تمر اليوم الثلاثاء، ذكرى يوم الأسير الذي هو يوم للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وحشد التأييد لقضيتهم، ولفت أنظار العالم للمآسي والمعاناة التي يتعرضون لها بشكل يومي في السجون الصهيونية، وبدأ تخليد هذا اليوم منذ أن أقرّ المجلس الوطني الفلسطيني في دورته عام 1974 يوم 17 أبريل من كل عام يوما للأسير الفلسطيني.
ويحيي الفلسطينيون هذا اليوم داخل وخارج فلسطين بأنشطة متنوعة، ويسعى نشطاء فلسطينيون وأنصار للأسرى في سجون الاحتلال من دول مختلفة إلى تدويل يوم الأسير، عبر إقامة فعاليات وأنشطة في عدد من دول العالم لتسليط الضوء على هذا الملف.
إلا أن إحياء "يوم الأسير" أصبح لا بد وأن يكون أعم وأشمل من ذي قبل، بعد امتلاء سجون الانقلاب في مصر بالأسرى المناهضين لحكم العسكر، وعلى رأسهم الرئيس الشرعي للبلاد د. محمد مرسي.
وذلك أيضًا لأن الانتهاكات التي تتم ضد الأسرى في سجون الانقلاب أصبحت لا تقل عما يفعله الصهاينة بحق الفلسطينين في سجونهم.
أسرى الانقلاب وأسرى الاحتلال
تتشابه ظروف اعتقال المصريين في سجون الانقلاب، مع اعتقال الفلسطينيين في سجون الصهاينة، فبالنسبة للعدد قالت ثلاث مؤسسات فلسطينية أن عدد الفلسطينين الموجودين حاليًا في سجون الاحتلال يقدر بحوالي 5600 أسير فلسطيني، فيما يزيد عدد المعتقلين السياسيين الذين يستمر احتجازهم في عهد السيسي عن 40 ألف معتقل سياسي، اعتقل أكثر من نصفهم في فترة حكم السيسي نفسها، مما تسبب في الضغط على السجون وتفاقم ظروف الاكتظاظ، بالإضافة إلى استخدام السلطات أماكن احتجاز عسكرية لاحتجاز المدنيين فيها.
كما تتشابه سجون الانقلاب مع سجون الاحتلال الصهيوني في تنوع فئات الأسرى، فسلطات الاحتلال مثل سلطات الانقلاب تقوم بأسر الأطفال والنساء، والصحفيين وأساتذة الجامعات والمرضى، والمعارضين من جميع الفئات.
ووصل عدد الأسيرات الفلسطينيات إلى (57) أسيرة، من بينهن (13) فتاة قاصرا، وأقدمهن الأسيرة لينا الجربوني من الأراضي المحتلة عام 1948، والتي أطلق سراحها الأحد الماضي.
وفي سجون الانقلاب تواصلت الانتهاكات ضد النساء، حيث كانت الحصيلة 3أحكام إعدام، 11 حالة إخفاء قسري، 20 حالة اغتصاب، 23 محاكمة عسكرية، 31 حالة رهن الاعتقال، 131 حالة قتل، 2135 امرأة تعرضت للاعتقال.
ويعتقل الاحتلال في سجونه نحو (300) طفل فلسطيني موزعين على سجون "مجدو" و"عوفر" و"هشارون"، وقد جرى توثيق أبرز الانتهاكات والأساليب التنكيلية التي نُفذت بحق الأطفال من خلال طواقم المحامين العاملين في المؤسسات، وتتمثل في: اعتقالهم ليلًا، الاعتداء عليهم بالضرب المبرح متعمدين القيام بذلك أمام ذويهم، وإطلاق النار عليهم قبل عملية اعتقالهم واقتيادهم وهم مكبلو الأيدي والأرجل ومعصوبو الأعين، والمماطلة بإعلامهم أن لديهم الحق بالمساعدة القانونية، وتعرضهم للتحقيق دون وجود ذويهم بما يرافق ذلك من عمليات تعذيب نفسي وجسدي، إضافة إلى انتزاع الاعترافات منهم وإجبارهم على التوقيع على أوراق دون معرفة مضمونها.
