السعادة هي الوطن الآمن ، الوطن العامر ، الوطن الذي يتقاسم فيه أبناؤه الفرص بحسب كفاءتهم وقدراتهم ، لا بحسب وظائف آبائهم وأموالهم ، الوطن هو ذلكم الشعور الذي يملأ القلب بالانتماء لهذه الأرض وعشق ترابها طالما يسود فيها العدل وتسود فيها القيم ويسود فيها الدين الذي يضبط كل تصرفاتنا ويحكم نزواتنا وشهواتنا وفق قواعد فرضها رب العالمين.
الوطن إذا ساد فيه العدل استقامت فيه كل الأمور وإذا تقلص اعوجت .
فما بالنا لو غاب العدل عن المشهد ، كيف تصبح الأمور ، بل ما بالنا لو غاب العدل وحل القهر وساد الظلم وعم ، ما بالنا لو اندثر العدل وأصبح الميزان مجرد صورة تٌرسم علي الجدران لتنبئك أن اصمت ، ولا تتحدث لأنك في حضرة أكثر كائنات الأرض شراسة واستعلاء وشراهة للأعمار وللدماء وللسنين ، اصمت فقد تلبث في السجن بضع سنين.
العدل يا وطني فيك قد غاب ، والحق سراب ، لا ضمائر تتألم علي ظلم أبرياء ، ولا عيون تبكيهم غير الثكالى والأيتام ، والكون يسير هاهنا منتظمًا في مساره وكأن العدل وقود السير.
ألمٌ يلف جوانح الوطن الذبيح ، وقلبه بالهموم مثقلٌ ، ووجهه تسربل بالسواد ، وفعلت العبَّرات في خده أنفاقًا ، وما عاد يبهجه إلا ذلك الحلم الذي يصبو إليه بالتحرر ، وبالرحيل من أودية الظالمين الضيقة ومحاصرتهم لنا فيها ، إلي فضاء العدل الذي تستحيل معه الظلمات إلي نور يشرق في النفوس وفي الآفاق .
وطني يئنُّ من وطأة الطغاة الظالمين ، ينزوي في ذلكم الركن البعيد ، يخشي ظلمهم ، ما عاد يألف الاغتصاب ، تهتكت أحشاءه ، لكنه لا زال مفروشًا لهم ، يعرف خلاص نفسه ، لكنه يخشي عواقب المغامرة.
أَلِفَ الحياة بغير سروالٍ ، يخشي ارتداء إزاره ، لأن الحوادث علمته أنه سرعان ما يرتديه سرعان ما يأتي البغاة ويأمروه أن اخلعه.
هل تتركوه نهيبة ؟
هل تتركوه سبية يعلوها كل مدجج ؟
هل تتركوا الأرض العفيفة تُغتصب ؟
هل ستتركوا هذا الخراب المستعر يحرق كل مقدراتنا ويمزق سراويل الوطن ، هل نفتقد في أوطاننا رجالًا كــ عمـــــر... الذي إذا غاب غاب العدل معه.
أضف تعليقك