• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

نشر "ناثان براون" _ باحث أمريكي في معهد "كارنيجي للشرق الأوسط" متخصص في تتبع علاقة السيسي بالهيئات الدينية والقضائية في مصر_ عدة تقارير بحثية عن سعي السيسي لتطويع كل مؤسسات الدولة تحت قبضته.

 كما سعي مؤخرًا لرصد كيف أن قائد الانقلاب لم يكتف بانبطاح مؤسستي الازهر والقضاء له، وإنما يسعي لمنعهم من اتخاذ أي قرارات تعارضه، بعد رفض القضاء الإداري خطته لبيع تيران وصنافير للسعودية، ورفض الأزهر تنازلات عن ثوابت دينية.
 
وسعى ناثان في تحليله الأخير بصحيفة واشنطن بوست، تحت عنوان "مصر في حالة طوارئ .. هذا ما يعنيه القرار بالنسبة لحكومتها"، لتوضيح أن المستهدف الحقيقي من قانون الطوارئ ليس الإرهاب ولكن الأزهر والقضاء .. ولكن كيف؟
 
يقول "براون" أن الجمهور الحقيقي المستهدف من فرض حالة الطوارئ هو جهاز الدولة صعب المراس، لا سيما المحاكم التي لم تثبت أنها حليفًا للنظام يعتمد عليه، بعدما أعاقت المحكمة الإدارية العليا التابعة لمجلس الدولة اتفاقية تسليم تيران وصنافير للمملكة السعودية، وأسقطت الدستورية العليا جزءًا من قانون التظاهر وأبطلت محكمة النقض العديد من الأحكام التي أصدرتها الدوائر الخاصة المكافحة للإرهاب".
 
وقال إن فرض السيسي الطوارئ بعد تفجيرات الكنائس لا علاقة له بالإرهاب، وما يقال عن منح الحكومة سلطات أكبر نطاقًا لمكافحته، "لأن السلطات المصرية تفعل ما يحلو لها"، وأن إعلان الطوارئ يستهدف وقف محاولات من الأزهر والقضاء للشذوذ عن قيود السيسي.
 
وهذا لا يعني أن القضاء مثل المحكمة الدستورية تعارض السيسي ولكنه يخشى أن تمارس دورها الطبيعي فتعارض قراراته ورغباته، مشيرًا لأن جرأة "الدستورية" في إلغاء الاعتقال العشوائي من قانون الطوارئ 3 يونيو 2013، (والذي أعادة برلمان السيسي بتشريع جديد مخالف) ربما كان نابعًا حينئذ من كون الرئاسة في أيدي إسلاميين.
 
كيف تستهدف الطوارئ القضاء؟
 
وحول كيفية استهداف الطوارئ للقضاء، يشير الباحث الأمريكي لأن حالة الطوارئ التي أعلنها النظام المصري مؤخرًا تمنح حكام مصر سلطات بوليسية ومراقبة أكبر، وتفوض خلق محاكم خاصة، وتمكن السلطات من اتخاذ إجراء خاصة لتأمين النظام العام ويجعل إحالة "الحاكم العسكري" قضايا إلى المحاكم العسكرية أكثر اعتيادًا.
 
ويشير لأن "الجمهور الحقيقي المستهدف من فرض حالة الطوارئ هو جهاز الدولة صعب المراس، لا سيما المحاكم التي لم تثبت أنها حليفًا للنظام يعتمد عليه"، لأن النظام اعتقل آلاف الأشخاص، وسمح بمحاكمات عسكرية، وأنشأ دوائر خاصة لمكافحة الإرهاب، وراقب المساجد، وطهر المناصب العامة من المعارضين، وحظر المظاهرات، وحلَّ منظمات المجتمع المدني، وتحرش بمنتقدين، وراقب محادثات خاصة والفيس بوك، بدون استخدام حالة طوارئ.
 
ويشير إلي أن محاولات فرض نظام على القضاء اتضحت في مشروع قانون الذي يناقشه برلمان السيسي حاليًا ويستهدف تحكم الرئيس في المناصب القضائية البارزة، واعترضت عليه الهيئات القضائية الواقعة الان تحت وطأة ضغوط.
 
محاولة للحفاظ على استقلاليتهما 
 
وسبق للباحثين ناثان براون ومريم غانم التأكيد في تقرير على موقع مركز "كارنيجي" للشرق الأوسط، تحت عنوان: "الطلاق .. الاستيل المصري"، أن كلاً من مؤسستي الأزهر والقضاء "تسعيان للحفاظ على ما تريانه استقلالاً عن مؤسسة الرئاسة".
 
ورصدت الدراسة وجود "محاولات" من الأزهر والقضاء "للحفاظ على الاستقلالية عن النظام الحاكم"، و"ضرورة احترام خبراتهما الخاصة حتى لو لم تؤدِ إلى إرضاء رغبات الحكّام على المدى القصير".
 
كما أوضح أن القضاء والأزهر تسببا في إحراج السيسي، مع إصدار القضاء لأحكام متفرقة سببت انتكاسات للنظام الحاكم، وإصرار الأزهر على أنه لا يتلقى أوامر من أحد بشأن الشريعة أو الإصلاح التربوي".
 
