• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بين الخامس عشر من نوفمبر 1917م، وإعلان تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية قبل أيام افتخار بلادها بذلك الوعد، مسيرة مئة عام علي أبشع احتلال كابده شعب وأسوأ كارثة استعمارية ابتليت بها أرض. 

ففي هذا اليوم قبل مائة عام وجه #آرثر_جيمس_بلفور وزير الخارجية البريطاني والناطق باسم الحكومة - في ذلك الوقت - إلي يهود العالم عبر رجل الأعمال اليهودي وولتردي #روتشيلد، هذه البرقية: (عزيزي اللورد روتشيلد: يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته :" إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية")... وأصبح ذلك القرار منذ صدوره يعرف بـ" وعد بلفور " ويتضمن التزام الحكومة البريطانية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، "وعد ممن لا يملك لمن لا يستحق".
هذا الوعد لم يصدر عن مشاعر عاطفية من ملكة بريطانيا نحو اليهود، وإنما جاء في إطار مشروع استعماري كبير للمنطقة، امتد منذ حملات #نابليون_بونابرت ونداءه الشهير لليهود عام 1799م بوطن قومي لهم في فلسطين  ( أيها الإسرائيليون انهضوا، فهذه هي اللحظة المناسبة... إن فرنسا تقدم لكم يدها الآن حاملةً إرث إسرائيل، سارعوا للمطالبة باستعادة مكانتكم بين شعوب العالم ).

فقد خرج هذا النداء من نابليون صاحب أكبر إمبراطورية - في ذلك الوقت - في لحظة حرجة واجه فيها الهزيمة عند أسوار عكا ، فسعي لاستجلاب دعم يهود العالم خاصة في أوروبا وروسيا لدعم حملته العسكرية وإنقاذها من الفشل . لكن بعد هزيمة جيوش نابليون في معركة "واترلو "  في18 يونيو عام 1815 م  قرب بروكسل وسقوط الإمبراطورية الفرنسية ، تولت الإمبراطورية البريطانية قيادة العالم في عهد رئيس الوزراء البريطاني بالمرستون الذي تبني مشروع الوطن القومي لليهود في فلسطين ، وكان وعد بلفور يمثل امتدادا لذلك المشروع الاستعماري الغربي في المنطقة العربية (المفاوضات السرية بين العرب و إسرائيل جـ1 ـ بتصرف ـ محمد حسنين هيكل).
إذا.. هذه المساعي من أكبر إمبراطورية تحكم العالم ( فرنسا ثم بريطانيا ثم اليوم أمريكا) لإقامة وطن لليهود في فلسطين وعلي حساب شعبها ثم التمكين لهم في كل فلسطين هي وليدة أطماع استعمارية، وتجسد أبشع صور الاستعمار ، لأنها قامت علي سرقة وطن وتشريد شعب ومحاولة إبادته خلال قرن من الزمان وهي ليست وليدة مشاعر إنسانية علي الإطلاق .

وبعد مئة عام تبين أن الهدف لم يكن إقامة وطن لليهود علي جزء من أرض فلسطين ولا حتى تقسيم فلسطين الذي تجلي في قرار التقسيم رقم ( 181) الصادر من الأمم المتحدة عام 1948م ، مانحاً للصهاينة الغاصبين معظم الأرض، ومتفضلاً على أصحابها بالفتات من أرضهم. وقد ثبت أن الهدف كان التهام كل فلسطين، وسيظل ذلك القرار مثالا علي امتداد التاريخ يؤكد أن الوحش الاستعماري يفرض بجبروته ما يريد، ويخضع بقية العالم لمخططاته، ويوظف الأمم المتحدة خادماً لمشاريعه كـ «حامل أختام" باسم الشرعية الدولية.

وعد" بلفور" يجسد مرحلة غرس المستعمر الصهيوني الجديد بالجسد العربي المسلم في فلسطين، ويشهد التاريخ أنها كانت عملية زراعة صعبة وأشد إيلاماً، فقد نالت من الجسد الفلسطيني، وخضوع من الطرف العربي؛ بل وبتواطؤ من البعض .
ويشهد تاريخ القضية أن عملية غرس المستعمر الصهيوني في قلب الجسد العربي فعلت به الأفاعيل حتى أثخنته بالجراح، نهبا للأرض، وإنزالا للعقاب بأهلها.. ذبحاً وقتلاً وتشريداً وتدميراً على أيدي وأعين بريطانيا العظمى، وبرضا من العالم الغربي أجمع، وتشهد الأرقام والوثائق ارتكاب الصهاينة أكثر من مائتين وخمسين مجزرة منذ العام 1937م حتى الحرب الأخيرة علي غزة ( 8 يوليو 2014م ) ، ومازالت آلة الاغتصاب تواصل التهام الأرض وتمزيقها، وحشر ما تبقى من الشعب داخل كنتونات الجدار الإجرامي العازل في الضفة الغربية مع أكثر من 500 حاجز عسكري، إضافة لحصار حديدي حوّل «غزة» إلى (سجن كبير) لم يتم فكه ولا تخفيفه حتى اليوم .

ومن هنا فإن إعلان رئيسة الوزراء البريطانية #تيريزا_ماي في ردها علي أسئلة أعضاء مجلس العموم البريطاني ( 25أكتوبر 2017م ) أن بريطانيا ستحتفل  بالذكرى المئوية لصدور "وعد بلفور"، وقولها : "إننا نشعر بالفخر من الدور الذي لعبناه في إقامة دولة إسرائيل، ونحن بالتأكيد سنحتفل بهذه الذكرى المئوية بفخر "! 

وهكذا .. بينما تفتخر بإهداء فلسطين للصهاينة ولا تكترث بتشريد شعبها ووقوعه تحت المجازر الصهيونية .. فهي هي التي لم تتردد عن الإعلان في أول خطاب لها في يوليو 2016 م بعد توليها رئاسة الحكومة، أنها لا تمانع - في سبيل الحفاظ علي بلادها ( بريطانيا ) - من الموافقة على ضربة نووية قد تؤدي إلى مقتل مئة ألف شخص مدني من الأطفال والنساء والرجال الأبرياء!.مؤكدة أن أعداء بريطانيا لا بد أن يعلموا أنها مستعدة لاستخدام السلاح النووي إذا ما تعرضت لأي تهديد.
إنه تاريخ استعماري متوحش، مازال ينزف بالدماء..!

أضف تعليقك