• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

حاول مبارك في شهوره الأخيرة تنفيذ أوامر صهيونية ببناء جدار عازل على الحدود مع غزة، وبعد فضح الأمر، أخذ إعلام النظام (وعلى رأسه في ذلك الوقت تامر أمين وخيري رمضان) نفي الخبر، وتحدثوا فقط عن "منشأة هندسية" وليس جدارا، بهدف حماية مصر من الإرهاب! في نفس العام حدث تفجير كنيسة القديسين، وتبين لاحقا أن النظام هو من يقف وراءها!

***

1- من أصدر الأمر للأقباط بمغادرة سيناء؟

يحاول النظام في مصر دائما أن يسوق نفسه للغرب على أنه حامي حمى الأقباط، وحمى اليهود! حتى الاحتلال الإنجليزي نفسه كان يبرر احتلاله بحماية الأقباط، وقام بعد مظاهرات مطالبة بالجلاء بإحراق كنيسة في مدينة السويس، ضمن مخطط حريق القاهرة، واتهام الثوار الإرهابيين المطالبين بالجلاء بذلك (الإخوان)!

لكن ما يحدث للأقباط الآن لا يشير إلى أي حماية للأقباط، على العكس، مظهر تهجير الأقباط من بيوتهم في العريش، يظهر السيسي وكأنه عاجز عن هذه المهمة، فلمصلحة من ذلك؟؟

التعليق الأبرز لوزير داخلية السيسي مجدي عبد الغفار على الحادث أنهم لم يطلبوا من الأقباط في سيناء مغادرة المدينة! هذا التصريح معناه أن هناك طرف آخر طلب منهم ذلك، ومن البديهي أن هذا الطرف هو الكنيسة! (رقم 1 في المصادر)

والكنيسة لا يمكن أن تتخذ هذا القرار عشوائيا أو بشكل فردي، بل أغلب الظن أنه قرار مرتب له تم بالاتفاق مع أطراف داخلية وخارجية، حتى تتم المغادرة، واستقبالهم في كنيسة بالإسماعيلية ونزل الشباب هناك!

لماذا قد تأخذ الكنيسة هذا القرار؛ وهو يعني عمليا اعترافا صريحا بعدم قدرة السيسي على حمايتهم، وأن الجيش لم يعد صاحب الكلمة الأولى في سيناء؟؟

***

2- لماذا في هذا التوقيت؟؟

بعد تفجير الكنيسة البطرسية، أصر تواضروس على دعم السيسي وعدم الحديث عن التقصير الأمني، لكن أوامر الكنيسة للأقباط بترك منازلهم في سيناء هذه المرة لا يعني فقط تقصيرا أمنيا فحسب، بل غيابا أمنيا تاما عن سيناء، فلمصلحة من يتم ذلك؟؟

تاريخيا؛ تدخل تنظيم داعش ضد الاٌقليات في المناطق التي يسيطر عليها كان ذريعة، يتبعه تدخلا دوليا سريعا، سياسيا أو عسكريا كما حدث لليزيديين في العراق! وإذا حدث هذا في عهد أوباما العازف عن التدخل عسكريا، فيمكنكم أن تتخيلوا النتيجة إذا حدث ذلك في عهد ترامب الهائج، الذي عبر في تغريدة له عن غضبه لما يتعرض له المسيحسون في الشرق الأوسط منذ أسبوعين فقط، فهل كان ترامب يقرأ الودع؟! (رقم 2 في المصادر)

وإذا ربطنا بين ما يحدث في سيناء، وبين تصريح وزير إسرائيلي، عن عرض من السيسي بوطن للفلسطينيين في سيناء(رقم 3 في المصادر) ، وأن نتنياهو ناقش هذا العرض مع ترامب لاعتماد خطة السيسي في لقاء الطرفين في أميركا. وإذا ربطنا بين كل ذلك ولقاء السيسي وعبد الله في العقبة منذ أيام، وربطناها أيضا بتسريب مساعد كيري لصحيفة هآرتس تفاصيل لقاء تم في العقبة بين كيري ونتنياهو وعبد الله والسيسي ومسؤول سعودي كبير منذ عام، فسنكون أما سيناريو مفزع لصفقة إقليمية كبرى (تحدث عنها نتنياهو في أميركا أيضا) ورغبة مقابلة في النفي الحثيث لهذا المخطط، بعد أن افتضح الأمر، ومحاولة التبرير، مثلما حاول إعلام مبارك الدفاع عن لإقامة جدار على حدود قطاع غزة، كما أشرت في بداية المقال!

