• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

طفت على سطح ذاكرتي أغنية خالدة الذكر الفنانة «وردة الجزائرية»: «جرب نار الغيرة»، وأنا أطالع تعليق مسؤول في إحدى المنظمات الصحافية الدولية على قرار دول «العدوان الثلاثي»+ السيسي، بإغلاق قناة «الجزيرة» ضمن مطالبها من دولة قطر، وكشرط لرفع الحصار عنها، حيث وصف دوافع هذه الدول + السيسي، بأنها ترجع إلى «الغيرة»!

«الجزائرية»، لقب أطلقه المصريون على الفنانة «وردة»، منذ أن ظهرت في ساحة الغناء والطرب، ولا أظن أنه لقبها في الجزائر، وإلا سنكون مثل المصري الذي استولت عليه الدهشة، وأخذ يقلب كفيه، لأنه لم يعثر على الجبن الاسطنبولي، في المدينة التركية «إسطنبول» ولم يعلم أن «الاسطنبولي» لقب أطلقه عليها المصريون، ولا يمكن للبلد المنتج أن يطلق عليها أيضاً «الجبنة الاسطنبولي»، وكان عليه أن يتذوق طعم الأجبان قريبة الشبه بها، حتى يتمكن من الوصول إليها! في مصر اشتهرت التونسية «لطيفة» بدون لقب، قبل أن نعرف أنهم في تونس يطلقون عليها «لطيفة العرفاوي». ومهما يكن، فقد غنت الفنانة «وردة»: «جرب نار الغيرة»، فبدت أغنيتها لائقة بالحالة المرضية لدول «العدوان الثلاثي»+ السيسي، التي حاولت أن تنافس «الجزيرة»، فكانت كالمنبت، الذي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى!
عندما أطلعت على تسريبات مطالب «دول العدوان» + السيسي، قبل إعلانها رسمياً، وكان واضحاً أن التسريبات تمت من قبل الجانب الإماراتي، خشيت بعد تفكير أن تكون «فبركة إعلامية»، فقمت بحذفها من على صفحتي على «الفيسبوك»، فليس معقولاً أن تتورط هذه الدول في إعلان مطلب إغلاق محطة فضائية بحجم «الجزيرة»، وكان يمكن أن يكون طلباً على مائدة المفاوضات، دون الجهر من القول!

في اليوم الأول لإعلان الحصار، قال حاكم الشارقة، إنه لن يكون مقبولاً من الدوحة بأقل من إغلاق «الجزيرة» هذه المرة، باعتبار أن المرة السابقة كان الطلب إغلاق «الجزيرة مباشر مصر»، وكتبت أن هذا هو «بيت القصيد»، لكن كان يمكن الرد بأن الرجل ليس له في العير ولا في النفير، وأن ما كتبه هو اجتهاد شخصي منه، ولم أكن أعلم أن الخيبة الثقيلة تملكت من القوم حتى أمكنهم إعلان هذا ضمن مطالبهم دون أن يهتز لهم رمش، وعلى نحو كاشف بأن من وضع هذه المطالب جميعها يفتقد للرشادة، ويتمكن منه الحقد من دولة تمكنت من أن تكون رقماً صحيحاً في المنطقة، فأصابهم ما أصاب «أخوة يوسف»! في اليوم الأول للمؤامرة، كان وضع اسم عالم بحجم الدكتور يوسف القرضاوي، في قائمة الإرهاب، تمثل «نكتة الموسم»، فإذا كان القرضاوي إرهابياً فمن المعتدل؟! وفي هذه المرة كان المطلب الخاص بإغلاق قناة «الجزيرة»، هو ما لفت انتباه الرأي العام العالمي إلى غرابة المطالب وتعسفها، فقد رفعت مطالب في السابق بتغيير خطاب «الجزيرة» حيال هذه الدولة أو تلك، أما وأن «تتحزم» ثلاث دول + السيسي وتطلب إغلاق قناة تلفزيونية، فهذا مطلب غير مسبوق!

