• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

 كشفت مأساة مسلمى الروهينجا عن ضمير حكام العرب الخرب، وأخلاقهم الفاسدة، وقد أثبتت تبعيتهم المقيتة، وتواطئهم على استئصال المسلمين؛ بالقتل والحرق، والإغراق والتهجير، والأمر نفسه ينطبق على علماء هؤلاء السلاطين ومفتيهم، ومن دار فى فلكهم ولف لفهم.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
 
لقد كان الفضل لتقنيات الاتصال فى نقل الصورة كاملة وبشكل مباشر، وهى صورة دامية، تنطق الحجر، وتلين القلوب القاسية، ولا يرضاها كائن يطلق عليه إنسان؛ إذ رأينا قتلا صبرًا، وصلبًا، وحرقًا لأحياء، واغتصابًا لعشرات النساء المسلمات العفيفات، وظننا أن ذلك يحرك فى هؤلاء الحكام وأذنابهم العلماء شيئًا من الإنسانية، لكن ذلك لم يحدث، ولن يحدث، إلا إذا تحرك أسيادهم، بل بعد أن يأمرهم أسيادهم بذلك...
فإذا استثنينا الذى بين هؤلاء المسلمين وبين حكامنا (الأشاوس على قطر وتركيا)، وهو الإسلام، فيبقى شىء اسمه رغبات شعوبهم، ولا نشك فى رغبة شعوبنا فى كف الأذى عن هؤلاء المستضعفين، وهذه الشعوب لديها الاستعداد الكامل فى الجهاد بالنفس والمال لإنقاذهم، لكن هؤلاء الحكام يحولون دون ذلك، ولو استثنينا الرابط الدينى بينهم وبين أبناء الروهينجا، واستثنينا رغبات شعوبهم، فيبقى شىء اسمه الإنسانية.
 
ولو استثنيناهم من هذه الإنسانية، ولهم سوابق فى معاداتها إذ سجلهم ملىء بالقتل والتعذيب، ورابعة شاهدة على ذلك، وسجونهم تنطق بهذا- فهناك شىء اسمه القانون الدولى، والعرف العالمى الذى يتضامن مع المضطهدين، ويساعد المعذبين والنازحين، ويقف فى وجه الجناة والمجرمين، وهو قانون تستخدمه الدول المحترمة فى تبنى مواقف إنسانية تحسب لها، وتسجل فى رصيدها، وهذه المواقف ترفع مكانتها بين الدول، وتعزز دورها العالمى، نقول تفعل هذا الدول المحترمة.. لكن كما نعلم فإن المستبدين الجهلاء جعلونا مسخرة الدول، هزءًا للأولين والآخرين..
 
أنتظر كل يوم منذ بدء المأساة أن يخرج شيخ الأزهر مستنفرًا الأمة الإسلامية للتصدى لما يجرى فى بورما، وقد شاهد تلك الانتهاكات البشعة، فلم يخرج، ولن يخرج، وقد اكتفى ببيان هو أهزل وأحقر من البيانات التى يصدرها أزهره (الشريف) لاستنكار ما يحدث من الجماعات الإسلامية التى تدافع عن هويتها فى نيجيريا وغيرها، وكأن الذين شاهدهم ليسوا مسلمين، وكأنهم ليسوا آدميين، وليراجع القارئ الكريم بياناته الخاصة بضحايا اليهود والنصارى، وسيجد فيها ألمًا وأسى، وبكاء ونحيبًا من جانب الشيخ، وسيجد تهديدًا لـ (الإرهابيين) الذين أدموا قلبه وقلوب العذارى والآمنين.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 
ولنتخيل -وهو مستحيل وقوعه- أن الضحايا فى بورما نصارى أو يهود، ماذا كان رد فعل حكامنا المستبدين وعلماء السوء التابعين لهم؟.. والله لو تباعدت الأرض أضعاف ما هى عليه الآن، ولو كان الضحايا قلة تعد على أصابع اليد، لنفر هؤلاء الرزايا، حكامًا وعلماء، لنصرة هذه القلة، ولإيقاع أكبر الضرر على المهاجمين؛ ذلك أن ولاءهم للكافرين، وتبعيتهم لهم وتذللهم إليهم أعماهم عن الجهر بالحق، بل عن معرفته، فهم فى ضلالهم يعمهون؛ من ثم لن تجدى معهم النصيحة؛ ذلك أن القلوب أشربت هذا الهوان، فنسوا الله، فأنساهم أنفسهم، فكيف يفكرون فى خدمة دين أو مصلحة وطن، إنما يتاجرون بالدين، ويسمسرون بالوطن، ويبيعون أرضه وسماءه، وتربته وبنيه. 

وإذا كان لدينا أمل فى حل القضية، وكف الأذى عن إخوتنا فى تلك البلاد البعيدة، فالله هو أملنا ونعم النصير، ثم مخاطبة أحرار العالم من غير المسلمين، ممن لديهم ضمير حى وعقل يقظ، وحس فطرى بالآدمية؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولمنع تكرار ما جرى، ولمعاقبة مجرمى الحرب الذين أدموا قلوبنا بما فعلوه ضد الإنسانية.
 
وإذا كانت شعوبنا قد جردت من أسلحتها على يد هؤلاء الإمعات، فيبقى أكثر من سلاح فى أيديها، أولها سلاح الدعاء لهؤلاء الإخوة المسلمين، وهو نافذ فعال، فالله من وراء هؤلاء الأعداء محيط، ثم إنكار القلب، وتبنى القضية بشقها الناعم؛ بنشرها، والدعاية لها، ولفت الناس إليها، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون؛ فرب كلمة سبقت ألف كلمة، ولعل عملا مخلصًا واحدًا كان أقوى وأنفع من جيوش جرارة وطائرات جبارة.. وربك على كل شىء قدير.

 

أضف تعليقك