***

3- ما تفاصيل هذا السناريو؟؟

1- كلام الوزير الإسرائيلي أيوب قرا لا يمكن أن يكون عشوائيا أو فرديا، وهناك عرض بالفعل من السيسي لإقامة وطن للفلسطينيين في سيناء، وهو ما أكدته صحيفة الوطن الانقلابية منذ 4 سنوات وهو ما دعى مسؤولين صهاينة لمطالبة الوزير بعد إحراج السيسي حليفهم!

2- هذا العرض ليس جديدا، بل أكد محمود عباس في وقت سابق أنه تلقى عرضا إسرائيليا باستلام 1000 كيلومتر في سيناء لإقامة دولة فلسطينية. (رقم 4 في المصادر)

إسرائيل قدمت له هذا العرض في العام 2012، ويبدو أنها فعلت ذلك بعد تنسيق كامل مع الجيش، الذي كان يقوده السيسي، في إطار صفقة تدعم فيها السيسي في انقلابه على الرئيس مرسي، مقابل تنفيذ السيسي هذه الخطة الإسرائيلية التي لا يمكن أن تتم دون تهجير أهل سيناء، وهو ما فعله السيسي في اليوم التالي مباشرة للانقلاب!

3- يتلخص المشروع «الأمريكى - الإسرائيلى» لتبادل الأراضى بين مصر وفلسطين وإسرائيل، ويسمى "جيورا لاند" (رقم 5 في المصادر) فى أن تتنازل مصر للفلسطينيين عن رفح والشيخ زويد لتتمدد غزة إلى حدود مدينة العريش، مقابل أن تحصل مصر على أراضٍ مماثلة فى صحراء النقب، ومميزات لمصر منها ضخ نقدى يتراوح بين 100 و150 مليار دولار، بجانب محطة تحلية مياه ضخمة ممولة من البنك الدولى تغطى العجز الكبير فى المياه الذى سيتسبب فيه سد النهضة الإثيوبى.

4- ستسمح إسرائيل بشق نفق يربط بين مصر والأردن بطول 10 كيلومترات ويقطع الطريق من الشرق إلى الغرب، على بعد 5 كيلومترات من إيلات، بما يسهّل حركة الأفراد والبضائع بين مصر والأردن، وهذا غالبا سبب اجتماع السيسي وعبد الله منذ أيام!

5- ومن البديهي ألا يتم ذلك دون ضمان المرور الإسرائيلي في خليج العقبة، وهو السبب الذي دفع إسرائيل لتمرير اتفاقية تيران وصنافير بين السيسي والسعودية لضمان تدويل مضيق تيران وأن يكون خاضعا للملاحة الدولية.

***

4- ما الهدف من هذه الخطوة إذن؟؟

نحن أمام احتمالان إذن فيما يخص التصعيد الطائفي في سيناء:

أ‌- الراجح عندي أن يكون التصعيد في سيناء طائفيا متعمدا، تنفذه على الأرض ميليشات دحلان، وبالتعاون مع تواضروس هذه المرة، كمقدمة للتدخل الدولي في سيناء، تمهيدا لاقتطاعها من مصر وإعطائها للفلسطينيين!و إذا صدر تصريح من أقباط المهجر أو ترامب لهذا الخصوصلن أكون مستغربا!

هذا يعني عمليا انتهاء حل الدولتين، وهو ما يؤيده فريق في الغرب أسميته "الغرب الأقصى"، وما يعارضه فريق "الغرب الأوسط"، كما بينت مرارا في مقالا سابقة (رقم 6 في المصادر)

السيسي كان يريد أن تتم هذه العملية بهدوء، مثلما أراد مبارك بناء الجدار بهدوء، لكن طرفا ما فضح الأمر، وهذا سبب إنزعاج السيسي الشديد!َ السيسي ليس منزعجا من تهجير الأقباط بل من تسليط الضوء على الخبر! فالتهجير يتم منذ 4 يوليو 2013 لجميع أهالي سيناء،تحت مسمى محاربة الإرهاب وهدم الأنفاق، وقد تناسى الكثيرون الأمر، لكن إثارة الأمر طائفيا هذه المرة هو الجديد، وكأن الأقباط وحدهم من تم تهجيرهم! (رقم 7 في المصادر)

ب‌- وإذا افترضنا أن هذا التهيجر ليس متعمدا من الانقلاب، فهذا سيعني أن من يقوم بهذا الأمر هو نفس الطرف الذي فجر الكنيسة البطرسية لإحراج السيسي مع الأقباط، ويريد الآن إحراج السيسي مجددا، وإظهار عجزه، وإفشال خططه، ولفت الأنظار لهذا المخطط الآن، مرة بإطلاق الصواريخ على اليهود في إيلات، ومرة باستهداف الأقباط في العريش!