اللافت، أنه ولإدراك «العدوان الثلاثي على قطر»، أن قائمة الإرهاب أضحكت الثكالى، فقد اكتفوا فقط بالإشارة إليها في قائمة المطالب الأخيرة، والتي حددت عشرة أيام كسقف زمني لتنفيذها، وبدون نقاش حولها، وكأنها شركة للأثاث المنزلي تقدم «عرض أسعار»، وكأنها شروط إذعان من قوة خارقة تمكنت من أن توقع هزيمة نكراء بـ «قطر». وبقيت الغرابة تتمثل في المطلب المشين بإغلاق «الجزيرة»، فمن أي كوكب سقط على كوكبنا هؤلاء القوم؟!

ولم تكن مشكلة قائمة الإرهاب فقط في أنها تضم اسم «القرضاوي»، ولكن بالإضافة إلى هذا فقد ضمت من لم يأتوا إلى قطر البتة، مثل محمد شوقي الإسلامبولي، ومن لم يعد بإمكانهم السفر إلى الدوحة، مثل «حسن الدقي»، العالق في تركيا بعد انتهاء صلاحية جواز سفره، ومثل أحد الأشخاص الذي يوجد في سجون السيسي منذ عام 2015؟!

«سكاى نيوز» والإعلام الموجه

ورغم هذا، فإن قناة «سكاي نيوز عربية»، التي تعد مثالاً للإعلام الموجه، وتذكرنا بـ «صوت العرب» في زمن «أحمد سعيد»، لا تزال إلى الآن تعيد وتزيد في هذه القائمة، بذكر بعض الأسماء المنشورة فيها، فلم تخجل من أن تضع صورة الدكتور «القرضاوي» وبيانات عنه من أنه متهم في قضايا إرهابية، كما لم تخجل من وضع صورة الشيخ «محمد عبد المقصود» وبجواره ملف بعلميات إرهابية قالت إنه ضالع فيها في مصر، والرجل لإعاقة في قدميه يتحرك بصعوبة بالغة! وعندما شاهدت على «سكاي نيوز» اسم وصورة «محمد شوقي الإسلامبولي»، انتظرت لأعرف الجرائم الإرهابية التي ارتكبها، والرجل لم يدخل قطر سائحاً أو لاجئاً، مقيماً أو زائراً، فضلاً عن أن الأمم المتحدة رفعت اسمه من قوائم الإرهاب قبل ثلاث سنوات. فلم تنشر «سكاي نيوز» بجانب اسمه من عمليات إرهابية منسوبة إليه إلا أنه شقيق الملازم أول خالد الاسلامبولي، المتهم الأول في قضية اغتيال الرئيس السادات، ففي أي زمن، وفي أي كوكب من كواكب المجموعة الشمسية، يؤخذ المرء بجريرة أخيه، ثم أن هذا المرء ليس مقيماً في الدوحة فكيف يطلب من قطر أن تقوم بطرده من أراضيها، وهو ليس موجوداً عليها أصلاً؟!

وقد ورد في الأمثال: «إذا كان المتحدث مجنوناً فليكن المستمع عاقلاً»، ودور الإعلام ليس أن يتحول إلى جهة ناقلة للافتراءات إنما عليه أن يحقق فيها، وقد تكون اللجنة التي أعدت المطالب كتبتها بعد «وجبة من القات» المهرب من اليمن، لكن لا ينبغي أن يكون الإعلام بوقاً، يردد الأكاذيب كما هى دون أن يناقشها ولو بالقدر الذي يتسن له به «إبراء الذمة»!
«سكاي نيوز عربية»، كانت في الأيام الأولى للانقلاب العسكري في مصر، تحرص على أن تعرض وجهتي النظر، وتحرص على أن تبدو ليست بوقاً لدولة الإمارات التي تملك امتيازها، وقد استضافتني أكثر من مرة كممثل لوجهة النظر الرافضة للانقلاب الذي تدعمه الإمارات، لكنها الآن رفعت برقع الحياء وقررت أن تكون «صوت العرب»، بالنسبة للعهد الناصري، والتي أعلنت بدون تحقيق بيانات الانتصار في حرب يونيو 1967، والطائرات الإسرائيلية التي سقطت، قبل أن يكتشف الرأي العام الهزيمة التي نزلت بالجيش المصري!


