لم يترك النظام المصري فرصة للاقتراض من الداخل والخارج إلا واستخدمها، ففي الداخل اقترض من البنوك التجارية والبنك المركزي وبنك الاستثمار القومي، واقترض من خلال إصدار أذون خزانة وسندات خزانة بمئات المليارات من الجنيهات، علاوة على توسعه في طبع النقود للوفاء باحتياجاته المالية المتزايدة.
ومن الخارج اقترض من الدول الخليجية ودول أوربية وآسيوية، ومن صناديق تمويل عربية ومن بنوك إقليمية ومؤسسات مالية دولية، حيث تتسع القائمة لتشمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك الاستثمار الأوربي، وبنك التنمية الأفريقي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ومؤسسة التمويل الدولية، وبنك التصدير والاستيراد الأفريقي وصندوق النقد العربي والبنك الإسلامي للتنمية وصناديق أخرى دولية وإقليمية.
حتى بلغ إجمالي الدين العام بنهاية العام الماضي نحو 28.4 تريليون جنيه، موزعة ما بين دين عام محلى بلغ 3 تريليون جنيه، ودين خارجي بلغ 3.67 مليار دولار تعادل حوالي 2.1 تريليون جنيه، والخطير أن مجمل الديون أصبح يمثل نسبة 7.131 % من الناتج المحلى الإجمالي المتوقع للعام المالي الحالي والبالغ 24.3 تريليون جنيه .
ولأن العام المالي ينتهي آخر يونيو القادم فإن نسبة الدين العام للناتج مرشحة للزيادة في ضوء استمرار الاقتراض خلال نصف العام التالي لرقم الدين المعلن بنهاية ديسمبر الماضي: (5.46 ألف جنيه نصيب المواطن ).
وحسب أرقام الدين بنهاية ديسمبر الماضي يصل متوسط نصيب المواطن المصري منه 5.46 ألف جنيه، وهو الرقم الذي زاد بالوقت الحالي بعد مرور نحو أربعة أشهر لتلك الأرقام، والتي أضيفت لها ديون أخرى خلال تلك الشهور.
وفي ضوء المبالغ المرصودة بموازنة الحكومة للعام المالي الحالي لفوائد وأقساط الديون، فإنه كان من الممكن استهلاك تلك الديون خلال حوالي 12 عاما بداية من العام المالي الحالي، إلا أن الاستمرار في الاقتراض وارتفاع قيمته بمرور الوقت، يطيل مدة السداد النهائي والذي لا يبدو حتى الآن أنه هدفا للنظام المصري.
وفيما يخص الدين الداخلي كانت قيمة الزيادة به خلال العام الأول للانقلاب 289 مليار جنيه، رغم الحصول خلاله على معونات خليجية سخية والاستيلاء على وديعة كبيرة بالبنك المركزي منذ حرب الخليج، وبالعام الثاني للانقلاب زاد الدين الداخلي بنحو 300 مليار جنيه، وقفزت زيادة الدين بالعام الثالث للانقلاب إلى 503 مليار جنيه، وفي النصف الأول من العام الرابع للانقلاب كانت الزيادة 433 مليار جنيه، بما يرشحها للوصول إلى حوالي 900 مليار جنيه بالعام المالي الحالي.
وتكرر نفس تصاعد الدين مع الاقتراض من الخارج، حيث بلغت زيادة الاقتراض الخارجي بالعام الأول للإنقلاب 8.2 مليار دولار، وبالعام الثاني 2 مليار دولار، لتقفز الزيادة بالعام الثالث إلى 7.7 مليار دولار، ثم تصل الزيادة إلى 6.11 مليار دولار بالنصف الأول من العام المالي الحالي وحتى ديسمبر الماضي: (98 مليار جنيه زيادة شهرية للمحلى).
وبما يشير لكبر قيمة الاقتراض الخارجي بالعام الرابع للانقلاب، حيث شهدت الشهور المنقضية من العام الميلادي الحالي، طرح سندات بنحو 4 مليار دولار والحصول على مليار دولار من البنك الدولي، ونصف مليار من بنك التنمية الأفريقي وقروض من جهات أخرى.
مع توقع الحصول على القسط الثاني من صندوق النقد الدولي البالغ 25.1 مليار دولار بالنصف الثاني من العام المالي الحالي، إلى جانب التجهيز لاقتراض نحو 2 مليار دولار في صورة سندات دولية.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع استمرار زيادة حجم الاقتراض الخارجي المصري بالسنوات القادمة ليصل إلى 102 مليار دولار بعد أربع سنوات بالعام المالي 2020/2021، إلا أنه يبدو أن معدلات زيادة الاقتراض من قبل النظام المصري ستجعله يتخطى ذلك الرقم.
في ضوء سباق زيادة الديون والذي يعبر عنه ارتفاع متوسط الزيادة الشهرية بالدين العام المحلى من 41 مليار جنيه بالربع الثاني من العام الماضي، إلى 46 مليار جنيه شهريا بالربع الثالث ثم إلى 98 مليار جنيه كزيادة شهرية، للدين العام المحلى بالربع الأخير من العام الميلادي الماضي.
وانعكس ذلك على الموازنة المصرية بالسنوات الأخيرة، حيث أصحبت فوائد وأقساط الدين العام تلتهم النصيب الأكبر من الإنفاق بالموازنة، وذلك على حساب أجور الموظفين والدعم والاستثمارات الحكومية ومشتريات الجهاز الحكومي.
وبموازنة العام المالي الجديد 2017/2018 كان نصيب فوائد الدين 381 مليار جنيه، وأقساط الديون 265 مليار جنيه بإجمالي 646 مليار جنيه، وهو ما يمثل نسبة 43 % من الإنفاق البالغ 1488 مليار جنيه، بينما كان النصيب النسبي للدعم 22 % وللأجور 16% وللاستثمارات 9%، وللمستلزمات السلعية والخدمية للجهاز الحكومي 5.3 % .
أضف تعليقك