مع اقتراب نهاية الولاية الأولى لقائد الانقلاب العسكري، عبدالفتاح السيسي، جاءت رسالة صحيفة "الوطن" المصرية مساء أمس على الهواتف المحمولة، والتي تفيد بوقوع انقلاب داخل الجيش المصري، بقيادة أحد رموز عهد المخلوع مبارك الفريق أحمد شفيق، لتضع عدة أسئلة، حول التوقيت والمغزى من الرسالة.
محمد البرغوثي، مدير تحرير الصحيفة، برر الأمر باختراق هاكرز لخدمة الرسائل، وقال خلال مداخلة هاتفية مع برنامج عمرو أديب، على قناة "ON E": إن "(الهاكر) أراد إفساد احتفال المصريين بزيارة السيسي للولايات المتحدة الأمريكية، وبث هذه الرسائل لإثارة الرأي العام".
وتقدمت إدارة صحيفة "الوطن" الموالية للانقلاب، صباح اليوم الأربعاء، ببلاغ ضد ما اعتبرته "محاولة اختراق مغرضة"، عقب تلقي المئات من مشتركي خدمة "الوطن" للرسائل القصيرة رسالة موجهة منها تقول : "أنباء عن تحرك لقيادات بالجيش تابعة للفريق أحمد شفيق للقيام بانقلاب عسكري".
إلا أن الصحيفة سارعت إلى إصدار بيان نفت فيه علاقتها بالرسالة، قائلة: "تعرضت خدمة الوطن للرسائل لمحاولة اختراق من مجهولين، وتمت السيطرة على الأمر بعدما تمكن المجهولون من بث رسالة مغرضة".
تعددت الآراء
علق الكاتب الصحفي سليم عزوز على واقعة اختراق الصحيفة، قائلًا: "في اعتقادي أن موقع جريدة "الوطن" لم يجر اختراقه.. وفي اعتقادي أيضا أن شفيق آخر واحد يعمل انقلاب عسكري.. أو يدخل في التحدي للسيسي.. ده لو قائد عسكري فعلا يدعو أنصاره لاستقباله في المطار، وهم كُثر، ويقود مواجهة حقيقية مع السيسي، ليس بانقلاب، ولكنه بمواجهة بالانتخابات، وهو قادر على إسقاطه، لكنه ضعيف أضعف من الضعف.. رسالة الوطن وراءها حكاية سنعرفها قريبا".
من جهتها، علقت الإعلامية المناهضة للانقلاب العسكري، آيات عرابي، على ما حدث، في تدوينة عبر صفحتها في موقع "فيسبوك"، بالقول: "إن الجهات القادرة على تنفيذ مثل هذا الاختراق (ودون علم القائمين على الخدمة في جريدة "الوطن" الانقلابيه) محدودة، ومنها المخابرات".
وأضافت: "إذا صح هذا، فيكون الهدف من الرسالة هو ببساطة تجهيز نفسي لجمهور الانقلاب لتقبل حدوث انقلاب (خلال سنة أو سنتين على الأكثر)، خصوصا أنهم قدموا لهم الموضوع تحت اسم شخص مقبول لديهم (شفيق)، بمعنى أن الرسالة المكذوبة الهدف منها ببساطة هو تحريك الآمال لدى معسكر الفلول وحزب الكنبة الذي يختلف مع قائد الانقلاب فقط لأنه فاشل على كل الأصعدة، وبالمرة جس النبض وقياس ردود الأفعال، وكذلك قياس ردود أفعال المعسكر المناهض للانقلاب على هكذا احتمال".
وتابعت آيات عرابي بأن "موعد بث الرسالة خلال زيارة سفيه الانقلاب لأمريكا يشير إلى جهات منظمة قد تكون المخابرات على الأرجح (جزء منها وليست المؤسسة كلها)"، على حد تعبيرها.
وأشارت إلى تحليلات سابقة لها منذ 2015، أفادت بأن الانقلاب هو مرحلة مؤقتة تهدف لتدمير بنية الإخوان المسلمين ثم تحميل سفيه الانقلاب بكل جرائم المرحلة، وتمهيد الساحة لسحب الجيش إلى خلف الستار، وتقديم طراطير محتملة من الليبراليين غير القادرين على المنافسة، وربما جمال مبارك أيضا، وساعتها سيكون شفيق عرّابا للعبة الانقلابات الموسيقية.
