• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بدأ يومه مبكرا كعادته ليركب أتوبيس النقل العام ويتنقل من أتوبيس لآخر يركب من أول الخط وينزل فى آخره يتلقط الأخبار ويتسمع أحاديث الناس واهتماماتهم .

ما يفرحهم وما يشقيهم .

رأيهم فى حكومتهم .

 نظرتهم للعدو .

 الأسعار وتأثيرها عليهم .

 مدى الرضا أو الاحتقان .

شعبية التيارات السياسية .

موقع الدين من حياتهم .

 كان ذلك جزء من عمله كجاسوس يستمع بنفسه ويحلل الواقع لينقله مع ما ينقل بالحبر السرى والشفرة إلى المسئول عنه فى مخابرات الأعداء .

كأنه ترمومتر يقيس كل ذلك ليتم نقله مع ما ينقله إلى معامل دولة الأعداء ليتم التشخيص ووضع العلاج لتظل أمراض البلد كما هى .

ثم انتقل إلى جزء آخر من مهامه كجاسوس وهو الالتقاء بشبكته فى الجيش بعضهم من كبار الضباط والأكثر من صغار الضباط وضباط الصف  شبكة لا تعرف بعضها .

يعرفها هو وحده .

 يلتقي بهم واحدا واحدا حسب الموعد المحدد لينقلوا له أنواع السلاح الجديد .

 التدريبات . التحركات . أماكن الوحدات .

 خطط التمويه .

 وما يحدث داخل الوحدات  بالتفصيل .

 والرأي العام داخل الجيش .

 أحاديث الضباط واهتماماتهم .

 أولويات العساكر .

نظرتهم للعدو .

 تم تجنيد كل واحد منهم بقصة نجاح شخصية له .

 سنوات طويلة وهم يحرزون النجاحات الكبيرة بقيادته . لكنه فى أحد لقاءاته الأخيرة  بأحد الضباط  فى الشبكة  سمع منه شيئا خطيرا .

 لقد أخطأ العميل  يوما وصور بعض الأشياء دون أن يأخذ الحذر الكافي فرآه أمن المعسكر .

لكن للغرابة . لم يحدث أى رد فعل سوى ابتسامة خبيثة وضحكة صفراء .

أمر العميل بعدم تكرار ذلك وباتخاذ جانب الحذر وعدم مقابلته حتى يستدعيه لحين التأكد من رد الفعل .

صبر شهورا والأمر كما هو .

 لم يحدث للضابط أي شيء . بل إن الضابط أخبره أنه لاحظ اهتماما زائدا من رؤسائه وتكليفه بمهام أكبر .

فكر كثيرا في دلالة ما حدث للضابط لكن شغله أمر آخر بعد فترة .

أنه لاحظ أن الاهتمام بدأ يقل به و بشبكته من جانب من يعمل لحسابهم . مع أنه ينقل أخطر المعلومات وأدق التفاصيل .

لاحظ بعدها أن من يعمل لحسابهم بدأوا يتخلون عن حذرهم شيئا فشيئا عند التعامل معه ويكادون يتحدثون معه دون احتياطات ويرسلون له الرسائل على وسائل تواصل أقل تأمينا .

دب الرعب بقلبه ظنهم يضحون به وبمجموعته لكنه يعلم . مهما حدث فليست هذه طبيعة أعمال الجاسوسية ولا طريقة تصفيتهم ولا إيقافهم عن العمل . درس كثيرا وقرأ كثيرا فلم يرى مثل ذلك .

 لم تطل حيرته كثيرا .

تم استدعاؤه إلى مقر مخابرات العدو  ولكن أيضا دون تأمين كافى ودون المرور على عدة دول أولا كما كان يحدث .

وصل أخيرا إلى المقر ليجد المسئول عنه فى انتظاره . ودون مقدمات طويلة . قدم له مبلغا كبيرا من المال . وعقود تمليك لأراضى وأطيان داخل دولته نفسها .

 نشكرك على تعاونك طوال تلك السنين .

هذه مكافأة نهاية الخدمة .

لا أفهم شيئا . ماذا حدث سيدى . هل قصرت فى شيء؟ ؟!!

وبكل هدوء رد المسئول

أبدا . أنت جاسوس ماهر وعميل مثالى

 لم نعد بحاجة إلى جواسيس .

 لقد أصبحت بلادكم مليئة بالجواسيس المتطوعين والعلنيين .

 لقد أصبح لنا كبار موظفي ووزراء بلادكم يعملون معنا . ويخافون علينا أكثر مما نخاف على أنفسنا.  وجدوا مصلحتهم معنا  .

 ولقد أصبح لنا أخيرا جاسوس يجلس على كرسى الرئاسة .

ولم يعودوا حتى مضطرين للتخفي . كل شيء سيكون معلنا قريبا .

. وبخصوص الشبكة التى كانت تعمل معى . هل أصبحوا عاطلين هم الآخرين . ؟؟

. لا أبدا بالنسبة للضباط . سيتم ترقيتهم وبعد سنوات يحين دورهم فى المجلس الأعلى وهيئة الأركان .

 ومن يدرى . ربما يصبح أحدهم الرئيس القادم .

 

أضف تعليقك