لم تتطور حركة إسلامية في العصر الحديث في أدائها على كافة الأصعدة كما تطورت حركة المقاومة الاسلامية حماس، فمنذ انطلاقتها في ديسمبر عام 1987 على يد المؤسس الشيخ الشهيد أحمد ياسين وآخرين أي قبل حوالي ثلاثين عاما وهي تتطور في أدائها السياسي والعسكري كحركة مقاومة للاحتلال الاسرائيلي بشكل مميز وغير مسبوق، أعاد للأذهان التطور الهائل الذي قام به مؤسس حركة الاخوان المسلمين حسن البنا بين انطلاقة الجماعة في العام 1928 واستشهاده في العام 1949، فالحركة التي تقوم على فكر الإخوان المسلمين تجاوزت الأداء التقليدي الجامد لحركة الاخوان بعد استشهاد مؤسسها حسن البنا إلى التطور والاجتهاد الفكري والسياسي وحتى الفقهي الحركي مع الواقع فسبقت في أدائها السياسي ولوائحها وهياكلها التنظيمية والادارية حركة الاخوان التي أوصلها جمودها إلى المأزق الكبير الذي تعيشه الحركة الاسلامية في مصر والذي انعكس على معظم الحركات الاسلامية في العالم.
ومما ساعد حركة حماس علي النجاح والتميز هو قوة العلاقة والتناغم بين الداخل والخارج، وفي هذه النقطة تحديدا جعلت تركيبة مجلس الشورى الذي يعتبر برلمان الحركة ثلاثية بين غزة والضفة والخارج بأعداد متساوية وقد سألت أحد القيادات البارزة في صناعة القرار داخل حركة حماس عن كيفية اتخاذ القرار فقال :إن أهم نجاح حققته حركة حماس هو أن تصبح المؤسسات أقوى من الأفراد وهذا هو الخطأ الذي لم تتجاوزه معظم الحركات الاسلامية حيث يتغول الأفراد على المؤسسات لكن حماس لم تصل لهذا الأمر بسهولة ولكنها جاهدت كثيرا حتى تمكنت من أن تعلي دور المؤسسات في الحركة، فلا أحد يتغول ولا أحد ينفرد بالقرار، ولا أحد له قدسية أو تميز طالما أن الشورى الملزمة هي الأساس، الأمر الآخر المهم هو إجراء الانتخابات مهما كانت الظروف ولا أعتقد أن حركة إسلامية تعيش وضعا معقدا مثل الذي تعيشه حماس لكن في ظل هذه الأوضاع المعقدة تجري الانتخابات وهي المرجعية للتصعيد للشورى حيث تجري الانتخابات في كل الأماكن وعلى كل المستويات، الأمر الثالث الهام هو المحاسبة فانعدام المحاسبة يؤدي إلى تكدس الأخطاء وإلى تردي الأداء، واختطاف القرار .
الحوار كان طويلا واستغرق أكثر من ساعة ونصف وربما أفرد بعض ما دار فيه في مقالات قادمة، لكن المحور الهام الذي تحدثنا فيه كان الوثيقة الجديدة للحركة التي سيقوم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة بالاعلان عنها اليوم في مؤتمر صحفي عالمي في الدوحة ورغم تسريب بعض ما جاء فيها إلا أن أهم ما سوف تحتويه الوثيقة هو موقف حماس من التسوية من خلال الاعتراف بحدود الرابع من يونيو ودولة فلسطينية عاصمتها القدس دون الاعتراف بإسرائيل، كما أن الحركة تؤكد على أن معركتها مع الاحتلال الاسرائيلي والمشروع الصهيوني وليس مع اليهود أو الديانة اليهودية، كما أكدت الحركة على تمسكها بخيار المقاومة المسلحة كخيار استراتيجي، علاوة على محاور أخرى كثيرة هامة ستكون محور المؤتمر الصحفي الذي يعقده خالد مشعل اليوم ولنترقب تلك الوثيقة التي ستضع حركة حماس على أعتاب مرحلة جديدة.
أضف تعليقك