وهكذا تتضح الأسباب الرئيسة لتراجع سعر صرف الدولار بالشهر الحالي، وهي وصول قيمة السندات الدولارية التي تم طرحها الشهر الماضي والبالغة قيمتها 4 مليارات دولار، ما مكن البنك المركزي من التدخل عبر البنوك العامة للتأثير في سعر الصرف، وواكب ذلك القيود على المستوردين حيث اعترفت هيئة الرقابة على الصادرات والورادات بتعطيل الاستيراد من ألفي مصنع أجنبي يتم فحص مستنداتها حتى يتم السماح لها بالتصدير لمصر.
وهكذا توقفت حركة العمل لدى مستوردي القطاع الخاص بنسبة 95% منذ قرار التعويم، ورافق ذلك إجازة سنوية للشركات الصينية تتعطل أعمالها خلالها لمدة شهر، أيضا توقف رحلات العمرة منذ نوفمبر الماضي وحتى أبريل القادم، وتراجع مدفوعات المصريين بكروت الائتمان في ضوء الضوابط المتشددة التي وضعتها البنوك المصدرة لها.
ويرى البعض أن زيادة الاحتياطي من العملات الأجنبية إلى26.4 مليار دولار الشهر الماضي، من العوامل التي ستساهم في استمرار تراجع الدولار بالأسابيع القادمة، وهو أمر مشكوك فيه، لأن هذا الاحتياطي تقابله ديون خارجية تمثل ثلاثة أضعاف قيمته، أي أنه احتياطي لا تملك مصر منه سوى قدر ضئيل، وكان من المفترض أن يصل هذا الاحتياطي إلى 28.3 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي، بعد وصول المليارات الأربعة التى تم بها إصدار سندات بالخارج.
لكنه تم خلال الشهر سداد 630 مليون دولار لشركة إيني الإيطالية منها، و819 مليون دولار لشراء احتياجات لهيئة السلع التمونية وهيئة البترول، وحوالي 700 مليون لنادي باريس كقسط شهر يناير، و430 مليون دولار لجهات حكومية أخرى ما أبقى أقل من ملياري دولار أضيفا إلى الاحتياطي.
وهو ما يعني وجود احتياجات دورية دولارية لاستيراد سلع البطاقات التموينية شهريا، واستيراد شهري لكميات من المنتجات البترولية عوضا عن توقف المشتقات السعودية، أيضا هناك أقساط وفوائد الديون الخارجية التي لن تقل عن 2.8 مليار دولار بالنصف الأول من العام الحالي.
وتحتاج البنوك المصرية للاقتراض من الخارج لتعزيز رؤس أموالها، كما أن هناك ديونا مستحقة لشركات البترول العاملة بمصر متأخرة منذ سنوات، ما دفع شركة دانة غاز الإماراتية لتجميد استثماراتها بمصر حتى تحصل على مستحقاتها البالغة 265 مليون دولار.
ومما يعزز استمرار مشكلة نقص الدولار، عدم تحقق توقعات محافظ البنك المركزي بمشتريات ضخمة للأجانب لأدوات الدين الحكومي المصري، والتي بلغت حتى يناير وبعد ثلاثة أشهر من التعويم 1.15 مليار دولار فقط، وهي أموال ساخنة سيخرج قدر منها قبيل الثلاثين من يونيو القادم.
كما كانت زيادة تحويلات المصريين بالخارج محدودة بنحو 150 مليون دولار شهريا، ومبالغ قليلة لاستثمارات الأجانب بالبورصة، وفي مقابل ذلك انخفضت أرصدة الودائع الدولارية بالبنوك المصرية بنحو 600 مليون دولار خلال الشهرين التاليين على التعويم.
أضف تعليقك