لا يتأخر"داعش" عن تقديم خدماته إلى عبد الفتاح السيسي، يظهر له في كل وقت يطلبه، وكما قلت سابقاً: داعش هو ذلك العفريت القابع في فانوس السيسي، السحري، يحكّه فيأتي مهرولاً.
لم، ولن نسمع، أن "داعش" ضايق الكيان الصهيوني أو أزعجه، يوماً، إلى الحد الذي لا يجعلك بعيداً، كثيراً، عن الواقع، لو قلت إن مركز صنع قرار "داعش" يقبع هناك، داخل الموساد، أو الشاباك.
في طنطا، وفي الإسكندرية، وفي الموصل، وفي حلب، وفي تونس، وفي كل أرضٍ عربية، لا تخدم عمليات التنظيم سوى الكيان الصهيوني، ولا تؤلم إلا المواطن العربي، ولا تساعد إلا الدكتاتور العربي، المحاط برعاية سياسية وروحية ولوجستية من الكيان الصهيوني.
ليس من المستبعد أن يكون هو "تنظيم الدولة العبرية" يقتل ويفجّر، فيما تحصد هي، ومن تفضلهم على رأس السلطة في البلاد العربية، الثمار.
تأتي سلسلة تفجيرات الكنائس المصرية، في "أحد الشعانين" المسيحي، قبل أيام من زيارة بابا الفاتيكان إلى مصر، وبعد عودة السيسي من واشنطن، حيث جرت وقائع ترسيمه في البيت الأبيض، جندياً تحت إمرة دونالد ترامب في مشروع "الحرب على الإرهاب". وهنا تندلع الأسئلة: من المستفيد؟.
لم تنتظر ماكينات السيسي الإعلامية دقائق، بعد التفجير الأول في طنطا، حتى خرجت تحرّض على مقتلة ضد "الإخوان المسلمين"، وتستعجل احتراباً أهلياً طائفياً، لا يبقي ولا يذر.
في وضعٍ جنوني، مثل هذا، من المنطقي أن يرد كثيرون بتعليق الجرس برقبة النظام، ويقطع بأنه الفاعل، وهكذا تمتد حبال الثرثرة وتتقاطع الخطوط، وتتعقد الخيوط، فيما يبتسم الذين يريدون خرابها مسرورين، ممتنين لهذا الاستسلام المتبادل للجحيم.
اللافت هنا أننا بصدد نسخة مكرّرة من جرائم تفجير الكنائس، منذ"القديسين" 2011 في الإسكندرية، وحتى مرقسية الإسكندرية، وماري جرجس طنطا، أمس، مروراً بكارثة "البطرسية" في العباسية ديسمبر 2016، وكل هذه الفواجع كان ميداناً فسيحاً للاستثمار السياسي، من السلطة، واتجاراً في الكراهية والتعصب، من دون أن يجرّب أحد، ولو مرة واحدة، أن يمدّ فكره باتجاه العدو الحقيقي، أو أن يضع فرضية حضور "الموساد" الصهيوني في المشهد.
وكما قلت إبّان كارثة "القدّيسين" 2011 فإن استحضار نظرية المؤامرة بحثا عن إجابات عن أسئلة المذبحةليس جريمة، ولا تعبيرا عن خللٍ فى التفكير، ولا فسادا فى الاستدلال والاستنتاج، ولا نوما على وسائد البحث عن شماعة خارجية.
هناك تقصير أمني، يصل إلى حد الاسترخاء.. نعم، هناك تسميم وتلويث وردم لنهر الحياة فى مصر.. صحيح، هناك مناخ سياسي واجتماعي فاسد ومحرّض على الطائفية.. لن نختلف فى ذلك أو عليه.
ولو أضفت إلى كل ما سبق أن مصر الآن واقعةٌ تحت حكم يتماهى، إلى أقصد حد، مع ما تريده إسرائيل وأميركا، ويظهر استجابةً لا نهائية لتصوراتهما وسيناريوهاتهما للمنطقة، جغرافياً وسياسياً وعرقياً، فلن يكون سباحةً في أنهار الخيال، لو استدعى الذهن احتمالات الأصابع السوداء.
وأظن أن الظن فى أن يكون الموساد حاضرا، على نحو مباشر أو غير مباشر، فى هذه الجريمة ليس إثما، حتى لو كان معظم الكلام متجها إلى القاعدة في 2011 أو إلى "داعش" في 2017، ذلك أن كليهما أحيانا وكأنه حاجة أميركية صهيونية، و لو لم يكن موجودا لاخترعوه.
باختصار، نحن أمام حادث إرهابي، يراد له إشعال حريق طائفي، وإذا كان المجرمون قد فعلوها في كنيسة، فمن الكياسة والفطنة أن نفكّر في جميع السيناريوهات والاحتمالات، ولا نستبعد، مثلا، أن يكرّروها في مسجد. وهنا ستكون بوابة الجحيم الطائفي قد انفتحت على مصراعيها.
أضف تعليقك