بعد تصويت برلمان الانقلاب العسكري على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وهي الاتفاقية التي سيتم بموجبها نقل ملكية جزيرتي "تيران وصنافير" من مصر للسعودية، بدأت أصابع الاتهام تتجه نحو الاحتلال الصهيوني التي أكدت أنه وراء هذه الاتفاقية لضم المملكة العربية السعودية إلى اتفاقية التطبيع مع الاحتلال "كامب ديفيد".
معارضو الاتفاقية: السيسي عميل للصهاينة
وأكد معارضو الانقلاب العسكري على رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، وحركة 6 أبريل واليساريين، عدم امتلاك المنقلب سلطة للتنازل عن أية أرض مصرية، فيما رفض السيسي وحكومته هذا الادعاء، زاعمين أن الجزيرتين هما أراض تخضع للسيادة السعودية، وأن مصر قد استأجرتهما عام 1950؛ "لتعزيز الدفاع عن مصر والسعودية في وجه العدوان الصهيوني".
كانت صحيفة هآارتس العبرية قد نشرت في أبريل العام الماضي، مقالًا للكاتب زافي باريل، محلل شؤون الشرق الأوسط بالصحيفة، علق فيه على الاتفاقية والدلالات التي تحملها بالنسبة للكيان الصهيوني.
وفقًا لمراسلات بين وزير الخارجية الراحل سعود الفيصل ورئيس الوزراء المصري عاطف صدقي في الثمانينات، طلب الرئيس المخلوع حسني مبارك من السعودية عدم إثارة مسألة ملكية الجزيرتين حتى تنتهي الحكومة الصهيونية من انسحابها من الأراضي المصرية حسب اتفاقية كامب ديفيد. وكان الخوف من أن إثارة قضية السيادة سيجعل الصهاينة يمتنعون عن مناقشة الانسحاب من طابا بحجة أنه لم يكن هناك حاجة لإدراج الإنسحاب الصهيوني المبكر من «تيران وصنافير» في اتفاق كامب ديفيد لأنهما أراض سعودية.
وتابع بقوله: إنه لا يوجد خلاف بين مصر والسعودية بشأن مسألة ملكية الجزر. وعلى الرغم من ذلك، عقد البلدان سلسلة من سبع اجتماعات بين عامي 2007 و 2016 للتوصل إلى اتفاق حول تحديد حدودهما البحرية، وهو جزء من سياسة العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله لاستكمال ترسيم الحدود بين المملكة العربية السعودية والسودان ومصر والأردن.
وأشار الكاتب إلى أنه وعلى الرغم من أنه لا يوجد امتياز رسمي للأراضي المصرية، فقد تم النظر إلى الاتفاق في مصر على أنه ضريبة سياسية للاستثمارات الضخمة والمساعدات غير المسبوقة التي قدمتها السعودية للبلاد خلال العامين الماضيين، وللمساعدة التي وعدت بتقديمها خلال الخمس سنوات القادمة. ومن المتوقع أن تستثمر المملكة والشركات السعودية، من بين أمور أخرى، أكثر من 20 مليار دولار في مصر. كما سيوفر السعوديون حوالي 1.5 مليار دولار لتطوير شمال سيناء. وسوف يمولون طريقًا يربط شرم الشيخ والسعودية، ويزودون احتياجات مصر من الطاقة بقرض طويل الأجل بنسبة 2٪.
التنسيق مع الصهاينة
ذكر الكاتب أيضًا أنه من غير الواضح ما إذا كانت مصر قد نسقت مع سلطات الاحتلال فيما يتعلق بنقل الجزر إلى السعودية، على الرغم من أن وضعها مدرج في اتفاقات كامب ديفيد، وأي تغيير يتطلب موافقة الطرفين. وقال الكاتب: إنه سيكون من المثير للاهتمام أن نسمع رد رئيس الوزراء أو وزير الدفاع، خاصة بعد أن تسامحت إسرائيل بالفعل مع الانتهاكات المصرية لاتفاق كامب ديفيد عندما سمحت لمصر بإرسال المدفعية والقوات الجوية إلى غرب سيناء حتى حدود غزة كجزء من حرب مصر على الإرهاب وحماس.
