لقد زادت الأسعار بنسبة 30% فقط في شهر يناير الماضي لدرجة أن سعر كيلو الأرز وصل إلى 9 جنيهات وكيلو الفول لامس 24 جنيها، كما تخطى سعر كيلو العدس الــ35 جنيها. الحكومة لن تستصلح أراضي جديدة ولا تستطيع منع المواطنين من البناء على الأراضي الزراعية ولا برنامج عندها للاكتفاء الذاتي من الغذاء أو حتى مواجهة الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية. المصريون يحول نحو 40 ألف فدان سنويا إلى أراضي بناء كل عام.
ومما يزيد الطين بله أن السكان يتزايدون بمقدار نحو 1.7 مليون نسمة سنويًا. وإذا تذكرنا أننا نستورد 70% من غذائنا، وأن سعر الدولار تتضاعف 3 مرات في الشهور الأخيرة يمكن أن نتوقع مدى تفاقم الأزمة في المستقبل.. لذلك هناك حاجة ملحة للبحث عن حلول شعبية وغير نمطية، حلول تعتمد على الجهود الذاتية لمواجهة الأزمة.
أحد هذه الحلول يتمحور حول التركيز على زيادة إنتاجية الفدان عن طريق سياسة التحميل وتكثيف المحاصيل الغذائية.
الفلاح المصرى عنده خبرة فى زيادة إنتاجية الفدان بإتباع سياسة تحميل المحاصيل الزراعية على بعض، أي زراعة محصولين معًا في الوقت نفسه. فعلى سبيل المثال، يمكن تحميل زراعات شتوية على التفاح والخوخ والمشمش والبرقوق والعنب والنخيل. كما يمكن تحميل الفول والعدس والبرسيم والطماطم وكذلك محصول البصل على القصب. وبالمثل، يمكن تحميل الفول على بنجر السكر كما تمرس الفلاح المصرى في زراعة الحلبة والبرسيم الفحل مع القمح.
وعلى المنوال نفسه، يمكن تحميل السمسم على الفول السوداني وفول الصويا على الذرة واللوبيا مع السورجم، كما أن للمصرين خبرة طيبة في تحميل البصل على القطن.
فوائد تحميل المحاصيل وتكثيفها كثيرة ومعلومة.. وللتذكرة، التحميل يستغل الفراغات بين المحاصيل والتي تنتج بسبب موت أو غياب بعضها، ومن المعلوم أيضًا أن تحميل البقوليات والبرسيم على محاصيل شتوية أخرى يساعد على تغذيتها وتسميدها بكتيريًا ومن ثم زيادة إنتاجيتها، وبمعنى آخر، يمكن أن يستخدم الفلاح التسميد البكتيرى بديلًا أو مكملًا للأسمدة التي تضاعفت أسعارها مؤخرًا.
ومن سياسات التكثيف الزراعي القيام بحملة لتشجير شواطئ الترع والمصارف وجوانب الطرق بأشجار مثمرة، فدول الخليج تزرع أشجار النخيل على جوانب الطرق وفى حدائق المدارس والمستشفيات والهيئات الحكومية، كما قام الشعب الهندى بحملة لزراعة 50 مليون شجرة في يوم واحد شارك فيها الجيش وموظفى الحكومة وطلبة المدارس وجموع غفيرة من الشعب الهندى. الحملة كانت تحديًا لحملة باكستانية أو ردًا عليها زرع خلالها الباكستانيون نصف مليون شجرة في يوم واحد.
يجب أن تنتشر ثقافة غرس النخيل وأشجار العنب والزيتون والتوت والجميز والتين الشوكى والمانجو والمشمش وغيرها.
شجرة الزيتون مناسبة لتشجير المدن والقرى لأن زراعة فاكهة أخرى مثل النخيل والمشمش قد يعرضها لاعتداءات الأطفال، مع ملاحظة أن زراعة مثل هذه الأشجار اليوم يعنى أنها لن تثمر إلا خلال 4 إلى 5 سنوات. فمتر مكعب من الأرض ينتج 100 شتلة عنب، وهذا موسم زراعته لمن يبتغى صدقة جارية تنقذ مصريًا من الموت جوعًا.
وهناك حلول تركز على تغيير نمط غذاء المصريين والبحث عن وجبات صحية وغير مكلفة تحتوى على قليل من الدهون والنشويات وكثير من الخضراوات مثل الكرنب والخبيزة والجزر والبطاطس والرجلة والقمح الكامل والذرة وغيرها.
نبتة الرجلة كانت أحد مفردات غذاء المصريين قديمًا وما زالت في دول الخليج والهند وباكستان، كما أن سلطة الكرنب هي المفضلة في مطاعم كى إف سى ودول مثل سلطنة عمان والهند. أضف إلى ذلك، أن شربة ورق الكرنب شائعة في دول القوقاز.
ونظرًا لغياب الدولة، أقترح تدشين حملة شعبية وتكوين لجان شعبية دائمة لتوعية الفلاح بأهمية التحميل وأفضل الممارسات وكيفية تخزين المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية وطرق تقليل الفاقد فى الزراعة والحصاد والتخزين. ومن مهامها أيضًا تشجيع الفلاح على التشجير عن طريق توفير الشتلات مجانًا لغير القادرين ويمكن أن تمول من الصدقات وموارد الزكاة.
أضف تعليقك