من أجل ذلك؛ فإن عضوا في فريق الغرب الأوسط (مساعد كيري) هو من سرب تفاصيل قمة العقبة التي جرت منذ عام، لصحيفة تنتمي لنفس الفريق (هآرتس). وكذلك يكون تسريب مكالمة سامح شكري مع إسحاق مولخو لفضح الدور الإسرائيلي في اتفاقية تيران وصنافير تم أيضا من هذا الفريق (الغرب الأوسط) ، في محاولة لوقف هذا العبث الذي سجعل إسرائيل تضر نفسها دون أن تدري، وتثبت أن تيار المقاومة كان على حق، وهذا ما كان يقصده وزير خارجية فرنسا حين قال أن نقل السفارة الأميركية للقدس أكبر هدية للمتطرفين (المقاومين).

 

***

 

5- الخلاصة:

هناك صفقة إقليمية كبرى، لتسوية شاملة في المنطقة، وعلى رأسها تصفية القضية الفلسطينية، في محاولة لاستثمار لحظة نادرة تاريخيا بوجود نتنياهو وعبد الله والسيسي وسلمان وترامب، وكلهم يكره الإسلام السياسي بشدة، ويعادي خيار المقاومة، ويمارس التطبيع، ويريد تسوية القضية الفلسطينية، وأن يكون العدو هو المقاومة وليس الصهاينة!!

هذه الصفقة أيضا جزء من المرحلة الثانية من اتفاقية سايكس بيكو، وهي المرحلة التي تحدثت عنها بالتفصيل مع معارك حلب والموصل (رقم 8 في المصادر). وهذه المرحلة تشمل تبادل أراض وتغيير ديموجرافي.

وغالبا ما سيعلن عن هذه الصفقة في القمة العربية المقبلة، وما يجري في سيناء الآن تمهيد للأوضاع على الأرض حتى تكون الصفقة قابلة للتنفيذ.

وبالتوازي مع هذه الصفقة، هناك محاولة لتسوية الأوضاع في مصر، بالضغط على الإخوان للقبول بتسوية مع السيسي، وهو الأمر الذي تحاول قنوات محسوبة على الشرعية التمهيد له الآن، بأن الثورات فشلت ويجب التصالح مع الانقلاب!

إنه عام الصفقات السياسية الكبرى، كما يريد البعض لكن هذه الصفقات ضد الجغرافيا وضد التاريخ وضد المنطق والعقل، وغالبا لن يكتب لها النجاح، ولن تساوي الحبر الذي كتبت به، بل ستفجر الأوضاع أكثر!

 

***

مصادر:

1- مجدي عبد الغفار على الحادث أنهم لم يطلبوا من الأقباط في سيناء مغادرة المدينة! (وكالات)

https://goo.gl/xmgK5D

2- تغريدة ترامب عن غضبه لما يتعرض له المسيحسون في الشرق الأوسط منذ أسبوعين فقط، ثم اكتشفت داعش بعدها أن بالعريش مسيحيين!

https://goo.gl/oIG482

3-وزير إسرائيلي: نتنياهو وترامب يناقشان خطة السيسي لإقامة دولة فلسطينية في سيناء (وكالات)

https://goo.gl/CllXkr

4- محمود عباس: تلقيت عرضا من إسرائيل باستلام 1000 كيلومتر في سيناء في 2012 (العربية)

https://goo.gl/UlkfYV

5- «جيورا إيلاند».. حل أزمة «حق العودة» على حساب الأرض المصرية (الوطن)

https://goo.gl/kcoqHp

6- لحظة انقسام الغرب.. بين الغرب الأوسط والغرب الأقصى (رصد)

https://goo.gl/huL8ms

7- المجلس الثوري المصري 2014: تهجير أهل سيناء أقذر ما قدم الانقلاب (عربي 21)

https://goo.gl/3Cc1l7

8- المرحلة الثانية من "سايكس بيكو" تجري في حلب والموصل (هفنجتون بوست)

https://goo.gl/Mvby6d

9- صفحة الكاتب على الفيسبوك

https://goo.gl/fgI3PN

أضف تعليقك