• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانيتين

وكما قالت خالدة الذكر، وذائعة الصيت، الفنانة «فايزة أحمد»: «حبيبي يا متغرب»، فقد طل علينا «متغرب» عبر شاشة «الجزيرة مباشر»، ليدافع عن «الرسالة» التي أرسلتها جماعة الإخوان المسلمين، إلى القمة العربية في «البحر الميت»، قبل أن يرد «متغرب» آخر عبر «الجزيرة مباشر» أيضاً فيعتذر عن الرسالة!
«المتغرب» الأول، يعيش في مدينة الضباب، و»المتغرب» الثاني جاء عبر الأقمار الاصطناعية من إسطنبول، والفاصل بين «المتغرب» الأول و»المتغرب الثاني» هو نهار الخميس، وكما كان الدفاع عن الرسالة سبباً في ردود فعل حادة من الرافضين لها، والذين يرون أنها اعتراف بقادة الثورة المضادة ومخربي الربيع العربي، وقد اجتمعوا في «البحر الميت»، فإن الاعتذار، ورغم أنه لا يسمن ولا يغني من جوع، إلا أنi صادف رغبة لدى الأطراف كافة لإغلاق الملف>
وكتب «المتغرب» أيضاً الشيخ عصام تليمة، ورغم كونه من الفريق المناهض للمتغربين الأول والثاني، أنه يثمن هذا الاعتذار، وانهالت علينا «التغريدات» التي تؤكد أن الاعتذار هو من شيم الكبار، مع أنه صدر لامتصاص ردة الفعل، ولا تتوافر فيه شروط التوبة النصوح!
لقد صار من المعروف بالضرورة من «المتغرب» الأول، الأستاذ إبراهيم منير أنه يلقي بقنبلته في وجوه الناس، وعند إثارتها الغبار، يظهر تلفزيونياً ليؤكد أنه فُهم خطأ، وهكذا فلا بد من أي موقف له من مذكرة تفسيرية، هي متوقفة على قوة ردة الفعل ضده، لكنه في هذه المرة، ظهر في برنامج «النافذة المسائية» على «الجزيرة مباشر»، ليبرر الرسالة، وقد دخل به الإعلامي أحمد طه إلى مناقشة ما ورد في فيها، دون أن يتطرق إلى الشكل الذي هو بلغة أهل القانون «جزء من النظام العام»!
في هذه المرة، فإن اللقاء التلفزيوني، والاعتراف الضمني بالمسؤولية عن الرسالة المرسلة إلى قمة الموتى في «البحر الميت»، كانت سبباً في ردود فعل حادة وعارمة، ولم يكن منطقياً أن يظهر «المتغرب» الأول، ليقول إنه فهم خطأ، فظهر «المتغرب» الثاني وهو من شيعته ليعلن اعتذاره عن هذه الرسالة، فتقع على «قلوب الحيارى»، على وزن «قلوب العذارى»، برداً وسلاماً، ولم يكن «المتغرب» الثالث الشيخ «تليمة» من هؤلاء الحائرين، فكما أن هناك من يظلم ليشتهر بالعدل، فقد تقبل اعتذاراً للاستهلاك المحلي، ليشتهر بالإنصاف!
