• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

"ولا أدرى من أين لهؤلاء الكلافين بكل هذه القدرة على البجاحة، وهم يتهمون كل من رأى في فاروق حسني مرشحا هزيلا بعدم الوطنية، أو على الأقل بنقص في هورمونات الوطنية، رغم أن أي مراقب منصف يعلم أن فاروق حسني لم يقنع المصريين فى الداخل بأهليته لمنصب وزير الثقافة، فكيف نطلب من العالم الاقتناع به واختياره لرئاسة أكبر منظمة ثقافية في الكون".

أما الكلافون فهم متعهدو الخدمة في الحظائر، وأما الحظيرة فهي وزارة الثقافة في ذلك الوقت، تبعا لتعريف الوزير لها.. والمناسبة كانت عودة وزير الثقافة المصري خاسرا سباق "اليونسكو" في خريف العام 2009.

شيء من هذا، وإن كان بصيغة أكثر فجاجة، يتكرّر الآن مع مرشحة نظام المشير لرئاسة اليونسكو، السيدة مشيرة خطاب، التي أزعم أنها لو رشحت لرئاسة اتحاد الكتاب في مصر، فلن تحصل على حفنة من الأصوات.

كان فاروق حسني وزير ثقافة جيدا، بالمقياس التكنوقراطي، والمواصفات الشخصية، حتى وإن اختلفت مع سياساته، وتوجهاته، وهو فنان ومثقف يجيد التعامل مع الشئون الثقافية، محليا ودوليا، وعلى الرغم من ذلك فشل في امتحان اليونسكو، لأسباب يكرّرها النظام المصري الحالي، بحذافيرها، مع مرشحة السلطة العسكرية لليونسكو، مشيرة خطاب.

كما فعلوا مع فاروق حسني، يركزون في خطابهم الدعائي على الداخل، وإن خاطبوا الخارج فإنهم يخاطبونه بما لا يصلح إلا للداخل، بما يقدم صورة شديدة البؤس لمفهوم هذه السلطة للثقافة وللتراث الحضاري العالمي.. باختصار، يخوضونها على إيقاعات الوطنية المبتذلة، واسكتشات"تحيا مصر" الفكاهية.

ذهب فاروق حسني إلى انتخابات اليونسكو، مرشحا عن نظام حسني مبارك، بل سلك الأخير وكأن حسني مرشحه الشخصي، وليس ممثلا للإسهام الثقافي المصري في الحضارة العالمية، مخلفا وراءه حالة من الاستقطاب في أوساط المثقفين، تصنف مؤيديه وطنيين وأخيارا، ومعارضيه هدّامين وأشرارا، والغريب أنه عندما رسب في الامتحان الدولي مارس اللعبة ذاتها، وقدّم نفسه باعتباره شهيد مؤامرة دولية، لا تحب الخير لمصر، وقلت وقتها إن الوزير رسب في اختبارات التعايش والتسامح على مستوى الداخل، ويقيم الدنيا ولا يقعدها على ما اعتبره غياب قيم التسامح والتحضر والتعايش المحترم على المستوى الدولي، وأنه ليس لوزير يقصي معارضيه ويناصبهم العداء، لمجرد أنهم مختلفون مع سياساته، وغير متوائمين مع منهجه في النظر إلى المثقف ودوره في الحياة، وكانت طريقة التعاطي مع كاتب فذ، بحجم صنع الله إبراهيم، مثالا صارخا على الإقصاء والاستبعاد.

 كان ذلك خطأ استراتيجيا في حملة ترشيح فاروق حسني، كما كانت هناك جملة أخطاء في "التكتيك"، بعد أن أوقع نفسه في تناقض ساذج، حين طرح نفسه باعتباره مرشح العرب والمسلمين لرئاسة المنظمة الدولية التي تهتم بثقافة العالم، بما هي ثقافة، بعيدا عن أطر الدين والعرق والقومية.

وسجلت وقتها مفارقة مدهشة، ذلك أن الوزير الذي سجن نفسه داخل حدود الدين والعرق، مرشحا للعرب والمسلمين، عاب على أوروبا أن تتبع المنهج ذاته، وتتكتل خلف مرشحتها البلغارية، من دون أن نسمع أحدا من الأوروبيين يصنف البلغارية بوكوفا مرشحة للعرق الأوروبي أو الديانة المسيحية، أي أن فاروق حسنى والقائمين على حملته هم الذين نقلوا المعركة من كونها تنافسا بين أشخاص، إلى حرب دينية سياسية.

أسوأ من ذلك يجري مع مرشحة السيسي لليونسكو، وهي بالمناسبة واحدة من أعضاء الدائرة الضيقة لزوجة حسني مبارك، حيث تتم عملية تطبيق حرفي للأساليب والوسائل التي أسقطت فاروق حسني، ويكفي أنها تأتي من بيئة معادية للثقافة وكارهة لها، وتفرز كميات هائلة من احتقار المخالفين، وتمارس تكفيرا باسم الوطنية للمعارضين.

باختصار، لم يظهر فاروق حسني أنه مرشح مصر، بتنوعها، بل كان مرشح ساكن قصر الحكم بمنطقة مصر الجديدة.

أما مشيرة خطاب، فتبدو وكأنها مرشحة عسكرية محلية لإدارة أكبر منظمة ثقافية دولية.

أضف تعليقك