متى يصوم الأطفال ؟ سؤال يشغل بال الآباء والأمهات وكل حريص على الأجيال الصاعدة لتنشئتهم تنشئة صحيحة تصنع شخصيتهم وتبني ضمائرهم في رحاب الإيمان بالله تعالى وفي نفس الوقت يجب أن نراعي القواعد الصحيحة حرصا على صحة أبنائنا وفلذات أكبادنا أحبابنا الصغار بهجة الحاضر وأمل المستقبل وطبقاً للقواعد الشرعية والطبية يمكننا أن نقدم المعلومات الآتية بخصوص صيام الأطفال.
أولاً قواعد عامة:
1- مرحلة التدريب الجزئي من سن (7 – 9 ) سنوات:
طبقاً للقواعد الطبية والقواعد الشرعية يفضل أن يبدأ التدريب التدريجي بصيام عدد من الساعات يتصاعد تدريجيا حتى يصل إلى مرحلة صيام اليوم كاملاً .
طبقاً لعلم وظائف الأعضاء فإنه بعد تناول آخر وجبة يستغرق امتصاص الطعام حوالي 8 ساعات وتكون الحالة الغذائية للجسم طبيعية ويبدأ الجسم في الدخول في حالة الصيام الفعلي بعد 8 ساعات بالبدء في استهلاك المخزون من الجلوكوز في الكبد والعضلات ؛ وفي الواقع العملي إذا تناول الطفل السحور قبل الفجر مباشرة فإنه يبدأ في حالة الصيام الفعلي بعد صلاة الظهر ويمكن تدريبه الجزئي بأن يصوم حتى الظهر ثم يزيد ساعات الصيام تدريجياً حتى يصل لصيام اليوم كاملاً ؛ ويمكن عمل (كارت البطولة في الصيام بالساعات ) لتدريب الطفل بأن يلون الساعة التي يصومها ويحصل على النجوم والمكافآت ؛ بطريقة تدريجية تصاعدية على مدى اليوم وعلى مدى الأسابيع.
2– مرحلة التدريب على الصيام الكامل من سن( 10 ) سنوات:
يستطيع الطفل صيام اليوم كاملاً ولكنه يحتاج إلى تدريب تدريجي ويجب أن نراعي بعض المعلومات المهمة في علم وظائف الأعضاء حيث يكون ألم الجوع شديداً في أول ثلاثة أيام بعدها تبدأ المعدة في التأقلم ويصبح الصيام سهلاً لذا يحتاج الطفل في الثلاثة أيام الأولى إلى التركيز أكثر في الدعم والتشجيع والمساندة وتقنيات الإلهاء حتى يستطيع اجتيازها؛ يمكن عمل (كارت البطولة في الصيام بالأيام ) يلون الطفل اليوم الذي يصومه ويحصل على جوائز تصاعدية.
3- مرحلة الفرض الكامل للصيام عند البلوغ :
لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن النائم حتى يستيقظ) سنن أبي داود وصحيح ابن خزيمة وفتح الباري شرح صحيح البخاري
ولكن العبادات تحتاج لتدريب مبكر وطويل المدى ولا تفرض فجأة عند البلوغ حيث يقيس بعض العلماء التدريب على الصيام على التدريب على الصلاة مع مراعاة قدرة الطفل من الناحية الصحية
– عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر، وفرقوا بينهم في المضاجع))؛
رواه أحمد وأبو داود، والدارمي والترمذيوقال الترمذي: حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني
ثانياً تجارب واقعية
هناك العديد من التجارب الواقعية التي أثبتت قدرة الطفل على الصيام من سن مبكرة :
– تجربة الدكتور ذاكر نايك في المدرسة الإسلامية الدولية حيث قاموا بتطبيق التشجيع على الصيام وإعطاء هدايا ومكافآت لمن يصوم أكثر أيام الشهر وذلك بدءاً من سن 4 سنوات وثبت أن عددا كبيرا من الأطفال تمكن من الصيام وأن هذا العدد كان يتزايد بتزايد السن حتى وصل أن معظم الأطفال في سن 7 أو 8 سنوات استطاعوا صيام الشهر كاملا.