أي نعم، هو اعتذار للاستهلاك المحلي، لكن على المستوى الإقليمي فإن الرسالة حققت المراد منها، فها هم الإخوان لديهم استعدادا للاعتراف لهم بالملك ولن يعودوا إلى منازعتهم إياه. وعلى المستوى الدولي فالرسالة لم تستخدم اصطلاح «الكيان الصهيوني» المعتمد لدى الجماعة، بما يمثل اعترافاً بـ «دولة إسرائيل»، والاستهلاك الذي يعني مولانا «صاحب الرسالة» هو الدولي، أما الاعتذار الذي قدمه «المتغرب» الثاني، والمتحدث الرسمي باسم الجماعة، فلن يقلل من قيمة الرسالة دوليا، وهذا الاعتذار هو ما فعله «منير» نفسه، مع «متغرب» آخر هو القيادي في الجماعة الإسلامية محمد شوقي الإسلامبولي، ورغم أنه في الهاتف، فقد شعر «الإسلامبولي»، ولأنه من «صعايدة الحركة الإسلامية» بارتياح بالغ، وخرج بطيبة قلب على «الفيسبوك» سعيداً بهذه الروح الطيبة لإبراهيم منير، الذي اعتذر له في مكالمة هاتفية، على كلام قاله في البرلمان البريطاني، عندما قال إن الإخوان لم يمارسوا العنف، ولكن من مارسه هي «الجماعة الإسلامية»!
يومئذ قال الإسلامبولي، الذي قضى حياته كلها «متغرباً» في جبال «تورا بورا»، منذ اغتل شقيقه الملازم أول «خالد» الرئيس السادات: «إن الاعتذار من شيم الكبار»، وهو كلام ينم عن طيبة قلب متناهية، من قوم يكفي ذكر اسم الواحد منهم وتذكر حياته في الجبال، لأن يقطع المرء الخلف، وما قبل الخلف. ولغير المصريين، الذين لا يعرفون معنى الخلف، عليهم ليفهموا المقصود به أن يأخذوا الدعاء بـ «النيلة» لطالبة الخلف. والذي يدعو به المصريون كلما تكلم عبد الفتاح السيسي.. من المؤكد أنكم تعرفون «النيلة» بكسر النون!
فالاتهام كان على الملأ في البرلمان البريطاني، والاعتذار تم عبر الهاتف، لكن ها هم عباد الله «الصعايدة» دائما تؤثرهم الكلمة الطيبة، وإن كانوا أعضاء في المليشيات الصومالية. وكان الإسلامبولي قد كتب «بوست» ينتقد فيه تصرف «منير»، لكن نزل الاعتذار الهاتفي على قلبه برداً وسلاماً، وأوشك أن يبايعه في المنشط والمكره.
الاعتذار عن الرسالة لم يكن ناتج عن اجتماع لمكتب الإرشاد، ولكن جاء كما قلنا عبر «الجزيرة مباشر»، ولا نعرف ما إذا كانت «رسالة القمة» تصرف فردي من «المتغرب» إبراهيم منير، أم هي نتاج اتفاق جرى في مكتب الإرشاد، وإذا كانت الأولى، فهل تسمح اللوائح لنائب المرشد أن يتصرف منفرداً، في موضوع خطير بهذا الشكل، ليس فقط في أنه يمثل تغيراً في موقف الجماعة من التعامل مع إسرائيل، ولكن في التعامل المباشر مع الثورة المضادة، وماذا فعل الثوار الذين شاركوا في مظاهرات 30 يونيو/تموز، غير أنهم اعترفوا بالثورة المضادة، ومنحوها شرعية ثورية بالخروج معها ضد الحكم المنتخب؟!
وإذا كانت الثانية، فهل يكفي الاعتذار التلفزيوني، لجبر الكسر الذي أحدثته رسالة صادرة من مكتب الإرشاد، بما يضم من قيادات تاريخية للجماعة، وماذا لو لم تستضف «الجزيرة مباشر» ، «المتغرب» منير، فينتج عن اعترافه بالرسالة حالة الغضب التي لاحظها الجميع على مواقع التواصل الاجتماعي!
عموما وكما قال الشاعر.. لا أدري حقيقة ماذا قال الشاعر؟ فقط أنا شاعر أن وراء الأكمة ما وراءها!