الاعتراف بدولة الاحتلال
أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن المملكة ستفي بجميع الالتزامات التي وقعت عليها مصر فيما يتعلق بحرية المرور ولكنها لن تقيم اتصالات مباشرة مع الصهاينة.
واعتبر الكاتب أن هذا الإعلان العام، حتى وإن لم يكن موجهًا مباشرة إلى الكيان الصهيوني، يمكن أن يكون كافيًا، وعلاوة على ذلك، تعتبر السعودية حليفًا للغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص كما يمكن اعتبار الإعلان السعودي اعترافًا غير رسمي باتفاقات كامب ديفيد، التي أدى توقيعها إلى نبذ مصر من قبل الدول العربية.
السعودية و كامب ديفيد
أكد عضو ببرلمان الانقلاب العسكري أن تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، بناء على اتفاقية قيد المناقشة حاليا في القاهرة، يقتضي تطبيق الرياض لبنود اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.
وفي حوار مع صحيفة "الأهرام" ذكّر اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي ببرلمان الانقلاب، بأن جزيرتي تيران وصنافير دخلتا، مع توقيع اتفاقية السلام، ضمن المنطقة (ج) ودخلت قوات متعددة الجنسيات لهاتين الجزيرتين، "أي أنه لا توجد فيهما قوات مصرية حتى الآن وبالتالي تسري بنود اتفاقية السلام على الجزيرتين بعد تسليمهما للسعودية".
كما أكد أن الأمير محمد بن نايف أقر في خطابه 8 أبريل 2016، بعد توقيع الاتفاقية السعودية المصرية بشأن "تيران وصنافير"، بالتزام المملكة بنقل جميع الالتزامات المترتبة على مصر في هاتين الجزيرتين بناء على اتفاقية كامب ديفيد إلى السعودية".
الاحتلال يستفيد
أكد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أن الطريقة التي أدار بها الانقلاب في مصر مسألة "تيران و صنافير" ينطبق عليها تعبير "سياسة بير السلم" على الطريقة التي تدار بها مصر الآن، لافتا إلى فهناك غموض وأسرارا كثيفة تحيط بموضوع تيران وصنافير ودفعت ولا أحد يعرف بالضبط لماذا اندفعت مصر والسعودية نحو هذا المنزلق الخطر.
وأضاف نافعة في حوار له مع صحيفة "رأي اليوم":"الكل يشعر الآن أن وراء الأكمة ما وراءها, والتاريخ وحده هو الكفيل بهتك حجب وأسرار ما جرى. ومع ذلك يمكن تقديم اجتهادات ورؤى تحليلية في حدود ما هو متاح من معلومات, ومعظمها معلومات صحفية وليست موثقة.
وتابع:"اعتقادي الشخصي أن إسرائيل تقف وراء هذه المسألة لأنها الطرف الوحيد المستفيد، وأظن أنني كنت من أوائل من تحدثوا عن هذا الأمر ومنذ فترة ليست بالقصيرة، فأنا لم أقتنع أبدا بوجود دافع مصري حقيقي ومقنع أو دافع سعودي حقيقي ومقنع يمكن أن يفسر موقف أي من البلدين تجاه هذا الموضوع الذي تحول إلى أزمة كبيرة، فالكل يدرك أن المسألة لا تتعلق بجزيرتين صغيرتين يمكن التنازل عنهما أو بيعهما لأسباب اقتصادية أو ترفيهية أو لمجرد التظاهر بتحقيق مكسب مادي ما يمكن لهذا الطرف أو ذاك أن يتفاخر به.
وقال :"القضية تمس الأمن الوطني المصري في الصميم وتمس الأمن القومي العربي ولها علاقة مباشرة بتطورات الصراع العربي الإسرائيلي وبالمحاولات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية وفقا للرؤية الإسرائيلية".
أضف تعليقك