وبالنسبة للأطفال لم يختلف الأمر كثيرًا في سجون الانقلاب، فمنذ انقلاب الثالث من يوليو 2013م وحتى نهاية 2015م اعتقلت قوات الانقلاب 4000 طفل دون 18 عاما، قامت بتعذيب أكثر من 1000 منهم، وتعرض 80 منهم لاعتداءات جنسية، و60 للإخفاء القسري، وما زال 600 في سجون الانقلاب حتى اليوم.
وأصدر القضاء الانقلابي في تلك الفترة أحكامًا بإعدام 3 أطفال بالمنيا، والمؤبد لثلاثة بالدقهلية والمنيا، والسجن المشدد لخمسة بالإسكندرية والبحيرة وسوهاج.
الانتهاكات بين الصهاينة والعسكر
وتتشابه الانتهاكات التي يمارسها الصهاينة والعسكر ضد الأسرى الفلسطينيين والمصريين، فتنتهج سلطات الاحتلال سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى المرضى والجرحى، يرافق ذلك جملة من الانتهاكات التي تُنفذ بحقهم دون مراعاة لحالتهم الصحية، وهناك المئات من الأسرى المرضى داخل السجون، منهم نحو (20) أسيرا يقبعون في "عيادة سجن الرملة".
ونفس الأمر تمارسه سلطات الانقلاب ضد معارضي حكم العسكر، فتنتشر الكثير من الأمراض المعدية بين السجناء من بينها الأمراض التنفسية والجلدية وبعض الأمراض الفيروسية التي تكثر في السجون نتيجة تكدس المسجونين بأعداد كبيرة في مساحات ضيقة، وانعدام التهوية، بالإضافة لضيق دورات المياه، مما يساعد على تفشي هذه الأمراض وإصابة أعداد كبيرة من السجناء بالعدوى.
فالحياة في سجون الانقلاب سميت بـ "الموت البطئ"، وحازت أساليب إدارات السجون في التعامل مع المحتجزين لديها على لقب "حاصد الأرواح"، أما السجون ذاتها فكانت من أبرز ألقابها "عنابر الموت"، و"مقابر الأحياء"، ولن تجد مبالغة في تلك الألقاب حين تتعرف على المآسي التي يواجهها السجناء داخل السجون التي أفضت بحياة وصحة وعمر آلاف.
وتبقى صور المعتقلين التي تلتقط لهم بعد شهور من الاعتقال هي أبسط دليل على تردي أوضاعهم الصحية داخل السجون، حيث يظهرون فيها بجلدٍ باهت اللون على عظم، وشعرٍ شائب، وأجسادٍ هزيلة تتساند كي تستطع الوقوف، فبعض المعتقلين أصيبوا بأمراضٍ جلدية وصدرية نتيجة تكدس عشرات الأشخاص في الزنزانة الواحدة التي غالبًا لا يكون بها مصدر للتهوية، مع منعهم من التريض والخروج للشمس واستنشاق الهواء، كما أنه جراء الطعام والمياه الملوثين ويقدمون بكميات قليلة تنقصها فيتامينات أساسية لنمو الجسد والعظام، بالإضافة إلى إصابة معتقلين بأمراض هشاشة العظام والفشل الكلوي وأمراض الكبد والقلب والسرطان والنقرس وضغط الدم، وغيرها، وأدت بعض هذه الأمراض لإصابة معتقلين بالعمى والشلل وبتر الأطراف.
مع تشابه إلى الأوضاع بين مصر في ظل حكم العسكر وفلسطين في ظل الاحتلال الصهيوني، بات لابد من توجيه التحية للأسرى المصريين والفلسطينيين على حد سواء، لأنهم الصامدون في وجه الظلم والظالمين، والباسمون في وقت الشدة.
أضف تعليقك