من حكمة الله سبحانه أن فاضل بين خلقه زماناً ومكاناً، ففضل بعض الأمكنة على بعض، وفضل بعض الأزمنة على بعض، ففضل في الأزمنة شهر رمضان على سائر الشهور، فهو فيها كالشمس بين الكواكب، واختص هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن، قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان} (البقرة:185)، وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان) رواه أحمد.
فمن فضائل شهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين"
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هذا شهر رمضان جاءكم تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتسلسل فيه الشياطين " ([1])0
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين " ([4]).
قال الإمام النووى رحمه الله :
وأما قوله صلى الله عليه و سلم: ( فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين):
فقال القاضي عياض رحمه الله : يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن تفتيح أبواب الجنة وتغليق أبواب جهنم وتصفيد الشياطين علامة لدخول الشهر وتعظيم لحرمته ويكون التصفيد ليمتنعوا من إيذاء المؤمنين والتهويش عليهم 0
قال: ويحتمل أن يكون المراد المجاز ويكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل إغواؤهم وإيذاؤهم ليصيرون كالمصفدين ويكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء ولناس دون ناس
ويؤيد هذه الرواية الثانية فتحت أبواب الرحمة وجاء في حديث آخر صفدت مردة الشياطين0
قال القاضي عياض: ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عموما كالصيام والقيام وفعل الخيرات والانكفاف عن كثير من المخالفات وهذه أسباب لدخول الجنة وأبواب لها وكذلك تغليق أبواب النار وتصفيد الشياطين عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات ومعنى صفدت غللت والصفد بفتح الفاء الغل بضم الغين وهو معنى سلسلت في الرواية الأخرى ([5])0
أضف تعليقك