليه قبل التعويم، الأمر الذي زاد من قيمة أرصدة قروض البنوك وأصولها وأرباحها.
وها هى أصول بنك فيصل التي كانت قد بلغت 58 مليار جنيه بنهاية شهر أكتوبر الماضى قبيل التعويم، لترتفع قيمة أصوله بنحو 16.9 مليار جنيه خلال شهرين، بنمو 29% خلال شهرين فقط.
وهكذا حققت البنوك التي أعلنت قوائمها المالية للعام الماضى أرباحا ضخمة، بلغت أكثر من 6 مليار جنيه بالبنك التجارى الدولي بنمو 27% خلال عام، و4.2 مليار جنيه ببنك قطر الوطنى بنمو 32% خلال عام، و2.88 مليار جنيه ببنك فيصل الاسلامى بنمو 283%.
وحتى لا تتعجب من نسبة نمو الربح العالية، فهى لا تعود إلى طفرات في عمليات التشغيل، ولكن الإيرادات المتحققة من فروق سعر الصرف ببنك فيصل بلغت 1 مليار و535 مليون جنيه، كانت السبب في تلك الطفرة والتى تمثل نسبة 21 5 من الايرادات المتحققة، وهي نفس فروق سعر الصرف التي حققت لبنك قطر الوطنى 2.2 مليار جنيه إيرادات إضافية، ساهمت في زيادة إيراداته وأرباحه.
التعويم يزيد قيمة القروض
وهكذا ساهم التعويم في نمو معدلات مؤشرات البنوك، ففي البنك التجارى الدولي كان نمو الأصول بنسبة 49% والقروض بنمو 50% بارتفاع 35.3 مليار جنيه خلال عام، منها 31.9 مليار جنيه زيادة بالقروض بسبب فروق سعر الصرف، لتقصر الزيادة بالقروض به دون أثر سعر الصرف على 3.4 مليار جنيه فقط.
وتكرر أثر فروق سعر الصرف مع أرصدة الودائع بالبنك التجارى الدولي والتى زادت بنحو 77 مليار جنيه خلال عام، منها 58.4 مليار جنيه بسبب أثر تغير سعر الصرف، ليتبقى 18.6 مليار جنيه فقط لزيادة الودائع.
ونجد نفس نسب النمو العالية ببنك قطر الوطنى، حيث نمو الأصول بنسبة 44% والقروض بنمو 53% والودائع بنمو 46%، وفي بنك فيصل بلغت نسبة النمو للأصول 35% وللودائع 30% خلال عام بسبب التعويم.
ولأن بنك الشركة المصرفية العربية – سايب - يعلن قوائمه المالية بالدولار الأمريكى، وفي ضوء كون 62% من أصوله بالجنيه المصري، فقد أدت عملية التحويل من سعر صرف 7.7 جنيه بنهاية عام 2015، إلى سعر صرف 18.27 جنيه بنهاية العام الماضى، إلى تحقيق البنك تراجعا في مؤشراته، لتتراجع أرصدة الأصول بعد تحويلها للدولار بنسبة 33%، والودائع بتراجع 39% والقروض بتراجع 19%.
نصيب ضئيل للصعيد
ويظل السؤال عن الأثر السلبى انغماس البنوك في تمويل الحكومة على حساب القطاع الخاص؟ مع توسع البنوك في تمويل الحكومة من خلال اقتناء أذون الخزانة وسندات الخزانة، ولعل حالة بنك فيصل الإسلامى المصري خير شاهد، حيث لم تمثل قروضه المسماه المشاركات والمرابحات والمضاربات سوى نسبة 8% فقط من إجمالى أصوله. بينما اتجهت نسبة 59% من أصوله إلى أدوات الدين الحكومى - رغم أنها ذات عائد ثابت ولديه رقابة شرعية -، بالإضافة إلى 22% كأرصدة بالبنوك والبنك المركزي والنقدية، و7% للاستثمارات بالأسهم وبالشركات التابعة والشقيقة، و4% للأصول الأخرى والثابتة.
ولعل توزيع أصول البنك التجارى على القطاعات الجغرافية شاهد آخر على استئثار القاهرة الكبرى بمعظم توظيفات البنوك، حيث بلغ نصيبها النسبى من الأصول بالعام الماضى 90%، مقابل نسبة 8% للإسكندرية والدلتا وسيناء، وأقل من 2% للوجه القبلى.
ونفس الصورة في التوزيع النسبى للمشاركات والمرابحات والمضاربات ببنك فيصل الإسلامى، باستحواز القاهرة الكبرى على نسبة 76% من الاجمالى، والإسكندرية والدلتا وسيناء على نسبة 17%، والوجه القبلى 1.3% فقط أى لم تصل إلى واحد ونصف بالمائة، رغم وجود ستة فروع للبنك بمحافظات الوجه القبلى.
وبينما تخرج البنوك متباهية بأرقام الأداء والأرباح العالية بسبب التعويم، مازالت شركات القطاع الخاص بل والعام أيضا، تنتظر تنفيذ صدور تعليمات محددة من البنك المركزي، لترجمة وعود محافظ البنك، بحل مشكلة زيادة قيمة مديونات الشركات الدولارية بعد التعويم.
أضف تعليقك