– تجربتي أثناء عملي بليبيا سنة 1999 حينما كنت أجري الفحص الشامل لطلاب المدارس الابتدائية ؛ قمت بعمل إحصائية على طلاب الصف الأول الابتدائي ( 6 سنوات) فوجدت أن حوالي 90% من البنات صائمات و70% من الذكور صائمين وصحتهم جيدة ومنظمين في الدراسة.
– في واقعي الأسري كأب استطاع ابني الصيام بعمر 7 سنوات برغبة منه دون ضغط منا حيث كان يذهب إلى نادي الصائمين ويقابل الأطفال معهم كارت البطولة في الصيام ويلونون كل يوم يصومونه ويحصلون على التقدير والجوائز فأصر على الصيام.
والقصص والتجارب الواقعية كثيرة في هذا الشأن.
– يمتلك جسم الإنسان قدرة كبيرة على الصيام:
وهب الله تعالى جسم الإنسان امكانيات عظيمة تمكنه من تحمل الجوع فقد ثبت أن جسم الإنسان السليم به مخزونات غذائية تجعله يستطيع تحمل الصيام لعدة أيام وليس لعدة ساعات وأن هناك فوائد طبية كثيرة للصيام حيث يساعد على تخليص الجسم من السموم وتنشيط دورة تجديد خلايا الجسم وتخفيض نسبة الدهون والكوليستيرول في الدم (صوموا تصحوا)
–لا تقلق من صوم ابنك :الجوع المؤقت يزيد هرمون النمو:
إذا كان طفلك يستطيع الصيام ولديه الرغبة والقدرة فلا تقلق لأنه أثناء الصيام تفرز المعدة الفارغة هرمون يسمي (جريلين) هذا الهرمون يسمى هرمون الجوع أو هرمون الصيام وهو أحد هرمونات السعادة وله عدة وظائف مفيدة منها زيادة هرمون النمو وبالتالي يفيد الصيام المتقطع في زيادة نمو الأطفال على عكس ما هو متوقع.
التقييم الصحي والفحص الطبي للطفل قبل الصيام:
1- يجب تقييم صحة الطفل قبل الصيام للإطمئنان على قدرته على الصيام وذلك بتقييم النمو والتطور وخلوه مما يمنع من الصيام مثل الأنيميا ( فقر الدم) ويا حبذا أن يتم إجراء الفحص الطبي الدوري الشامل قبل رمضان كل عام ( تقييم الوزن والطول ومعايير التطور وفحص الدم والبول والبراز ) وأن يحصل على الارشادات الصحية والغذائية بما يخص مرحلته السنية.
2- يستثنى من الصيام الأطفال أصحاب الأمراض المزمنة المستمرة التي تتطلب علاج مستمر مثل مرض السكر أوالربو وغيرها وكذلك الأمراض الحادة الطارئة كالنزلات المعوية ونزلات البرد والحميات وكل الحالات التي تحتاج إلى علاج وتغذية مناسبة وشرب كمية من السوائل حتى لا يدخل الطفل في حالة جفاف بسبب الصيام.
3- كقاعدة عامة (إصابة الطفل بأي مرض تتيح الإفطار) لأن الطفل في حالة تدريب حيث الفرض الكامل يكون عند البلوغ وحتى البالغ يجوز له الإفطار عند المرض فالطفل في مرحلة النمو الإفطار له أوجب (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة:185 وتحقيقاً لليسر العظيم الذي يريده الله سبحانه لنا (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة:185
وختاماً يجب أن نغرس في الطفل الدافعية والرغبة والإرادة للصيام بحب وطيب خاطر وأن نتجنب الإرغام والإجبار لأن بناء الضمير لا يمكن أن يأتي بالقسوة ومعيار الانجاز أن يصر الطفل بنفسه على الصيام.
أسأل الله تعالى أن يبارك في أطفالنا ويصنعهم على عينه وأن يرزقه المستقبل المشرق السعيد وأن ينفع بهم أمتنا الحبيبة وكل عام وأنتم وأخبابنا الصغار بألف خير.
أضف تعليقك