عودة مبارك

أفقدت براءة مبارك في قضية قتل المتظاهرين وعودته إلى منزله، اتزان البعض، ممن كانوا ينتمون لدولته، فقالوا كلاماً، وهم في هذه الحالة، يطعن في قيمة عبد الفتاح السيسي لديهم، ويثبت أنهم في تأييدهم له، لا يؤمنون إيماناً كاملاً به وأنهم في تأييدهم له ينطلقون من قاعدة: من رماك على المر؟ ومن المعروف أن الإجابة هي: الأمر منه.. أي الأكثر مرارة، فالسيسي بالنسبة لهم ليس أكثر من ضرورة هي أفضل عندهم من أي بديل ينتمي للثورة!
في برنامجه على قناة «الحياة» قال تامر أمين إن الله أبقى مبارك حياً حتى نعرف قيمته، وعلى «الجزيرة مباشر» قال نائب رئيس مركز الاتحادية لدراسات أمور الرئاسة «محمود إبراهيم»، إن الناس تقول ولا يوم من أيامك يا مبارك!
وقس على هذا كلاماً كثيرا يقال في التأكيد على قيمة مبارك، ويمثل تأكيداً على فشل السيسي، فهناك من يقولون فعلاً و»لا يوم من أيامك يا مبارك»، وهناك من يقولون ما قاله «تامر» أنهم عرفوا قيمة مبارك، لكن هذا بسبب فشل رئيسهم المختار، الذي قالوا فيه شعراً، ونصبوه قائداً، لكن فشله جعل هناك من يتحسرون على مبارك وأيامه، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه!
وبالمناسبة، فلا تزال الأسئلة الوجودية لمذيع «الجزيرة» محمود مراد مطروحة لا تجد من يجيب عليها:
السؤال الأول: من هو رئيس الدعوة السلفية؟ فمنذ أن عرف السلفيون طريقهم للبرامج التلفزيونية ونحن لا نسمع إلا عن نائب الدعوة السلفية ياسر البرهامي، دون معرفة لمن هو رئيسها؟ ولماذا لا يتمدد فضائياً كما نائبه؟
السؤال الثاني: من هو رئيس مركز الاتحادية؟ حيث لا يظهر فضائيا إلا نائبه «محمود» المذكور؟
السؤال الوجودي الثالث الذي لم يطرحه «مراد» هو ما هي الصفة التشريحية لمركز الاتحادية لدراسات شؤون الرئاسة؟!

كانت حلقة رائعة، تلك التي ناقشت سؤال «الحرية أم الشريعة» في برنامج «كلام كبير» على قناة «مكملين»، أوقفت الجدل الصاخب حول حلقة «تعدد الزوجات» الذي استضاف السلفي «مصطفى البدري» المتزوج من ثلاث زوجات، فكانت ثورة عارمة، كاد المرء معها أن يرجع توقف المد الثوري إلى الانشغال بهذه الحلقة، وهو ما طرح سؤالاً عريضاً حول ما يجوز وما لا يجوز مناقشته في قنوات الثورة!
تجربتي في الصحافة الحزبية، تقول إنه عندما يفشل السياسي فإنه يعلق فشله على «شماعة» صحيفة الحزب، وعندما يتكاسل الحزبي عن النضال السياسي يريد من إعلام حزبه أن يكون بديلاً عنه، في أسوأ ملكية نمط من أنماط ملكية الصحف، عندما يعتقد المرء أنه بتوقيع استمارة عضويته في الحزب فقد أصبح من ملاك صحيفة حزبه، ومن حقه أن يتصرف فيها تصرف المالك فيما يملك نظرياً.
بعض الذين ينتمون لمعسكر رفض الانقلاب يعتقدون أنهم ملاك القنوات التلفزيونية التي تعبر عن هذا المعسكر، ومنهم من يحسد الإعلاميين لأنه يرى في نفسه أنه يمكن أن يكون إعلامياً، فليس العمل الإعلامي كمياء، وهذا بسبب حالة البطالة التي تعجل المتعطل من الذين يصدق فيهم قول عباس محمود العقاد: «الذين لا يعملون ويؤذيهم أن يعمل الآخرون»! وهناك من يتم الدفع بهم للهجوم على «مكملين» دون سواها، ومحمد ناصر دون غيره، لأسباب لا تعلمونها الله يعلمها، وقد وجدوا في حلقة التعدد فرصة للقيام بالمهام الموكولة إليهم!
ومع هذا فهناك من يعتقدون فعلاً أن «التعدد» قضية تافهة لا يجوز أن تنشغل بها قناة فضائية تقف على «خط النار»، لا بأس فحلقة «الحرية أم الشريعة» عالجت هذه القضية المهمة، وكان الرأي بأن الحرية مقدمة على تطبيق الشريعة هي الصوت الأكثر وضوحا، والأكثر منطقاً.

أضف تعليقك