وأضافت أن "هذا الاحتمال يعني أن هناك من يقوم بتشغيل ماكينة الكنس للبدء في تنظيف آثار الانقلاب الأول، وهذه الجهات لا يمكن إلا أن تكون الجهات التي دبرت الانقلاب من البداية"، مشيرة إلى أن "الاحتمال الثاني هو أن سفيه الانقلاب ذاته استجاب لفكرة قدمها له دابة من دواب مخابرات فيفي عبده، للتمهيد لإجراءات قمعية داخل الجيش، وعزل صدقي صبحي، والمجلس العسكري، وتعيين أفراد جدد (لأن الانقلابات عبارة عن عصابات لا تثق في بعضها البعض)"، على حد قولها.
وخلصت عرابي إلى أن السيسي الآن بين احتمالين كلاهما مر، "إما أن يتخذ إجراءات قمعية ضد الجيش فيزيد الغضب ضده داخل المؤسسة التي تحميه، وإما أن يتركها كما هي ويغامر بحدوث انقلاب يضع رقبته على المحك"، على حد قولها.
فيما علق الكاتب الصحفي، قطب العربي، على إعلان حزب شفيق عن ترشحه للانتخابات، واصفًا الخبر بأنه "غير كاف لتأكيد الخبر"، متوقعًا أن "تكون مناورة سياسية بهدف دفع السيسي للتصالح مع شفيق دون السماح له بالترشح".
وأضاف العربي في تصريحات صحفية : "السيسي لن يسمح لشفيق بالترشح لأنه يمثل خطورة حقيقية عليه مثل اللعب بالنار"، مؤكدًا أن "السيسي يخاف من خياله، ولا يمكن أن يغامر بفتح الباب لترشح شفيق حتى من باب الديكور لأنه لن يأمن النتيجة".
وأكد العربي أن "ترشح شفيق يشجع أطرافًا نافذة ومهمة في الدولة والجيش؛ على الوقوف معه للتخلص من السيسي بطريقة ديمقراطية سلمية، ولا أظن السيسي يقبل ذلك".
وتابع العربي: "فِي تقديري؛ لن يترشح شفيق إلا إذا حدث توافق على ذلك بين أطراف عدة، سواء داخل المؤسسة العسكرية، والأجهزة الأمنية، ودولة الإمارات، وبعض الأجهزة المخابراتية الإقليمية والدولية".
الإعلان عن الترشح ثم الصمت
بعد نفي متكرر، وقبل يوم واحد من رسائل "صحيفة الوطن"، أعلنت "الحركة الوطنية" الحزب الرسمي للمرشح الرئاسي الأسبق المقيم في الإمارات، أحمد شفيق، ترشحه لانتخابات الرئاسة في 2018.
وقالت الحركة إن الفريق سيخوض الانتخابات الرئاسية وسيعود لمصر للإعداد لها، وسط تلميحات من قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بخوض تلك الانتخابات.
ويرى محللون أنه يتم إعداد الفريق، آخر رئيس وزراء لعهد مبارك، للقيام بدور "المُحلل" لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالانتخابات المقبلة، وأن قبول الفريق لعب دور المنافس الصوري (الاستبن) يأتي مقابل تبرئته من اتهامات الفساد والكسب غير المشروع كباقي رجال عهد المخلوع مبارك، والسماح له بالعودة للبلاد.
وأكدوا أن نظام السيسي يسعى لتجميل وجهه بانتخابات ديمقراطية، وقطع الطريق على أي مرشح آخر لتظل المنافسة شكلًا وموضوعًا بين أبناء المؤسسة العسكرية فقط.
فيما يرى آخرون أن منافسة شفيق للسيسي قد تكون حقيقية، وأنه قد يكون مكلفًا بدور جديد من قبل المؤسسة العسكرية، والأجهزة الأمنية، وبعض الأجهزة المخابراتية الإقليمية والدولية.
إلا أن المحللون ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، تعجبوا من سر صمت الفريق أحمد شفيق، وعدم رده إلى الآن على الضجة الكبيرة التي أحدثتها رسائل "الوطن".
ورأى محللون أن صمت الفريق شفيق "على غير عادته" هذه المرة يثير الريبة، حيث دائما ما يسارع المرشح الرئاسي السابق بالرد على أية تصريحات كاذبة تنشر على لسانه، وخاصة عبر صفحته الرسمية بـ"تويتر" التي اعتاد على التواصل مع الجمهور من خلالها.
وبالفعل لم يصدر أي رد رسمي من قبل الفريق شفيق على هذا الخبر إلى الآن، فيما يؤكد الكثيرون أن الأمر ليس مجرد اختراق لموقع صحيفة، بل هي رسالة موجهة ولم نعرف مغزاها حتى الآن.
أضف تعليقك