وإذا كانت «سكاي نيوز عربية» رضيت بهذا، فكيف ترضى به «سكاي نيوز» الشبكة الأم في بريطانيا، والابنة ليست ملكية خالصة لمنصور بن زايد آل نهيان، ولكنها استثمار مشترك بين شركة أبو ظبي للاستثمار الإعلامي وبين مؤسسة «سكاي نيوز» البريطانية، وما هو الثمن المدفوع للمؤسسة البريطانية للقبول بهذا الوضع الذي يسيء للشبكة، ويبدد سمعتها بهذا الشكل؟!
ما علينا، فـ «سكاي نيوز عربية» تملك مقومات المنافسة الجادة لـ «الجزيرة»، بعد فشل «العربية» كمنافس للقناة القطرية، فلا تنقصها الكفاءات الإعلامية، كما لا ينقصها التمويل، لكن سر الفشل أنها تفتقد للإرادة في أن تكون منبراً إعلامياً حراً، ولن ينجح الإعلام إلا في جو الحرية، وهذا الجو المفتقد هو السبب في فشل «العربية» بتفريعتها «العربية الحدث»، كما كانت سبباً في فشل «سكاي نيوز عربية»، فبدلاً من أن تكون «الجزيرة»، أصبحت «الفراعين» لصاحبها «توفيق عكاشة» والسيدة والدته!

وإزاء هذا الفشل، لم يجد «أهل الحكم» في «دول العدوان الثلاثي» حرجاً، من الدخول في معركة على المكشوف، ضد قناة «الجزيرة»، والطلب بإغلاقها، وكانت دعايتهم في الآونة الأخيرة تدور حول أن «الجزيرة» انتهت وفشلت، إلى حد أن استنسخت برنامجها الصباحي من قناة «العربية»، لكنهم بهذا الطلب أكدوا أنهم كانوا في دعايتهم لا يعبرون عن الحقيقة، فلا تزال «الجزيرة» هى القناة القوية، التي تثير غيرة القوم، فتذكرنا غيرتهم بخالدة الذكر وردة في «جرب نار الغيرة»!

الأذرع الصهيونية

«نار الغيرة»، هي التي جعلت السادة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو + السيسي يجمعون على ضرورة إغلاق «الجزيرة»، وليست «نار الغيرة» فقط، هى المحرض على هذا الطلب المهزلة، فأصحاب الجلالة والفخامة والسمو + السيسي، يمثلون أذرعاً صهيونية في المنطقة، وفي طريقها لما سمي بصفقة القرن، ويريدون وهم ينفذون هذا المخطط أن يعيشوا عيشة راضية لا يسمعوا فيها لاغية من قناة ترى أن مكانها الصحيح هو حيث يوجد الناس، لا حيث يقف أصحاب الجلالة والفخامة والسمو + السيسي، فكان القرار باللعب على المكشوف!

ولأنه يقضى على المرء أيام محنته، حتى يرى حسناً ماليس بالحسن، فإن هذا القرار، ألب الرأي العام العالمي، وقدمهم على حقيقتهم من حيث كونهم ضد الإعلام، ويعملون على إغلاق المنابر الإعلامية، وكأنهم قدموا تواً من وراء التاريخ، فتحرك الرأي العام الدولي يندد بكل المطالب باعتبار أن عقلاً مأزوما يعيش في العصر الحجري هو من أنتجها.
«كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله».

أرض – جو

في حملة الإبادة الإعلامية قدم عمرو أديب، مذيعة الجزيرة «حسينة أوشان» معلقاً بأن على وجهها غضب الله، وللعلم فإن عمرو هو بعل «لميس الحديدي» وكفى، ولا يجمع الله على عبد من عباده عذابين، فيغفر له أنه يعيش العذاب ألواناً!

وكأنه نظر في وجه «لميس» فوجد الرضا الإلهي!

أضف تعليقك