• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

يتفنّن العسكر في إبداع كل الأمور التي من شأنها إذلال المصريين، حيث تشهد مكاتب التضامن الاجتماعي ازدحامًا شديدًا كل عام من المواطنين بالتزامن مع انطلاق العام الدراسي الجديد لاستخراج ما يسمى بـ"شهادة الفقر".

بشبه دولة العسكر، ويصطف ملايين المصريين أمام شبابيك وزارات التضامن الاجتماعي، متنازلين عن كرامتهم، طالبين "شهادة فقر"، لكي يقدموها لعشرات الجهات الحكومية، من أجل الحصول على جزء من حقوقهم، التي ينهبها كبار موظفي دولة العسكر.

شهادة إذلال

"شهادة الفقر" مصطلح يطلق على الخطابات التي تثبت قيد أبناء اﻷسر المستفيدة من معاش الضمان الاجتماعي بالمدارس للحصول على دعم مالى قدره ٤٠ جنيهًا شهريًا للتلميذ، وبحد أقصى ٢٠٠ جنيه للأسرة عن ٥ طلاب.

وللحصول على هذا الدعم، على أولياء الأمور تقديم شهادة من مكاتب التضامن الاجتماعي بالحالة الاجتماعية أو الحصول على مساعدات التضامن من أجل الحصول على إعفاء من المصروفات المدرسية.

لا تقتصر "شهادة الفقر" أو البحث الميداني على وزارة التضامن الاجتماعي ومصاريف المدارس، ولكن الراغب في عمل بحث اجتماعي هو الذي يقرر الجهة التي يريد توجيه البحث إليها، من بين وزارات الصحة والإسكان والتربية والتعليم والتعليم العالي.. والمدن الجامعية.

مشهد مزرٍ

ويؤكد الخبراء، أن مشهد شهادة الفقر برهان للوضع الاقتصادي الذي تعيشه مصر، فكل يوم نجد أن أسعار السوق في ارتفاع مستمر، بينما الدخل اليومي للفرد ثابت لايحرك ساكنًا، مما يجعل الشباب يتطلعون نحو السفر سنة أو أكثر حتى يتمكنوا من تجميع مبلغًا من المال يستطيعون معه أن يكونوا مستقبلًا لهم، فالعازب يريد أن يتزوج، والمتزوج يريد أن يستقل بمنزل خاص به والدخل اليومي داخل بلده لايتمكن معه العيش بصورة طبيعية.

ويؤثر الوضع الاقتصادي في مصر بشكل كبير في ذلك، فهو يضاعف من نسبة  الظروف الاجتماعية المزرية، ويقلل من فرص العمل التي تعد شبة معدومة، كما يعاني الشباب من حالة استحالة تحقيق أحلامهم في ظل الظروف الموجوده في بلادهم.

ويبقى المتهم الأول فيما وصل إليه حال المصريين هو سياسات العسكر الفاشلة، حيث تكبدت الدولة خسائر بالمليارات من خلال مشاريع لم يستفيد بها الشعب الذي ملّ من كثرة تلك المشاريع غير واضحة الملامح.

تاريخ شهادة الفقر

ويرجع تاريخ شهادة الفقر إلى أكثر من نصف قرن في عهد الملك فاروق، والرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان التعليم للقادرين ماديًا فقط ولكن من باب الشفقة كان مسموحًا بقبول بعض الفقراء في المدارس أو الجامعات بشرط أن يكون هؤلاء الفقراء متفوقين حتي يشفع لهم التفوق بالتجاوز عن الفقر‏، ولإثبات ذلك كان على الطالب المتفوق أن يقدم مع شهادته الدراسية بالتفوق العلمي شهادة أخري أكثر أهمية اسمها “شهادة فقر” وهي شهادة يجب أن تحمل توقيع اثنين من موظفي الدولة محل الاعتبار تؤكد أن الطالب المتفوق فقير وبموجب هذه الشهادة كانت تتفتح أمامه أبواب التعليم.

وشهادة الفقر لم تتوقف عند حد التعليم فقط ولكن تشعبت في مجالات أخرى في الوظائف والعلاج وأيضًا للسفر إلى الخارج، وقد أصبحت هذه الشهادة اللعينة هي المتحدث الرسمي باسم الشعب المصري.

الجدير بالذكر أنه حتى عام 1996م، كان لا يتم علاج أي مواطن على نفقة الدولة إلا إذا أجري عليه بحثًا اجتماعيًا يؤكد استحقاقه العلاج المجاني لضيق اليد ولكن عندما تولي الدكتور إسماعيل سلام، وزير الصحة الأسبق، مسئولية الوزارة في ذلك العام قرر إلغاء تقديم هذه الشهادة بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي وبعد مرور عامين أضاف إليهم مرضي الأورام والكبد.

ومنذ هذا العام توقفت رحلة شهادات الفقر حتي قامت ثورة 25 من يناير، عادت مرة أخري فكرة شهادات الفقر تتردد على مسامعنا في ظل انهيار الكيان الاقتصادي، ففي عام 2012م، تقدم المصريون العاملون بالخارج بطلبات لدفن جثث المصريين بالخارج ليدفنوا في بلدهم بشرط إلغاء ما يعرف بشهادة الفقر.

وفي عام 2009م، تقدم النائب حسين عوض عضو مجلس الشعب عن دائرة السنبلاوين باستخراج شهادة من الشئون الاجتماعية تثبت أن قرية الزهايرة الأشد فقرًا من بين القرى من أجل أن تعطيه الحكومة ربع مليون جنيه للقرية.

الرئيس مرسي لم ينتظر شهادات 

في عهد الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي، لم ينتظر الرجل أن يقدم نحو 14 مليون مصري شهادة فقر، أو بحث حالة اجتماعية، ليزيد المعاش الشهري لملايين المصريين، بل رفع رواتب ملايين الموظفين الذين لم يتحاوز راتبهم مئات الجنيهات إلى 1200 جنيه، وكذا معاشات الضمان الاحتماعي التي بقيت لعشرات السنين لا تتجاوز 75 جنيها، ليرفعها إلى 400 جنيه كمرحلة أولى.

ولم يمهله خونة العسكر ليصل بهم إلى الحد المناسب لمعيشتهم، فارضًا على قيادات المجلس العسكري ضخ مليار جنيه من ميزانيتهم السرية لحساب صناديق المعاشات ورواتب صغار الموظفين.

أضف تعليقك