• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

الإسلام دين الوسطية والاعتدال، والوسطية إحدى خصائصه العامة، وإحدى المعالم الأساسية التي ميز الله بها الأمة المحمدية عن غيرها من الأمم، وبهذه الميزة استحقت أمة الإسلام، أن تكون شهيدة على الناس من حيث لا تشهد عليها أمة أخرى، كما قال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا…) البقرة 143.

فالإسلام توجه وسطي بين المادة والروح بحيث لا يغلب أحدهما على الآخر، ووسطية بين القوة واللين، قوة تستخدم لتحقيق العدل, ولين ليس معه ميوعة.

لكن مصطلح الإسلام الوسطي، مصطلح دخيل, ليس له أصل شرعي، وهو من اختراع علماء السلطة وعملاء الشرطة، الذين يسعون لتمييع الدين لإرضاء الحكام الطواغيت العملاء، فالإسلام هو الإسلام ليس هناك وسطي، أو متشدد؛ منهج رباني كامل، أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وأمره بتبليغه.

أما أتباع الإسلام الوسطى، فيروجون لتقديم نموذج جديد، يرتدي لباس الإسلام باطلا، ينادي بكونه الوسطية التي أمر بها الله في مواجهة التشدد، وبذلك يتم إباحة العديد من المحرمات باسم البعد عن التزمت والتشدد، وتقييد العديد من الأوامر الإلهية باسم المصلحة، حتى صار مصطلح الإسلام الوسطى يعنى إباحة الاختلاط والعري والرقص واللهو والغناء.


 وأخيراً ظهر مصطلح الإسلام الوسطي فى المملكة العربية السعودية، على يد محمد بن سلمان؛ ولى العهد الذى اعتقل العلماء وزج بهم فى السجون والمعتقلات، وزار دولة الكيان الصهيونى سرًا كما أشيع، ويسعى للقيام بحملة تغييرات واسعة في المملكة على المستوى الاجتماعي، من أبرزها، السماح للمرأة بقيادة السيارة، بعد أن كان ممنوعاً، وإنشاء هيئة الترفيه، إضافة إلى تهميش دور “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، كما صرح أخيراً في منتدى “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض، بأن السعودية ستعيش حياة طبيعية، وأنه لن يسمح بأن تضيع 30 سنة مقبلة من حياة الشعب بسبب الأفكار المتطرفة، وأن “70% من الشعب السعودي هو أقل من 30 سنة وبكل صراحة، لن نضيع 30 سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع أفكار متطرفة، سوف ندمرهم اليوم وفورا، وسننشر الإسلام الوسطي المنفتح على العالم وجميع الأديان، وأننا نسعى لمكافحة الأفكار المتشددة، ونريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة”، وقال إن “الأفكار المدمرة، بدأت تدخل السعودية في عام 1979، في إطار مشروع صحوة دينية تزامنا مع قيام الثورة الإسلامية في إيران  1979, الذى اعتبره عاما مرجعياً بالنسبة للسعودية، بعد وصول الخميني إلى الحكم، وهو أيضاً عام حادث الحرم المكي في 20 نوفمبر 1979، حينما سيطرت مجموعة من المتطرفين على الحرم المكي بقيادة “جهيمان العتيبي”، الذى كان يعمل موظفاً فى الحرس الوطنى السعودى، ومحمد بن عبد الله القحطاني، أحد تلامذة الشيخ عبد العزيز بن باز، وشقيق زوجة جهيمان العتيبي، حيث أعلن أمام المصلين خروج  المهدى المنتظر, مجدد هذا الدين، وقام جهيمان وأتباعه بمبايعة “المهدي المنتظر”؛ محمد بن عبد الله القحطاني، وطلب من جموع المصلين مبايعته، وقد أوصدت أبواب المسجد الحرام، ووجد المصلّون أنفسهم محاصرين داخل المسجد الحرام، واستطاعت بعدها القوات دخول الحرم المكي وتخليصه من جماعة جهيمان، وسقط على إثر ذلك الكثير من القتلى ومن بينهم محمد القحطاني نفسه.

وهو نفس العام  الذى شهد بداية الحرب الأفغانية السوفيتية، التي مثلت ذروة دعم السعودية للمجاهدين الأفغان، والمجاهدين العرب، بتوجيهات صريحة من الولايات المتحدة للسعى لتفتيت الإتحاد السوفيتى.

فهل يعلم بن سلمان أن تاريخ المملكة، والتراث العقدي والفكرى قبل 1979 لايمت للإعتدال والوسطية بأى صلة؟, وأن والتشدد الوهابي هو الذى جاء بآل سعود إلى الحكم، بناءً على التحالف الذى نشأ بين محمد بن سعود حاكم الدرعية، والشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ هذا الاتفاق الذي لا يزال ساريا حتى اليوم، والذى نص على أن يقترن مشروع بن سعود التوسعي في الجزيرة العربية بنشر الفكر الوهابي السلفي،

وهذا يعني ببساطة أن الدولة السعودية ارتبطت منذ ولادتها بالفكر الوهابي السلفي الذى يزعم بن سلمان اليوم، أنه يحاربه للعودة للإسلام الوسطى، بالحفلات المختلطة، ومشروع نيوم، والترفيه والسياحة والحفلات الغنائية!

وقد تلقف الليبراليون خطاب بن سلمان، وطيروه كل مطار، فقال قائلهم: سوف ندمر كل الأفكار المتطرفة، خطاب مهم وصريح، وفي توقيته المناسب، وقال آخر:

انتهت ما تسمى الصحوة، التي لم تعمل من أجل الوطن، بل لأغراض حزبية أجندتها الظلام، نحن شعب يرمي خلفه التشدد والتطرف، ويرسخ قيم التسامح والتحضر.

وقالت ثالثة: هل تعلمون ما هي أكبر سرقة تاريخية مررنا بها؟ إنها سرقة عقولنا “بالصحوة” غير المباركة!

واعتبره أحدهم حديثا قويا، ورسالة سياسية وصريحة واعتبر أن مواكبة التنمية توجب عدم مداهنة التطرف و”سندمر التطرف بالعلم والاقتصاد والتنمية،لا يمكن مداهنة التطرف واللحاق بركب التنمية، إما هذا أو ذاك”. وقال آخر: “على الصحويين بعد انهيار أحلامهم، الرحيل إلى تورا بورا عند طالبان، أو إلى قطر عند التفخ وولده، فلم يعد لهم فى بلادنا مكان، ولاقيمة ولامستقبل”!

لذلك يمكننا القول بأن الإسلام الوسطي، هو العلمانية التي بشر بها العتيبة؛ سفير الإمارات في واشنطن قبل أسابيع، وهو التطبيع مع الصهاينة, واستبعاد أكثر من ألفي إمام وخطيب، والتنكيل بكل من لم يبارك الإسلام الوسطي الجميل

أضف تعليقك