• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

أهم ما في الديموقراطية أنها معادلة تسمح لكل شعب بأن يتطور وفقا لطبيعته ووفق حاجاته.. 
وبالتالي فالنظام البرلماني الانجليزي كان ناجعا في انجلترا أول دولة ديموقراطية ومازال ناجحا في الهند ثاني أكبر دول العالم سكانا..
لكن النظام الرئاسي أيضا له آثاره الإيجابية في فرنسا (حيث النظام المختلط) أو في أميركا بلد النظام الرئاسي الواضح بل ربما المتعسف..
لكن السياسة كالاقتصاد، لا توجد فيها مذاهب مطلقة ولا معادلات حتمية.. فالسيد يلمار شخت الاقتصادي المبدع في ألمانيا المنكسرة بعد الحرب العالمية عجزت نظرياته أن تدفع الاقتصاد الإندونسي المعبأ بالطاقات ولو خطوة واحدة للأمام..
ومع ذلك، فإن أوضاع الشعوب أحيانا تفرض الأخذ بنظام دون غيره..
والوضع المصري، بعد زوال الاستبداد، سيحتاج إلى فترة طويلة من النظام البرلماني الذي يسمح لممثلين حقيقيين منتخبين من الشعب بمراقبة عملية الإصلاح وبضبط السلطة التنفيذية التي اعتادت على الميل للتغول على السلطات الأخرى والإفلات من المحاسبة بسبب طيلة سنوات الاستبداد التي سمحت بأن يعتقد مواطوننا أن السلطة تعني الرئيس، وأن غيابه يعني انهيار الدنيا وأن القبول يمستبد عادل (إن وُجدا فعلا مستبد عادل) خير من التزاحم الانتخابي الذي لا تُعرف نتائجه. 

يجب إزالة ذلك الاعتقاد الخاطئ من أن الأمم تحتاج لشخص ملهم وزعيم مفوّه لكي تنهض.. 
ويجب ترسيخ قيم السلطة الموّزعة بين مؤسسات الدولة وعلو يد المنتخب على المعين..
ويجب إدراك أن توزيع السلطة يحفظ الأمم خير من تركيزها الذي يضعها دائما على حافة الفوضى إن غاب شخص الزعيم..
ويجب أن يتدرب شعبنا على أن من يختاره لعضوية البرلمان إنما يختاره ليمارس السلطة لا ليقف بمحل بقالة يقدم الخدمات أو يسّهل الحصول على توقيعات الوزراء. 

يجب أن ننتقل من حالة تسليم السلطة إلى حالة مباشرتها.. فكل مواطن هو شريك في السلطة في النظام البرلماني، فهو يباشرها من خلال من يختاره ليفرض حكومة بسياسات محددة ويراقبها ويقيلها إن خالفت توقعاته.. ويجب أن يعلم أن تكون السلطة التنفيذية بيد من يقعون مباشرة تحت رقابة البرلمان المنتخب بحرية ونزاهة والمتصل بالشارع عبر ممثليه في الداوئر والأحياء والكفور والقرى.
وإذ نقدر نتائج الاستفتاء على تعديلات دستور تركيا... خصوصا أنها شأن داخلي، وتتناسب مع تقديرهم برسوخ للسلطة بيد القوى المدنية بعد أربعة انقلابات فشل آخرها بتصدٍ شعبي غير مسبوق.. لكن ذلك لا يجعلنا أن نستلهم خيارا ربما ناسب الآخرين فنعتبره خيارنا..
فالمسيرة التي بدأت مع ثورة يناير من محاولة ترسيخ أسس النظام البرلماني الذي لم يُعط فرصة بسبب معاجلة الانقلاب عليه، يجب أن تستمر في المرة القادمة عندما تأتي الفرصة ويذهب الاستبداد ونتفادى الأخطاء التي وقع فيها الجميع بسذاجة المبتدأ وتسرع المتعطش للحرية والعدالة والكرامة.

أضف تعليقك