وشدد على أن "مجرد حديث الدراسة عن "محاولات" للخروج من عباءة نظام السيسي، هو تأكيد بعدم استقلالية المؤسستين منذ انقلاب السيسي، خاصة أنهما تورطتا رسميًا في دعم الانقلاب وباركتا عمليات القتل والاعتقال للمعارضين سواء بالفتاوي السياسية أو إصدار الاحكام وفقًا لرغبات النظام وبعيدًا عن العدالة".
 
وجاء طرح "فرضية" محاولات استقلالهما عن السلطة، على خلفية أحكام قضائية تبدو متعارضة مع توجه السلطة خصوصًا حكم تيران وصنافير، ورفض الأزهر طلب السيسي إلغاء الزواج الشفوي المثبت شرعًا، بما كان سيعرض المشيخة الي السخرية وتحولها من مساندة مواقف سياسية الي مساندة الخروج عن الشرع.
 
ويشير تقرير معهد كارنيجي لأن مواقف الأزهر كانت "تلكؤ" لا استقلالية ما جعل العلاقة بين الرئيس والشيخ، في السنوات الثلاث ونصف السنة التالية، يشوبها بعض التوتر، وصدرت تصريحات رئاسية أخرى اعتبرت أن الأزهر يتلكّأ في لعب هذا الدور.
 
واضاف: "الطيب أيّد الإجراءات التي اتُّخذت في 3 يوليو، إلا أنه اعتمد سياسة النأي بالنفس حين انزلق الصراع بين النظام الجديد وبين مناصري الرئيس المعزول إلى لُجج العنف".
 
ونوه لأن "الطيب لم يُبدِ فقط انزعاجه من حملة القمع العنيفة التي تعرّضت إليها جماعة الإخوان المسلمين (وعمد إلى الاعتكاف خارج القاهرة خلال المرحلة الأكثر دموية في الصراع)، بل غالب الظن أيضاً أنه أدرك تماماً بأن الشعب المُتديّن في مصر غارق في دوامة انقسام حادّ، وبأن اصطفافه إلى جانب النظام الجديد أثار جدلاً مريراً في صفوف كلٍّ من مناصري انقلاب 3 يوليو ومعارضيه على حدٍّ سواء".
 
هل تلعب "الدستورية" أدوار سياسية؟
 
وسبق أن نشر مركز كارنيجي للشرق الأوسط تقريرًا أخر بعنوان "تشدد قضائي مع خطوط حمراء" أعده أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن ناثان ج. براون أيضًا، تحدث فيه عن دور المحكمة الدستورية العليا في مصر وتاريخ نشأتها واستقلاليتها.
 
توقع "براون" أن تلعب "الدستورية" أدوار سياسية قائم على أنه من المتوقع أن "يتحول كل خلاف سياسي في مصر إلى خلاف دستوري، ما يعني أنه سيكون للمحكمة الدستورية العليا على الدوام رأي في هذه الخلافات، ولو لم يكن هذا الرأي متسقًا".
 
ويتوقع: "أن تُلحِق هذه الهيئة هزائم بالنظام، أي لا توافق على بعض رغباته، لكنها ستمنحه أيضا بعض الانتصارات، أي تمرر ما يريده"، بحسب قوله.
 
من هذه القوانين التي سيكون على المحكمة الدستورية البثت فيها: منازعتا تنفيذ بشأن حكم تيران وصنافير، والقانون الذي انتُخِب بموجبه البرلمان الحالي الذي يمكن الطعن به من منطلقات عدّة، وقوانين المنظمات غير الحكومية والصحافة، التي ستكون على الأرجح مادّة للطعن الدستوري.


وتشير الدراسة لأنه في الثمانينيات والتسعينيات، كانت المحكمة وراء سلسلة من الهزائم القانونية للنظام، ما أدّى إلى حرمانه من بعض أدواته السابقة لإدارة شؤون السياسة والاقتصاد المصريَّين، كالتلاعب بقواعد الانتخابات وفرز الأصوات، وفرض قيود على المنظمات غير الحكومية، وحتى اقتطاع ضريبة من المبيعات.
 
في كل هذه الحالات، لم تشكّل قرارات المحكمة تهديدًا للنظام، بل تسبّبت فقط بإزعاجات شديدة، ما اضطُرَّه إلى التكيف والبحث عن أدوات جديدة تحلّ مكان تلك التي فقدَها، بحسب "كارنيجي".


ومقابل هذا يقول الباحث الأمريكي أن الأزهر والقضاء يستخدمان الأدوات التي بحوزتهما، لا لإعادة تشكيل النظام، بل للتشديد على استقلالهما الذاتي في مجالاتهما الخاصة وينجحان بذلك، حتى الآن على الأقل. 
 
وهذا ما يقودنا إلى فصلٍ من الرواية واضح في خطوطه العامة، إلا أن تفاصيله لن تُكشف حتى عند قراءة الأخبار المملّة: إذ يبدو أن الأجهزة الأمنية تحاول كمّ الأصوات المستقلّة في المجتمع والدولة، ولكن من خلال البرلمان، بشكلٍ قانوني إنما بطريقة تفتقر إلى الشفافية.

أضف تعليقك