• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

تتعرض قناة الجزيرة الإخبارية لحملة ضغوطات، وانتقادات، وهجوم قد يصل إلى "نسفها" من الوجود رغم تمتعها بقاعدة جماهيرية كبيرة، وكلما برز حديث عن "الجزيرة"، برز معه حديث عن قنوات منافسة.

إن سوق المنافسة أمر طبيعي في أي مجال، ورغم أن القنوات المنافسة متطورة جدًا من حيث التكنيك ومواكبة الإعلام العالمي، فإن هناك مجموعة مميزات تمتلكها "الجزيرة" تجعل من منافَستها تحدياً صعباً إن لم يكن مستحيلاً.

أولاً: مركز دراسات وأبحاث رديف للقناة

مراكز الدراسات والأبحاث، بشكل عام، تقدم المشورة والحقائق والأرقام الضرورية للجهات المعنية، كما تزيل الغموض الذي يكتنف بعض القضايا، بكشف خيوطها ودراستها. قناة الجزيرة تمتلك هذه الخاصية، فمركز الجزيرة للدراسات يزود القناة بهذه المادة، مع امتلاكها نخبة مفكرين وباحثين في هذا المركز، فيقدم هذا المركز الكتب والأوراق البحثية، بالإضافة إلى تنظيمه ندوات ومؤتمرات بشكل دوري، تتحدث عن قضايا تمس صميم الأزمات في المنطقة، والتي هي بالأصل القضايا التي تتبناها المحطة نفسها.

ثانيًا: تأثير صحفيي "الجزيرة" خارج القناة أيضًا

تمتلك قناة الجزيرة على صفحتها بفيسبوك -لغاية كتابة هذه السطور- نحو 22 مليون متابع، في حين أن مقدم برنامج "الاتجاه المعاكس"، فيصل القاسم، لديه 12 مليون متابع، أي نصف عدد متابعي القناة، وتملك مذيعة الجزيرة خديجة بن قنة نحو هذا العدد من المتابعين، والأمر ينطبق على باقي صحفيي "الجزيرة" بنسب أقل، وهؤلاء الصحفيون نشطون جداً على شبكات التواصل الاجتماعي ويقدمون مادة تحقق نسبة عالية من التفاعل.

فقد يحقق المنشور الواحد لـ"القاسم"، مثلاً، أضعاف ما يحققه منشور القناة، كما أن محتوى صفحات وحسابات صحفيي "الجزيرة" متطابق ومكمل لما تقدمه القناة نفسها، أي القضايا نفسها وبشكل مكثف، على خلاف "غالبية" باقي صحفيي القنوات المنافسة التي يكتفي صحفيوها بنشر أنشطتهم ويومياتهم الخاصة بعيداً عن جو العمل.

ثالثاً: سقف الحرية في تناول القضايا
كتبت "الغارديان" عنواناً كان "الدور السعودي في نجاح قناة الجزيرة"، أي إن السعودية قدمت خدمة لقطر دون أن تدري، وحصل ذلك حين شاركت المملكة هيئة الإذاعة البريطانية في إطلاق خدمة التلفزة باللغة العربية منتصف التسعينات، لكنها لم تدم طويلاً فتم إغلاقها؛ لأن الرياض لم تقبل بالسقف المرتفع في تناول الأخبار والأحداث آنذاك، فما كان إلا أن استقطبت قطر هذه النخبة وافتتحت "الجزيرة"، وأعطت سقفاً عالياً من الحرية في الطرح لم تقوَ عليه الرياض، وهذا يعني أن الدول التي تمتلك قنوات منافسة لن تستطيع منافسة "الجزيرة"؛ لعدم قدرتها على تحمُّل هذا السقف الذي لا يزعج الدوحة بوجود "الجزيرة" فيها.

رابعاً: الأسبقية
إذا أرادت سيدة أن تتهم جارتها بسرعة نقل الأخبار تقول لها "أنت الجزيرة"؛ دلالةً على شغفها بالأخبار، نُكَت كهذه وإن لم تكن واقعية فإن لها دلالتها الرمزية، وهذا يعني أن القناة ارتبط اسمها بالأخبار حين كانت في الساحة وحدها، فقد انطلقت "الجزيرة" في عام 1996 في حين انطلقت "العربية" عام 2003 و"سكاي نيوز عربية" 2012، فخلال 7 سنوات كانت "الجزيرة" هي الوحيدة في الساحة، ورافقت تلك الفترة أحداث مفصلية في العالم كأحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وبهذا التفرد أسست "الجزيرة" لنفسها قاعدة جماهيرية كبيرة واستقطبت الجمهور العربي.

خامساً: وجود "الجزيرة" في دولة تتمتع بمستوى عالٍ من الرفاه
تقرير التنافسية العالمي هو تقرير سنوي يصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، يقوم التقرير بتقييم قدرة الدول على تقديم الازدهار والرفاهية لمواطنيها، وهذا بدوره يعتمد على قدرة الدولة على الاستفادة من مصادرها المتاحة.

المتابع للتقارير السنوية التي تصدر عن هذا المؤتمر، يلاحظ التقدم الذي تحققه دولة قطر، من حيث الصحة والتعليم والرفاهية، فعلى سبيل المثال: الكهرباء والماء والعلاج تُقدم مجاناً في قطر، أمر كهذا يجعل "الجزيرة" لا تتحرج في الحديث عن أي شعب يعيش العوز والنقص؛ بسبب سيطرة الطغمة الحاكمة على أموال الدولة، أو كشف ملفات فساد واختلاس في دولة ما؛ ما جعلها تحظى بقبول شعبي.

إلى جانب هذه الأسباب، هناك أسباب أخرى تجعل قضية منافَسة "الجزيرة" أمراً شاقاً، كوجود "الجزيرة" داخل شبكة قنوات وثائقية ورياضية وعالمية وبلغات متعددة؛ ما يجعل إمكانية التعاون مع شبكتها أمراً سهلاً في تلك الدول التي توجد نسخ لـ"الجزيرة" منها.

مقال للصحفي العراقي : غسان خضر

أضف تعليقك